الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

آمال وطموحات العالم الإسلامي


طشقند، 19/10/2016، أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "آمال وطموحات العالم الإسلامي" نشر موقع "أقلام وكتب" الإلكتروني المصري يوم 19/10/2016 مقالة كتبها: د. أحمد عبده طرابيك، وجاء فيها:


عبرت كلمة رئيس جمهورية أوزبكستان المؤقت عزيز ميرزايف في افتتاح أعمال الدورة الثالثة والأربعين لوزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، بشكل دقيق عن هموم وآلام شعوب العالم الإسلامي وكيفية تحقيق آمال وطموحات هذه الشعوب، فقد لخص مشكلات العالم الإسلامي والتي يعاني منها معظم الشعوب في مختلف الدول الأعضاء بالمنظمة، في ستة عناصر محددة علي النحو التالي:
أولاً : تزايد بشكل كبير ومستمر دور العلم في رفع مستوى المعيشة لسكان الدول وزيادة قوتها، ومن ثم تأتي أهمية الدراسة العميقة والشاملة لأعمال العلماء المسلمين الأوائل، والتي أسهمت بشكل كبير في إثراء وتطوير الحضارة الإنسانية، وهذا أمر مهم لتنشئة الأجيال علي حب العلم وحثهم علي الاقبال عليه لضمان الفهم السليم وقبول القيم والثقافة الإسلامية المعتدلة، وتوضيح جوهر الإسلام لدي جميع شعوب العالم، كما للعلم أهمية خاصة لإقامة حوار بين الأديان والأمم والثقافات على المستوى الدولي لتحقيق السلام والاستقرار.
ثانياً: يستحيل علي شعوب العالم الإسلامي تحقيق أي تقدم اجتماعي واقتصادي بشكل مستدام دون تنمية مبتكرة، وإقامة تعاون علمي وتقني، وإدخال تقنيات حديثة، ولذلك كان الاقتراح الذي قدمته أوزبكستان بتعزيز التعاون في مجال العلوم والتقنية المتقدمة، والاهتمام بالتبادل العلمي والتقني، وإجراء بحوث مشتركة في مختلف المجالات في إطار منظمة التعاون الإسلامي، من الأمور الهامة لخروج العالم الإسلامي من ازماته ومشكلاته الاقتصادية والاجتماعية.
ثالثاً: أصبحت التهديدات الأمنية خطراً يهدد الجميع، ولذلك فقد وضعت أوزبكستان رؤية لمواجهة تلك الأخطار من خلال نبذ الخلافات بين الدول الأعضاء، وتهيئة الأجواء للتعاون بدل الخلاف والتناحر، وتضافر الجهود ووحد الصف الإسلامي لمواجهة تلك الأخطار التي تهدد السلام والاستقرار، ويكون الحوار والتفاوض السلمي هو السبيل الوحيد لتسوية وحل النزاعات وفق قواعد القانون الدولي، باستخدام الآليات القانونية والسياسية الدولية.
رابعاً: في المجال الاقتصادي دعت رؤية أوزبكستان إلي تعزيز سياسة الاستخدام الأمثل للموارد، وتوسيع نطاق التجارة الدولية، والتعاون الاقتصادي وتبادل الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وإنشاء ممرات النقل التي تربط الدول الأعضاء، وإعطاء الفرصة لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يحقق التقدم والازدهار لشعوب العالم الإسلامي، خاصة في ظل امتلاك أغلب الدول الأعضاء إمكانات وموارد اقتصادية واستثمارية هائلة، ومن شأن ذلك أن يعمل علي تعزيز آليات التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مع دول العالم الأخري.
خامساً: جاءت مبادرة أوزبكستان بإنشاء مركز للبحوث العلمية الدولية، باسم "المركز الدولي لبحوث الإمام البخاري في سمرقند" تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي، بهدف دراسة التراث الديني والروحي الذي تركه الأسلاف العظام، والذي أسهم إسهاماً كبيراً في إثراء ليس الثقافة والحضارة الإسلامية وحسب، ولكن أيضا في الحضارة العالمية، حيث أن إنشاء ذلك المركز في مجمع الإمام البخاري في سمرقند سيحقق الكثير من الفوائد نظراً لأن سمرقند لها مكانة هامة في الحضارة العالمية باعتبارها واحدة أهم حواضر الثقافة الإسلامية، إلي جانب توافر المناخ الأخلاقي والروحي الفريد في هذا المكان، حيث يقع ضريح الإمام البخاري.
كما تتيح فرصة إنشاء فرع للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" في جامعة طشقند الإسلامية، لدراسة التراث الحضاري الكبير للعالم الإسلامي الذي تحتضنه أوزبكستان، إلي جانب تعزيز علاقات التعاون في مجال السياحة الإنسانية والعلمية وغيرها من المجالات، كما أعلنت أوزبكستان نيتها في تبسيط الإجراءات المتعلقة بسفر السياح وممثلي الدول الأعضاء في المنظمة إلي أوزبكستان بهدف إتاحة الفرصة لكافة شعوب العالم الإسلامي الإطلاع علي التراث الإسلامي الكبير الموجود لديها ودراسته بما يعزز التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة في مجالات البحث العلمي تنشيط حركة السياحة والتجارة بين الدول الأعضاء.
سادساً: الأخطار الناتجة عن انتشار أسلحة الدمار الشامل، والتي تعد واحدة من أكثر القضايا الملحة في الوقت الحاضر، خاصة أن أوزبكستان بعد الاستقلال كانت سباقة في هذا المجال، وذلك عندما أعلنت في عام 1993 عن مبادرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى، وقد وجدت تلك المبادرة تجسيدا عمليا عندما وقعت أوزبكستان ودول الجوار عام 2006 علي معاهدة جعل منطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية، فضلا عن بروتوكول بشأن الضمانات التي وقعتها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن عام 2014، ولذلك فإن دعم أوزبكستان لجعل الشرق الأوسط خال من الأسلحة النووية يعد من الأمور الهامة فهي ليست لها مصالح في ذلك سوي تحقيق السلام والاستقرار في منطقة هامة من العالم.
كانت أوزبكستان موفقة في اختيارها شعار "التعليم والتنوير - الطريق إلى السلام والإبداع" موفقاً نظراً لأهمية التعليم والتبحر في مختلف العلوم في تهيئة الظروف المناسبة للتنمية والابداع، وتحقيق السلام والاستقرار، وكما عبر رئيس جمهورية أوزبكستان في كلمته في افتتاح أعمال مؤتمر وزراء الخارجية في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي "عيش وتعلم" فذلك تعبير اختصر الكثير من الحديث عن كيفية تقدم العالم الإسلامي ونهضته.
وليس بشئ غريب علي بلد خرج منه الإمام البخاري والترمذي، والزمخشري، والقفال الشاشي، وبهاء الدين نقشبند، وبرهان الدين ميرغناني، وأبو الريحان البيروني، وميرزا أولغ بك، ومحمد الخوارزمي، وأحمد الفراغاني، الذي سطروا حروفهم من نور في سجلات الحضارة الإسلامية والإنسانية، ليس بغريب علي تلك البقعة من العالم أن ترعي مبادرة قائمة علي الدعوة إلي الاهتمام بالتعليم باعتباره أساس نهضة الأمم وتقدمها وازدهارها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق