الخميس، 29 مارس 2018

رئيس أوزبكستان يقول أن أتون الحرب فرضت على الأفغان ونهر أموداريا يرتبط تاريخيًا بهم

طشقند 29/3/2018 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "رئيس أوزبكستان: "أتون الحرب" فرض على الأفغان.. ونهر أموداريا يرتبط تاريخيًا بهم" نشرت "بوابة الأهرام الإلكترونية" يوم 29/3/2018 مقالة كتبها: محمود سعد دياب وجاء فيها:


شوكت ميرضيائيف رئيس أوزبكستان خلال إلقاء كلمته
 أكد شوكت ميرضيائيف رئيس جمهورية أوزبكستان، أن المؤتمر الذي استضافته عاصمة بلاده "طشقند" على مدار يومين لحل الأزمة الأفغانية، يأتي استمرارًا للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لإبرام مصالحة شاملة بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان، بهدف ضمان السلم والاستقرار في الدولة التي يؤثر انتشار الإرهاب فيها على مدار سنوات طويلة بشكل سلبي على الدول المجاورة.
وأضاف أن دعم أنطونيو جوتيريس الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لمبادرة بلاده أمر من شأنه تشجيع المفاوضات وإنهاء عملية تسوية سلمية للأوضاع في أفغانستان، فضلا عن تعزيز الأمن والتنمية المستدامة في منطقة وسط آسيا.
دلالات توقيت مؤتمر طشقند
وأشار الرئيس الأوزبكي، إلى أن توقيت إقامة مؤتمر طشقند حول المصالحة الأفغانية مهم وله دلالات مهمة، حيث يأتي متزامنًا مع عيد النوروز وهو مهرجان الربيع والبعث الذي تتوقف فيه الحروب منذ القدم، ويتناسى الجميع الخطايا ويتفقون على التوصل إلى اتفاق حتى حول أصعب القضايا التي بدت وكأنها غير قابلة للحل.
أتون الحرب فرض على الأفغان
وأبدى ثقته في القدرة على التوصل من خلال النقاش البناء ووضع حلول مشتركة لمشكلة إقليمية ودولية هي الصراع في أفغانستان والتي تعاني منها منطقة وسط آسيا منذ 40 عامًا، مضيفًا أن "آتون الحرب" فرض على الشعب الأفغاني من الخارج وليس له ذنب في ذلك، ما تسبب في وقوع مئات الآلاف من المدنيين ضحية للمواجهات، واضطر ملايين الأشخاص إلى مغادرة منازلهم والبحث عن ملاذ آمن في بلدان أخرى.
"جيل ليس ضائعا"
ولفت ميرضيائيف إلى أن الصراع مع الوقت ودخول قوى جديدة إليه، تحول بشكل متصاعد إلى قضية دولية معقدة، خصوصًا مع توسع الجماعات الإرهابية واستمرار مسلسل العنف وسفك الدماء وتجارة المخدرات وسط فشل جهود المجتمع الدولي لإنهاء الصراع، مضيفًا أن الأهم وجود جيل كامل نشأ وترعرع في ظروف المواجهة المسلحة والعنف، وهو ليس "جيل ضائع" كما يقول البعض، ولكنهم أشخاص تعبوا من الحرب والحرمان والمصاعب، ويريدون ويحاولون وضع حد للعداء، والعودة إلى الحياة السلمية والعمل الخلاق لصالح رفاهية بلادهم، وأن الشعب الأفغاني قادر على ذلك.
وطالب شوكت ميرضيائيف الدول والمنظمات الدولية المشاركة في المؤتمر للعب دور حاسم في التوصل إلى تسوية سلمية للأوضاع في هذا البلد الذي طالت معاناته، خصوصًا وأن ما حدث في منطقة الشرق الأوسط لم يخفف من حدة الصراع.
نهر أموداريا يربط بين شعبي أوزبكستان وأفغانستان
وأضاف أن عقد مؤتمر دولي في أوزبكستان يستهدف توحيد الجهود الرامية إلى ضمان السلم والاستقرار في أفغانستان، لأن المبادرة التي تقدمت بها بلاده تتوافق مع مفهوم السياسة الخارجية الأوزبكية الرامية إلى مساعدة دول الجوار في حل أزمتها فضلا عن أن شعبي أوزبكستان وأفغانستان تطورا في محيط ثقافي وحضاري واحد، وأنه منذ قديم الزمن عاش على ضفتي نهر أموداريا شعوب تتحد في اللغات المتشابهة والمعتقد الديني الواحد والقيم الروحية المشتركة، مضيفًا أن نهر أموداريا كان مصدرا للحياة بالنسبة للجميع، وفى الوقت نفسه لم يمثل أبدا عقبة أمام حرية حركة الناس، وتطوير الروابط التجارية الوثيقة، وتبادل الإنجازات العلمية والإثراء المتبادل للثقافات.
التاريخ يربط بين الأوزبك والأفغان
وألمح الرئيس الأوزبكي إلى أن الأرض الأفغانية شهدت إبداعات العديد من الشخصيات البارزة لعصر النهضة في منطقة آسيا الوسطى، مثل أبو ريحان البيروني، ولطفي، وعلى شير النوائي وكمال الدين بهزاد وظهير الدين محمد بابور، وبابا رحيم مشراب والكثير غيرهم من الأجداد العظام، مضيفًا أن بلاده ترتبط مع أفغانستان بعلاقات سياسية وتجارية واقتصادية وثقافية وإنسانية وثيقة، وأن ملايين الأوزبك يعيشون في الأراضي الأفغانية. كما تعتبر اللغة الأوزبكية إحدى اللغات الرسمية بموجب الدستور الأفغاني.
خبرة أوزبكية في تعزيز السلام بأفغانستان
ولفت شوكت ميرضيائيف إلى أمن بلاده ينبع من أمن أفغانستان، الذي اعتبره ضمانة للاستقرار والازدهار في كل أرجاء المنطقة الشاسعة الممتدة في وسط آسيا وجنوبها، مطالبًا بعدم السماح للمنظمات الإرهابية بتحويل أفغانستان إلى موطن دائم لها، وأن بلاده تمتلك خبرة تعزيز عملية السلام في أفغانستان.
وأوضح أن بلاده تقدمت بمبادرة عام 1999، وتم عقد اجتماع لمجموعة الاتصال "6 + 2" في طشقند على مستوى وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان وروسيا والولايات المتحدة، وشارك فيه ممثلون عن التحالف الشمالي وحركة "طالبان"، وأن المفاوضات أسفرت وقتها عن اعتماد إعلان طشقند حول المبادئ الأساسية للتسوية السلمية للصراع في أفغانستان، والتي أصبحت وثيقة رسمية للدورة 54 للجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، مؤكدًا أن تلك الأسباب تمنح بلاده الحق السياسي والأخلاقي للحديث عن مستقبلها المشترك مع أفغانستان، وطرح القضايا التى تعنى الأفغان كما تعني الأوزبك على حد سواء.
وأضاف أن أوزبكستان تدعم نتائج وقرارات الاجتماع الثاني لمفاوضات عملية كابول، وذلك لصالح إطلاق المفاوضات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان دون شروط مسبقة، أو التهديد باستخدام العنف، مضيفًا أن الشرط الرئيسي للتحرك نحو السلام يتمثل أولا وقبل كل شيء، فى الإعداد والتنفيذ العملي للبرنامج الواسع المتوافق والموحد على الصعيدين الإقليمي والعالمي لتحقيق السلام.
أفغانستان الجديدة
ولفت رئيس أوزبكستان إلى أن المماطلة في تنفيذ خارطة السلام سوف تكلف المزيد من أرواح الناس الأبرياء، مطالبًا بالامتناع عن القيام بعمليات عسكرية والاحترام غير المشروط لنظام وقف إطلاق النار من جانب كل من المعارضة المسلحة وقوات الأمن الأفغانية، معبرًا عن استعداد بلاده لاستضافة محادثات مباشرة بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان وتهيئة الظروف لإدماجها في الحياة السياسية قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأفغانية، مما سيوفر فرصا واسعة لجميع طبقات المجتمع، بما في ذلك قوى المعارضة، لمشاركتها الكاملة في بناء أفغانستان الجديدة.
وأوضح أن الجهود المشتركة لإحلال السلام في أفغانستان، من شانه إشراك الأخيرة في نظام التجارة والاقتصاد والنقل والاتصالات والعلاقات الثقافية والإنسانية مع البلدان المجاورة، بما يسهم بصورة جوهرية في عملية إعادة الأوضاع إلى طبيعتها وعودة السلمية إليها، بما يجلب منافع لمنطقة أوروآسيا ويخلق ظروف مواتية لبناء الطرق والسكك الحديدية، ومد خطوط الأنابيب، وتطوير التجارة الإقليمية والعابرة للإقليم.
مشروعات تنموية تعم بالخير على الأفغان والمنطقة
ولفت إلى أن أوزبكستان قدمت إسهامات عملية في تحقيق نهضة اجتماعية واقتصادية لأفغانستان منذ عام 2002، حيث تورد لها الطاقة الكهربائية مع تشغيل خط نقل الطاقة الكهربائية الجديد سورخان – بولى- همرى، مؤكدًا أن بلاده تشجع تنفيذ مشروع إستراتيجي آخر باستكمال مد خط السكك الحديدية إلى هرات، ذلك الخط الذي شيده الخبراء الأوزبك، والذي يعمل حاليا على طريق خيرتان - مزار شريف.، حيث سيقدم مساهمة حقيقية وعملية فى إعادة بناء الاقتصاد الأفغاني، وخلق فرص العمل الجديدة والنهوض بقدرات أنشطة الترانزيت في البلاد.
وأكمل أن إطلاق مشاريع النقل والاتصالات عبر أفغانستان بالتنسيق الوثيق مع المشاريع الإقليمية الأخرى التي لا تقل أهمية مثل خطوط: "أوزبكستان - تركمانستان - إيران - سلطنة عمان" و"أوزبكستان - قيرغيزستان - الصين" سوف يخلق أيضا ظروف تطوير ممرات النقل عبر القارات في جميع الاتجاهات بصورة عملية - من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بأقصر الطرق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق