الأحد، 14 أغسطس 2016

التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان منذ الاستقلال


تحت عنوان "التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان منذ الاستقلال" نشر موقع "أقلام وكتب" الإلكتروني المصري يوم 14/8/2016 مقالة كتبها: الدكتور أحمد عبد طرابيك، من جامعة القاهرة. وجاء فيها:


اختارت أوزبكستان مساراً للتنمية منذ استقلالها، بما يتناسب مع امكانيات البلاد ومواردها الطبيعية والبشرية، والظروف التي تمر بها خلال فترة التحول الاقتصادي من النظام الاشتراكي إلي اقتصاد السوق والانفتاح علي العالم الخارجي، وكذلك بما يتوافق مع قيم وتقاليد شعب أوزبكستان الاجتماعية والدينية والثقافية، وقد عُرف ذلك المسار في أوزبكستان باسم "النموذج الأوزبكي للتنمية"، والذي سرعان ما أصبح معروفاً علي مستوي العالم الخارجي بهذا الاسم، حيث أصبح معلماً هاماً في تاريخ أوزبكستان المستقلة.
اعتمد النموذج الأوبكي للتنمية علي عدد من العمليات المتتابعة والمتواصلة علي نطاق واسع شمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وكان يهدف في البداية إلي تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي، خلال السنوات الأولي من الاستقلال، فيما كانت البلاد تمر بمرحلة جديدة في تاريخها الوطني الحديث.
إن قاعدة النموذج الوطنى للإصلاح والتنمية، التى وضعها قائد الدولة إسلام كريموف، آخذاً فى الاعتبار بالقدرات الاجتماعية - الاقتصادية للبلاد، وتاريخ الدولة التى أقامها شعب أوزبكستان، والقيم القومية والخبرات الدولية، ترتكز إلى خمسة مبادئ جوهرية للانتقال إلى اقتصاد السوق الحر الموجه اجتماعيا:
المبدأ الأول: أولوية الاقتصاد عن السياسة، والتى تعنى أن الاصلاحات الاقتصادية ينبغى أن تتحرر من كافة المسلمات الجامدة والاستراتيجيات التى عفا عليها الزمن، ولا ينبغى أن تخضع لأى من الأيديولوجيات.
المبدأ الثانى: الدولة هى القائم الرئيسى على الاصلاح، وعليها تحديد الأولويات الحيوية، واتجاهات الاصلاح ومراحله، ووضع البرامج الحكومية للتنمية وتجسيدها بالتالى على أرض الواقع.
المبدأ الثالث: سيادة القانون فى كافة مجالات الحياة فى المجتمع. ينبغى على الجميع دون استثناء، الالتزام بالدستور والقوانين التى يتم تطبيقها بالوسائل الديمقراطية.
المبدأ الرابع: انتهاج السياسة الاجتماعية القوية، مع تطبيق علاقات السوق فى الوقت نفسه، فمن الضرورى اتخاذ التدابير المؤثرة فى ضمان الحماية الاجتماعية المؤكدة للسكان، وخاصة الفئات محدودة الدخل، والأسر متعددة الأبناء، وذوى المعاشات.
المبدأ الخامس: يتحقق التحول إلى علاقات السوق من مرحلة لأخرى عبر الطريق الارتقائى، التدريجى المدروس، مع الأخذ فى الاعتبار الأوضاع الاقتصادية الموضوعية.
بفضل تحقيق أوزبكستان لنموذجها الخاص فى التحديث والنهضة للمجتمع، والذى حصل على اسم "النموذج الأوزبكى" للتنمية، وبالتحقيق المتواصل للاصلاحات الواسعة فى كافة المجالات والقطاعات عبر سنوات الاستقلال، فقد جرى التغيير الجذرى لهيكل الاقتصاد، وتم إيجاد القاعدة الواعدة لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام.
وخلال فترة تاريخية قصيرة من الزمن، ارتفع النمو الاقتصادى فى البلاد 5.5 مرة، وارتفع لأربع مرات حجم الناتج القومى المحلى للفرد الواحد من السكان عبر تلك الفترة، وكذلك من حيث القوة الشرائية، وهو اليوم يشكل حوالى سبعة آلاف دولار، وذلك فى ظل ارتفاع عدد السكان فى البلاد وتضاعفه لأكثر من مرتين. وبدءاً من عام 2005، تحقق الموازنة العامة للدولة فائضا يسمح لها بالمساهمة فى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى في البلاد.
إن النمو الاقتصادي المستدام والتوازن في المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسة، وخاصة خلال المرحلة الأكثر حدة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية، إنما يدل على كفاءة وفعالية الأولويات والمجالات الرئيسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فى أوزبكستان، فقد تجاوز بصورة مطردة حجم الاستثمارات التى تضخ سنويا بنسبة 23% من الناتج القومى المحلى، مما يتيح توفير القاعدة اللازمة للنمو الاقتصادى فى المستقبل.
تقوم أوزبكستان في الوقت الحالي بتصنيع نحو 60 % من حجم الانتاج الصناعي، وذلك من خلال المصانع التي تم إنشاءها بعد الاستقلال والتي تعتمد علي التقنيات الحديثة، والتى تقوم بإنتاج السلع القادرة على المنافسة فى الأسواق العالمية، وتتمتع بالقيمة المضافة المرتفعة، حيث حيث يتم انتاج تلك السلع على أساس الاستخدام والمعالجة العميقة لموارد المواد الخام المتاحة فى البلاد، لإنتاج السلع ذات القيمة المضافة الأكثر ارتفاعاً.
فقد تم الاهتمام بقطاع صناعة السيارات، وذلك بالتعاون مع رواد التقنية الحديثة فى ذلك القطاع، مثل "جنرال موتورز" فى صناعة سيارات الركاب الخفيفة، "إيسوزو" فى إنتاج الحافلات متوسطة الحجم وشاحنات النقل، "مان" في تصنيع المعدات الثقيلة، والتى تعكف فى الوقت الراهن على إعداد مشروع لإنتاج حافلات نقل الركاب الكبيرة.
وفى قطاع تصنيع الآلات الزراعية، يتم التعاون مع الشركات الكبري في العالم مثل "كلاس"، "كيس نيو هولاند"، "ليمكين"، حيث يتم إنتاج الجرارات الزراعية الحديثة، والمصاعد الهوائية، وماكينات جمع القطن، وغيرها من المعدات التقنية.
أما قطاع الالكترونيات فقد تم تحديث ذلك القطاع بشكل كبير بالتعاون مع الشركات العالمية مثل "إل جى"، "سامسونج"، "هانى ويل"، وتم إقامة خط الإنتاج التجارى لمجموعة واسعة من الأجهزة الألكترونية والكهربائية الحديثة، وبعد أن قامت شركة "موتورولا" بالدراسة التحليلية لأسواق بلدان رابطة الدول المستقلة، وقع اختيارها على أوزبكستان، باعتبارها القاعدة لإنتاج أجهزة المحمول الذكية "جوجل أندرويد.
فى إطار تحقيق البرامج الخاصة بتوفير الاكتفاء الذاتى من الطاقة وتنمية قطاع الصناعات التحويلية للنفط والغاز، وبالتعاون مع الشركات الأجنبية، تم بناء مصنع بخارى للصناعات التحويلية للنفط والغاز، ومجمعات شورتان وأوستور للغازات الكيميائية، ومصنع كونجراد للبستنة، ومصنع ديخكان آباد لأسمدة البوتاسيوم، وعدد آخر من المصانع ذات التقنية المتقدمة، وتتحقق بوتيرة سريعة حزمة البرامج الخاصة بالتحديث التقنى لتجديد أفرع الاقتصاد، والنهوض بفاعلية الانتاج، مما أسفر عن زيادة إنتاجية العمل فى الفترة من عام 2000 إلي عام 2015، نحو 2.3 مرة، كما أن إقامة صندوق إعادة الإعمار والتنمية فى أوزبكستان فى عام 2006، والذى بلغ رأس ماله فى الوقت الراهن 25 مليار دولار، يحتل مكانة هامة فى تنفيذ المشروعات الخاصة بالتطوير والتحديث التقني لمعدات القطاعات الأساسية للاقتصاد، وتنفيذ السياسات الهيكلية والاستثمارية الفعالة.
تمثل التأثير الدافع لانتهاج السياسة الصناعية، فى تنفيذ برنامج توطين إنتاج السلع المكتملة والمكونات والمنتجات اللازمة لها والمواد المكملة لإنتاجها ، وخلال الفترة من عام 2000 وحتى 2015، تم تنفيذ أكثر من 2.8 ألف مشروع، والتى تم فى إطارها إنتاج أكثر من 4.8 ألف نوع جديد من السلع، والتى كان يتم استيرادها من الخارج، وفى تلك المصانع الجديدة، تم توفير أكثر من 22.9 ألف فرصة عمل جديدة، وزاد حجم الانتاج المتوطن من السلع خلال تلك الفترة، لأكثر من 225 مرة، ويشكل اليوم نسبة 20% من حجم الانتاج الصناعى السلعى، كما يشكل أكثر من 6.2 مليار دولار بالنسبة إلى إحلال الواردات السنوية.
ارتفع حجم الانتاج الصناعى أكثر من 4.4 مرة، فحتى عام 1991، ساد الاقتصاد الزراعى البنية الهيكلية الاقتصادية لأوزبكستان، كما شكلت حصة الصناعة، التى سيطرت عليها قطاعات الزراعة الموجهة من حلج القطن وصناعة الجرارات الزراعية، نسبة تقارب 14%، أما الآن فقد ارتفع نصيب القطاعات الصناعية فى بنية الناتج القومى المحلى إلي 24% ن وخلال العشر سنوات الأخيرة شكل المتوسط السنوى للنمو الصناعى نسبة 9.3 % متجاوزا نمو الناتج القومى المحلى، وبفضل التنوع فى البنية الصناعية، تبدل الهيكل التصديرى لأوزبكستان بصورة واسعة، ففى أوائل التسعينات، اعتمد التصدير على القطن، الذى بلغ نصيبه 60% من حجم التصدير، أما الآن فتشكل السلع الصناعية التحويلية نسبة تقارب 80 % من حجم التصدير فى البلاد، ولا يتعدى نصيب القطن نسبة 6%، ويتم تصدير سلع الانتاج الأوزبكى إلى 160 دولة فى العالم.
ارتفع حجم حجم تصدير السلع من أوزبكستان لأكثر من 29 مرة خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة، وقد نجحت أوزبكستان فى الحفاظ على مؤشرها التجارى الإيجابى بصورة متواصلة ومستقرة، وقد تغير بصورة جذرية هيكل الإنتاج الزراعى. فالتنمية الأحادية فى الزراعة خلال فترة الاتحاد السوفيتى السابق، أدت إلى تدمير العلاقات الاقتصادية القائمة، مما أدى وقوع البلاد فعليا على شفير أزمة حادة فى المواد الغذائية خلال الأيام الأولى للاستقلال. وكان يتم استيراد السلع الغذائية الأساسية، بما فى ذلك الحبوب، والطحين، واللحوم، ومنتجات الألبان والسكر والزيت، ولحل مشكلة الغذاء عبر فترة قصيرة تم تقليص المساحات المزروعة بالقطن لمرتين، وزراعة المحاصيل الغذائية بدلاً منه، بما فى ذلك الحبوب والفواكه والخضروات والبطاطس والعنب ومحاصيل الأعلاف.
تمثل العامل المحورى المبدئى للإصلاح فى مجال الزراعة، فى التحول من التخطيط الإدارى ونظام التوزيع إلى نظام العلاقات التى يحكمها السوق، حيث تم نقل الأراضي الزراعية إلى دائرة المزارع الخاصة التى تم إنشاؤها حديثا مع تخصيص قطع الأراضى لهم على أساس عقد إيجار طويل الأمد، كما تم إقامة البنية الأساسية القوية للسوق، وتزويد أصحاب المزارع بجميع أنواع الخدمات اللازمة.
نتيجة لتكل الإجراءات ارتفع إنتاج الحبوب لأكثر من 7.5 مليون طن، بعد أن كان أقل من مليون طن، لتتحول البلاد إلى واحدة من البلدان المصدرة للقمح، كما زاد انتاج الفواكه والخضروات من 4 ملايين طن إلي حوالى 18.7 مليون طن، وتقلصت حصة القطن الكلية بنسبة 7.7 ٪ من حجم الناتج الإجمالى، فى حين بلغت حصة الحبوب حوالي 9 ٪، والفواكه والخضروات 32.4 ٪، بينما تتجاوز نسبة المنتجات الحيوانية أكثر من 40٪ من حجم الانتاج الزراعي والحيواني.
ارتفع خلال سنوات الاستقلال وبصورة كبيرة حجم وتشكيلة المنتجات الغذائية المصنعة. ففى عام 1990، اعتمد جزء كبير من احتياجات السكان للمنتجات الغذائية على الواردات، وفى الوقت الراهن، فإن نسبة 96٪ من المواد الاستهلاكية الغذائية يتم إنتاجها فى البلاد، من قِبل المصانع الوطنية، وخلال تلك السنوات، زاد 1.3 مرة استهلاك اللحوم للفرد الواحد، ومن الحليب ومنتجات الألبان - بنسبة 1.6 مرة، والخضروات بأكثر من مرتين، والفواكه - بما يقرب من أربع مرات.
تم تنفيذ مشاريع واسعة النطاق لتحديث وتطوير البنية التحتية للنقل، ففى إطار برنامج تطوير الطرق العامة، تم تشييد وترميم أكثر من 3000 كيلو مترا من الطرق خلال السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك 1.5 ألف كيلو مترا فى الأقسام التى يشملها الطريق السريع الوطنى الأوزبكى، كما يجرى التنفيذ للطريق الفريد من نوعه، الذى يلبى أعلى المعايير الدولية، ليعبر ممر كمشيك مع بناء نفقين به، يربطان وادى فرجان مع القسم الأوسط من البلاد.
جرى بناء خطوط السكك الحديدية الجديدة، بما في ذلك خط نافوى - أوتشكودوك - سلطان أويزداك، - نوكوس بطول 342 كيلو مترا، مع تحويلة علوية للخط ليعبر الجسر فوق نهر أموداريا، ويسير فى خط تاشجوزار - بويسون - نوكسوس، بطول 223 كيلو مترا، ويمر عبر ممر جبلى بارتفاع 1500 مترا فوق مستوى سطح البحر، مع مخرج يصل إلى الحدود الشمالية مع أفغانستان.
كما تم الانتهاء من تنفيذ كهربة خطوط السكك الحديدية طشقند - سمرقند بطول 345 كيلومترا، وطشقند - خوجيكيند بطول 66 كيلو مترا، وتوكيماشى - أنجرين، بطول - 114 كيلو مترا. وافتتاح خط قطارات الركاب فائقة السرعة سمرقند - كارشى، الأمر الذي جعل من الممكن القيام بتنظيم تسيير القطارات الكهربائية فائقة السرعة "أفروسياب" من طشقند الى قارشى. وفى شهر يونيو لعام 2016، تم استكمال البناء لخط السكة الحديد المكهرب الجديد أنجرين - باب، وذلك بطول 123 كيلو مترا، مع تشييد نفق بطول يتجاوز 19 كيلو مترا، وهو الأمر الذى يحتل أهمية كبيرة فى تطوير ممر النقل العابر للحدود.
يوجد فى أوزبكستان أكثر من عشرين ممراً دوليا عاملا للنقل، اثنان منها يتمثلان فى الطرق الدولية الرئيسة للسيارات التى تربط أوروبا الغربية مع بلدان شرق آسيا، وفى إطار تطوير وتحديث النقل الجوى فى أوزبكستان، تم إقامة المجمع الأحدث لصيانة الطائرات المصنعة فى الغرب، وإعادة تأهيل المطارات، وتحسين نظم الملاحة فوق كامل أراضى أوزبكستان، والتى جرى الاعتراف بها باعتبارها واحدة من أفضل نظم المراقبة للملاحة الجوية فى بلدان رابطة الدول المستقلة.
صنفت وكالة التصنيف الدولية "موديز" للعام الخامس علي التوالي، النظام المصرفى فى أوزبكستان فى مستوى "المستقر". وقد حصلت جميع البنوك التجارية على تصنيف متوقع "مستقر"، وذلك من قبل الشركات الرائدة في التصنيف العالمية: "ستاندرد آند بورز، موديز، فيتش"، وأصبحت الأعمال التجارية الصغيرة والشركات الخاصة، تمثل المحرك الأساسى للنمو الاقتصادى. فقبل سنوات الاستقلال كانت الأعمال التجارية الصغيرة تكاد تكون معدومة في البلاد، أما فى الوقت الحالى، فإن نسبة 56.7٪ من إجمالى الناتج المحلى تشكلها الأعمال التجارية الصغيرة، هناك أكثر من 90٪ من جميع الشركات تشكلها الأعمال التجارية الصغيرة. وقد ساهم فى توسيع نصيب وأهمية هذا القطاع في البلاد، التدابير المتخذة نحو الدعم الواسع لتطوير الشركات الصغيرة والمشروعات الخاصة، وتحسين بيئة الأعمال، وتطوير النظم الموثوق بها لحماية حقوق وضمانات الملكية الخاصة، والحد من العبء الضريبي.
نتيجة للتقليص المستمر للأعباء الضريبية، والتوسع فى القاعدة الضريبية وتحرير إدارة الضرائب، انخفض العبء الضريبى الكلى على الاقتصاد إلي 20 % بعد أن كان يقترب من 45٪، وانخفضت الضريبة الموحدة على المنشآت الصناعية الصغيرة لأكثر من 3 مرات، لتقل نسبتها من 15.2٪ إلى5٪، ويتم إعادة النظر فى الإطار القانونى المتعلق بالأنشطة التجارية. ففى السنوات الأربع الماضية، تم اعتماد أكثر من 15 قانونا، تهدف إلى النهوض بدور الملكية الخاصة وحمايتها، كما جرى إلغاء 186 اجراءا من اجراءات إصدار التصاريح والترخيص، وأكثر من 70 نموذجا من التقارير الإحصائية والضريبية.
تم التحويل الكامل لإجراءات تسليم التقارير الضريبية والإحصائية إلى النظام الألكترونى، وكذلك إجراءات التخليص الجمركى، كما تعمل الحكومة علي تطبيق تجربة نظام "الحكومة الألكترونية"، والذى سوف يتم الانتهاء منه بحلول عام 2020، وذلك استنادا إلى أفضل التجارب الدولية الرائدة فى هذا المجال، وترتكز الأهداف الرئيسة للمرحلة الجديدة من الإصلاح، فى تهيئة الظروف لجذب الاستثمارات الأجنبية على نحو واسع، والنهوض بكفاءة الشركات المساهمة، وضمان شفافيتها، وتطبيق الوسائل الحديثة فى إدارة الشركات، حيث تعمل بنجاح أكثر من خمسة آلاف شركة أسسها المستثمرون من أكثر من تسعين دولة.
نجحت أوزبكستان فى تهيئة الظروف لجذب رأس المال الأجنبى، من خلال مجموعة واسعة من التسهيلات والمزايا والامتيازات والضمانات، تتوافر للشركات الأجنبية التى تقوم بالاستثمار فى، فعند أى تغيير فى قانون الضرائب، تضمن الدولة للمستثمر الأجنبى خلال عشر سنوات أن يخضع لنفس القواعد والمعايير القائمة سابقاً.
أصبح قطاع الخدمات يمثل أكثر فروع الاقتصاد التى تتمتع بالحيوية وبوتيرة متسارعة من النمو، ففى أوائل التسعينات، بلغ نصيب قطاع الخدمات فى الاقتصاد حوالى 33 ٪، وقد ارتفعت في الراهن لتبلغ 54.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالى، إلي جانب ظهور أنواع جديدة وحديثة من الخدمات، مثل تقنية المعلومات الرقمية والاتصالات، وخدمات شبكات الهاتف المحمول، وخدمات برمجة الكمبيوتر، والاستشارات والخدمات القانونية، والخدمات العقارية والوساطة المالية، والعلاج الخاص والتأمين على السيارات، والأنواع الجديدة من الخدمات المالية، والخدمات المصرفية الإلكترونية، وغيرها.
تدخل أوزبكستان مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة للبلاد فى السنوات المقبلة، فمع بداية عام 2015، تم إعداد برنامج الإصلاح المستمر للتحولات الهيكلية وتنويع الاقتصاد خلال الفترة من عام 2015 إلي عام 2019 ، ونتيجة لذلك ، فقد ارتفعت حصة القطاع غير الحكومى فى الاقتصاد من النسبة الحالية وهى 82 ٪ إلى 86 ٪، والتى سوف تمثل حافزا قويا للزيادة الكبيرة فى القدرة الاقتصادية.
وفي قطاع الزراعة، فقد تم فى نهاية عام 2015، اعتماد برنامج التدابير الخاصة بتعزيز الإصلاح المتواصل والتنمية الزراعية للفترة الزمنية من عام 2016 إلي عام 2020، والذى يتناول التطور التدريجى لمساحة 170.5 ألف هكتار مزروعة بالقطن، وخمسين ألف هكتارا من المساحة المزروعة بمحاصيل الحبوب، وذلك على حساب الأراضى منخفضة الانتاجية، والتوسع فى زراعة الفاكهة والخضروات، والبذور الزيتية، ومحاصيل الأعلاف، وكذلك زيادة عدد رؤوس الماشية بنسبة 1.3 مرة، والأغنام والماعز بنسبة 1.2 مرة، والطيور بنسبة 1.5 مرة.
يهدف البرنامج المعتمد فى العام الحالى، لتطوير قطاع الخدمات خلال الفترة من عام 2016 إلي عام 2020، إلى ضمان نمو الخدمات بنسبة 1.8 مرة، مع الارتفاع بنسبته إلي 48.7 % فى الاقتصاد الوطنى، كما يتم العمل علي توفير حوالى مليون فرصة عمل جديدة، منها 60 % في المناطق الريفية، وبناء 12 ألف مسكن حديث فى المناطق الريفية، وتطوير البنية التحتية الريفية.
تم اعتماد برنامج الإعداد القومى واسع النطاق لإعداد الكوادر في عام 1997، والذى تأسس بهدف إعادة الهيكلة الجذرية للنظام التعليمى القائم عبر، وضمان التعليم المستمر، وربط النظام التعليمى بالتحولات الجارية فى المجتمع، ومتطلبات الاقتصاد ذى التنمية المطردة فى الأفراد المؤهلين تأهيلا عالياً، وتطبق أوزبكستان نظام التعليم العام المجانى الإلزامي لمدة اثنتى عشر عاماً، والذى يتناول بعد تسع سنوات من الدراسة فى المدارس التعليمة العامة، التعليم اللاحق لمدة ثلاث سنوات في الكليات المهنية المتخصصة والمدارس الأكاديمية، حيث يتلقى كل طالب التدريب المهنى لفترة من 2 - 3 سنوات طبقا للتخصصات المطلوبة فى سوق العمل، وفى إطار هذا البرنامج، فقد تم خلال تلك السنوات بناء أكثر من 1600 من الكليات المهنية الجديدة والمدارس الأكاديمية، المجهزة بوسائل التعليم الحديثة والمختبرات وأجهزة الحاسوب الآلى والمعدات الصناعية، كما جرى تنفيذ التدابير الجذرية للتحديث النوعى والمنهجى للعملية التعليمية.
كما تم تنفيذ البرنامج الخاص بمواصلة التطوير المستمر وتحسين تدريب المتخصصين من الشباب فى مجال التعليم العالى، وقد تضاعفت أعدادهم عبر السنوات الماضية مرتين، واليوم يوجد فى 68 من الجامعات والكليات أكثر من 260 ألف طالب. كما تم فى منظومة التعليم العالى الانتقال إلى المعيار الدولى فى التعليم العالى على مرحلتين، بما فى ذلك المرحلة الجامعية والدراسات العليا.
ومن اجل إعداد المهنيين الشباب وفقا لأعلى المعايير الدولية للتعليم في البلاد، تم إقامة فروع للجامعات الرائدة في أوروبا وآسيا، والتى تتمتع بالسمعة الدولية المرموقة، مثل جامعة وست منستر الدولية، ومعهد سنغافورة للتنمية الإدارية، وجامعة تورينو للعلوم التطبيقية، وجامعة إينخا الكورية فى مدينة طشقند، وعدد من الجامعات الروسية الرائدة.
وفي قطاع الرعاية الصحية، وبفضل السياسة التي تهدف إلى رفع المستوي الصحي وتوفير الرعاية للأمومة والطفولة، فقد تراجع معدلات وفيات الأطفال والأمهات بشكل كبير، حيث انخفض إجمالى معدلات وفيات الأطفال الرضع من 34.6 % فى عام 1990، إلى 10.8 % فى عام 2014، وانخفض معدل وفيات الأمهات من 3.65 إلي 19.1 لكل مائة ألف حالة ولادة حية.
تحظي قضايا الرعاية الاجتماعية باهتمام كبير في أوزبكستان، فقد ارتفعت النفقات السنوية لموازنة الدولة فى تلبية الاحتياجات الاجتماعية، بما فى ذلك الإجراءات الخاصة بتعزيز الضمانات المالية للمؤسسات الاجتماعية، وتحسين فعالية الدعم الاجتماعي للسكان، وازدادت من 31.5٪ فى عام 1990 إلى 59٪ طبقا لإحصاءات عام 2015، وبالإضافة إلى الأعمال واسعة النطاق في قطاع البناء والإعمار، وتجهيز المؤسسات التعليمية في البلاد بالمعدات الحديثة، يجرى الاهتمام الجاد لتعليم جيل الشباب، حيث تم تشييد وتجديد أكثر من 270 من المدارس الموسيقية والفنية للأطفال، و523 منشأة رياضية.
يشارك أكثر من 2 مليون طفل، منهم 840 ألف فتاة، فى مختلف أنواع الألعاب الرياضية، وفى ظل هذا الأمر ، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ازدادت نسبة عدد الأطفال المشاركين فى الألعاب الرياضية الذين تتراوح أعمارهم من 6 - 15 عاماً، لترتفع من 20.4 ٪ إلى 55.8 ٪.
تعكس المؤشرات الاجتماعية في قطاعات الصحة والتعليم والتربية البدنية والرياضية، وقطاع الخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية في قطاعات الاسكان والمرافق، تعكس المستوي الاقتصادي بشكل مباشر، الأمر الذي يدل علي مدي نجاح النموذج الأوزبكي للتنمية في تحقيق الأهداف المرجوة منه في التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ومن ثم تطور البلاد في كافة المجالات خلال ربع قرن هي عمر استقلال البلاد عام 1991، وهي فترة تعتبر قصيرة نسبياً في عمر الدول، ولذلك فإن حالة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي التي شهدتها أوزبكستان منذ الاستقلال تشير إلي مستقبل أكثر نمواً وازدهاراً لشعب أوزبكستان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق