السبت، 15 أكتوبر 2016

التعليم والتنوير طريق إلى السلام والإبداع


طشقند، 15/10/2016، أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "التعليم والتنوير طريق إلى السلام والإبداع" نشر الموقع الإلكتروني المصري "أقلام وكتب" يوم 14/10/2016 مقالة كتبها: د. أحمد عبده طرابيك، وجاء فيها:

تستضيف طشقند، أعمال الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، يومي 18، 19 أكتوبر 2016، والتي تأتي في ظل ظروف حساسة تمر بها الكثير من الدول الأعضاء في المنظمة، لذلك فقد وضعت أوزبكستان شعاراً لتلك الدورة يحمل عنوان "التعليم والتنوير : طريق إلى السلام والإبداع"، وذلك إيماناً بأهمية التعليم باعتباره السبيل الوحيد للتقدم والرقي ومحاربة التطرف والإرهاب.
تتولي أوزبكستان رئاسة مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، وهي تتطلع إلي تحقيق الشعار الذي أعلنت عنه، في ظل تلك المرحلة الهامة في تاريخ المنظمة، التي تواجه خلالها الكثير من التحديات علي كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإنسانية، ولذلك فإن شعوب العالم الإسلامي تعول كثيراً علي أوزبكستان من أجل التخفيف من حدة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي.
من المقرر أن يتم خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي أن يطلق السيد عبد العزيز كميلوف، وزير خارجية أوزبكستان بمشاركة وزراء خارجية دول المنظمة المشاركين "مركز منظمة التعاون الإسلامي للحوار والسلام والتفاهم" بشكل رسمي، حيث من المقرر أن يعمل ذلك المركز علي الدعوة إلي نشر ثقافة الحوار كما جاءت بها الشريعة الإسلامية السمحاء ، وتجلت في قوله تعالي "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (الآية 125 ، سورة النحل)، وتعول أوزبكستان علي هذا المركز أن يكون جسراً بين الحضارات والثقافات، ومنصة للحوار بين الجماعات والمذهب الإسلامية من ناحية ، وبين منظمة التعاون الإسلامي والديانات الأخري من جهة ثانية.
يأتي الشأن الفلسطيني دائما في مقدمة اهتمامات منظمة التعاون الإسلامي، خاصة بعد قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" الذي ينكر أي علاقة تاريخية بين الشعب اليهودي والأماكن المقدسة في القدس، وإن كان ذلك القرار يتسق مع القرارات الدولية وخاصة قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي تقر بأن القدس الشرقية هي مناطق محتلة من قبل إسرائيل عام 1967، ولكن يأتي قرار اليونسكو لإعادة التأكيد علي عروبة وإسلامية الأماكن المقدسة في القدس، في ظل الوضع الذي تتمرد فيه علي الشرعية الدولية، وتعتبر نفسها فوق كل القوانين والمواثيق الدولية، كما يوجه قرار اليونسكو رسالة هامة لإسرائيل بضرورة إنهاء احتلالها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية بمقدساتها المسيحية والإسلامية، وإنهاء سياستها التي لا تسام سوى في استمرار أجواء التوتر في المنطقة، والتي يرفضها المجتمع الدولي، ومن ثم يأتي دور منظمة التعاون الإسلامي لاستثمار المحافل المؤيدة للحقوق الفلسطينية المشروعة والبناء عليها حتي تحقيق الهدف الأسمي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
الوضع في سوريا في ظل تحول البلاد إلي مسرح حرب بالإنابة بين الولايات المتحدة وروسيا ومشاركة العديد من الأطراف الإقليمية يستحوذ علي اهتمامات منظمة التعاون الإسلامي منذ تفجر الوضع في سورية قبل خمس سنوات، خاصة مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين بصورة غير مسبوقة، وأصبح الترحيب بهم في دول الجوار، وفي الدول الأوروبية عبئاً ثقيلاً، في ظل انسداد الأفق في إيجاد تسوية قريبة لتلك الحرب الأهلية التي قضت علي الأخضر في البلاد، وباتت الأزمة السورية تؤتي بنتائج سلبية كبيرة علي دول الجوار، وامتدت نيرانها إلي أبد من ذلك بكثير، بعد أن أصبحت حاضنة للكثير من الجماعات الإرهابية المتطرفة.
لا يقل الوضع في كل من اليمن وليبيا أهمية عن الوضع في سورية، حيث دمرت الحروب الأهلية الطاحنة في البلدين البنية الأسياسية، وشلت معظم مرافق الحياة، إلي جانب ما خلفته تلك الصراعات إلي آلاف القتلي والجرحي، ومن ثم فإن اندمال الجراح في كلا البلدين يحتاج إلي جهد كبير من أجل عودة الوحدة إلي أبناء الشعبين اليمني والليبي، ولكن قبل كل ذلك، يحتاج البلدان إلي كثير من الجهود من أجل وقف نزيف الدماء، وعودة الأطراف المتصارعة إلي الحوار واعتباره السبيل الوحيد لتسوية كل المشاكل علي السلطة في ليبيا واليمن، ولذلك فإن دور منظمة التعاون الإسلامي لا يقل أهمية في تسوية الحرب الأهلية في كلا البلدين العضوين في المنظمة.
الوضع في كل من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وكشمير، وقره باغ، وغيرها من القضايا التي تخص الدول الأعضاء بالمنظمة، من القضايا الهامة علي أجندة الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، إلي جانب قضايا الجماعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، خاصة ميانمار.
أصبحت قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف ونزع السلاح والتصدي للإسلاموفوبيا، قضايا أساسية علي جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تنامي ظاهرة التطرف بشكل يهدد وحدة الأمة الإسلامية، وانتشار الإسلاموفوبيا في الغرب بدرجة غير مسبوقة، بعد وصول الأحزاب اليمينة المتشددة في الغرب إلي السلطة في عدد من الدول الغربية، وتنامي ظاهرة الحرب علي الإسلام، وإلصاق تهمة الإرهاب إلي المسلمين، والتي أصبحت كلمة كلمة "مسلم" تعني "إرهابي" في مفاهيم كثير من المتشددين في أوروبا والولايات المتحدة والدول الغربية بصفة، الأمر الذي يؤكد علي ضرورة تصيح تلك الصورة الخاطئة عن الإسلام من خلال الحوار ونشر ثقافة التسامح، وهذا ما يمكن أن يقوم به "مركز منظمة التعاون الإسلامي للحوار والسلام والتفاهم".
خلال الاجتماعات التحضيرية لأعمال مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، والتي عقدت بمقر الأمانة العامة للمنظمة بمدينة جدة بمشاركة وزير خارجية أوزبكستان عبد العزيز كميلوف، كان قد تم الاتفاق علي عدد من القرارات الخاصة بالشؤون السياسية والإنسانية والاقتصادية وبرنامج منظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025، إضافة إلى الشؤون القانونية والتأسيسية وقضايا الإعلام والعلوم والتكنولوجيا والمعلوماتية والشؤون الثقافية والاجتماعية والأسرة والحوار والتواصل، وكل هذه القرارات سوف تضاف إلي القرارات التي تصدر في ختام على أن يصدر في ختام أعمال مجلس وزراء الخارجية، وكل هذه القرارات التي تعرف باسم "إعلان طشقند"، سوف تكون برنامج عمل أوزبكستان خلال فترة رئاستها لمجلس وزراء الخارجية بمنظمة التعاون الإسلامي، التي تسعي إلي وضع كل هذه القضايا في اهتماماتها، ولذلك دعت أوزبكستان وزراء الخارجية بالمنظمة إلي عقد جلسة لشحذ الأفكار والهمم بعنوان "زيادة الفرص وتعزيز القدرات الإبداعية للأجيال الشابة"، حيث تعول أوزبكستان علي جيل الشباب في تحمل مسئوليات الأمة والنهوض بها بما يحقق للعالم الإسلامي طموحاته في السلام والاستقررا والتنمية والإزدهار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق