الاثنين، 1 أغسطس 2016

تحديات منظمة التعاون الإسلامي


تحت عنوان "تحديات منظمة التعاون الإسلامي" نشر موقع "Eurasia Diary" الإلكتروني يوم 1/8/2016 مقالة كتبها: الكاتب والباحث المصري أحمد عبده طرابيك، وجاء فيها:


تستعد منظمة التعاون الإسلامي لعقد مؤتمرها الوزاري في دورته 43 RD لمجلس وزراء الخارجية الذي تستضيفه طشقند في أكتوبر 2016، من خلال اجتماعات الخبراء وكبار الموظفين التحضيري لهذا المؤتمر، والذي ترأسه عبد العزيز كاملوف وزير خارجية أوزبكستان خلال الفترة من 26 إلي 28 يوليو 2016، في مقر الأمانة العامة للمنظمة في مدينة جدة.
رؤية أوزبكستان لدور وأهمية منظمة التعاون الإسلامي في العالم المعاصر، والتي تشمل أولويات رئاستها المقبلة للمنظمة، باعتبارها عضواً فاعلاً في منظمة التعاون الإسلامي منذ عام 1996، تتمثل تلك الرؤية حول فهم العمليات الحيوية للعولمة والتحول العميق لنظم العلاقات الدولية والتي تؤدي إلى بروز تحديات أمنية جديدة وتهديدات كبيرة تواجه الدول الأعضاء في المنظمة، وفي تلك الظروف تبرز أهمية منظمة التعاون الإسلامي لتصبح أكثر أهمية في تعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين الثقافات والسلام والوفاق داخل العالم الإسلامي وبين ممثلي مختلف الديانات والشعوب، والحاجة الملحة لمثل هذه المبادئ في نشاط منظمة التعاون الإسلامي المتزايد والبحث عن الوسائل السلمية والسياسية -الدبلوماسية والوقائية لمعالجة الصراعات، فضلا عن التصدي لها في الوقت المناسب.
تمثل المحاولات المستمرة لإلصاق تهمة الإرهاب للدين الإسلامي أحد أهم التحديات التي تواجهها منظمة التعاون الإسلامي، خاصة مع تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، ومن ثم تبرز المهمة الأساسية لمنظمة التعاون الإسلامي في حماية القيم الإسلامية الحقيقية والثقافة الإسلامية، وإظهار الأهمية التاريخية والحضارية للدين الإسلامي، الذي يدعو للسلام والوئام، ويعمل علي نشر قيم التسامح والتنوير والإثراء الفكري.
عرض وزير خارجية أوزبكستان في افتتاح الاجتماعات التحضيرية القضايا الهامة التي تهم العالم الإسلامي، والتي يأتي في مقدمتها تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها منتدى فعال رفيع المستوى، ولذلك فقد اختارت أوزبكستان التركيز بشكل خاص على قضايا تعزيز الإمكانات الثقافية والإنسانية للمنظمة، ووضعت شعار لفترة رئاستها لها هو "التعليم والتنوير - الطريق نحو السلام والإبداع"، والذي يعكس بوضوح أولويات رئاسة أوزبكستان لمنظمة التعاون الإسلامي والتي تتلخص في خمس محاور علي النحو التالي:
أولاً: تنمية التعاون في المجالات الفكرية والعلمية والتقنية، وتعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي في تلك المجالات، خاصة في ظل المنافسة السياسية والاقتصادية والإنسانية الشرسة التي يشهدها العالم، وفي هذا السياق تأتي أهمية دراسة ونشر إنجازات الأجداد العظماء من مفكري العالم الإسلامي، الذين قدموا اسهامات لا تقدر بثمن لتطوير الحضارة العالمية، وعلى سبيل المثال، فإن أوزبكستان لديها تراث فريد من الثقافة الإسلامية تركتها شخصيات عظيمة خالدة كالإمام البخاري، والترمذي، والبيروني، والخوارزمي، والماتريدي، وغيرهم من الأسماء التي ليست معروفة في العالم الإسلامي وحسب، بل امتد علمهم إلي العالم بأسره. لذلك يجب دراسة وتعميم أعمال هؤلاء العلماء، والمساهمة في تطوير مختلف العلوم بهدف نشر القيم والثقافة الإسلامية الأصيلة بين الشعوب الإسلامية، وخاصة بين جيل الشباب، وتوضيح سماحة الإسلام وقيمه العالية على المسرح الدولي، من أجل ضمان التعايش المشترك في عالم يسودة الوفاق بين الجميع.
ثانياً: من المستحيل أن تخيل الإنسان حدوث تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة دون وجود تعاون علمي وتقني واسع يهدف إلى تبسيط إدخال التقنيات الحديثة والمبتكرة في مجالات التنمية المختلفة، ولذلك فإن قضايا تطوير العلوم والتقنية يجب أن تشغل حيزاً هاماً في جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامي.
ثالثاً: لا تزال المشكلات المتعلقة بالأمن مستمرة، وتلقي بظلال خطيرة علي الأمن والاستقرار، ومن ثم تشكل خطراً يعيق عملية التنمية في كل الدول الأعضاء بمظمة التعاون الإسلامي بشكل عام، ومن ثم تبرز أهمية معالجة الخلافات والمشاكل المتعلقة بالأمن وذلك لضمان وحدة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والقضاء على الخلافات فيما بينها وتوحيد جهودها في مكافحة أيديولوجيا الإرهاب والتطرف.
رابعاً: يمتلك العالم الإسلامي إمكانات اقتصادية واستثمارية كبيرة، فضلا عن موارده الهائلة من مصادر الطاقة التي تسمح بالحفاظ على معدلات عالية من التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ومن ثم تأتي أهمية ضرورة تحسين آليات التعاون وتوسيع العلاقات التجارية والاستثمارية، وتنمية العلاقات التي تنمي المنافع والمصالح المتبادلة في إطار منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك بين الدول الأعضاء في المنظمة ودول العالم المتقدمة.
خامساً:  مشكلة عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل هي واحدة من أكثر المشاكل التي يواجهها العالم في العصر الحديث، وقد انضمت أوزبكستان إلي معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وفي عام 1993 شُرع في إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى، وقد تم تنفيذ هذه المبادرة بتوقيع معاهدة جعل منطقة آسيا الوسطي خالية من الأسلحة النووية عام 2006 في أوزبكستان، إلي جانب بروتوكول الضمانات الذي وقعته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي عام 2014.
لقد أصبح كافة الدول والشعوب الإسلامية أكثر من أي وقت مضي في حاجة إلي تعزيز دور ومكانة ورفع سلطة منظمة التعاون الإسلامي في المجتمع الدولي، ولا يتحقق ذلك إلا من بتحقيق وحدة العالم الإسلامي، وتعميق التفاهم المتبادل والاحترام المتبادل، والاستعداد لتسوية واقعية لكافة المشكلات التي تعيق التضامن الإسلامي، حتي يصل الجميع إلي نقاط مشتركة، تحقق المصالح المتبادلة للجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق