الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016

قاعدة استقلال القضاء فى أوزبكستان


طشقند: 13/12/2016 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان ""المادتان 106 و 112" قاعدة استقلال القضاء فى أوزبكستان" نشرت جريدة "الرأي للشعب" المصرية يوم 12/12/2016 مقالة كتبها: محمـد عـبـد المجـيد، وجاء فيها:


محمـد عـبـد المجـيد
يمثل استقلال السلطة القضائية واحدا من أهم المبادئ الأساسية لدولة القانون الديمقراطية، والعنصر الأساسى للحق فى الحصول على المحاكمة القانونية العادلة.
 ويُعد هذا العامل نقطة الانطلاق التى يحددها وضع القضاء فى الدولة الحديثة، ولذلك فقد تمتع القضاء في أوزبكستان باستقلالية كبيرة على أعلى المستويات، فقد صارت المادتان 106 و112، بمثابة القاعدة الصلبة للإصلاحات القضائية والقانونية المتواصلة فى البلاد، كما جرى العمل الواسع نحو النهوض بمصداقية وأهمية السلطة القضائية فى ضمان سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من عمليات تشكيل دولة القانون، ولتقدير قيمة القانون في أوزبكستان، فإنه يتم الاحتفال بيوم الدستور باعتباره القانون الأساسي للبلاد في الثامن من ديسمبر من كل عام.
لقد تم عبر سنوات الاستقلال تشكيل القاعدة التشريعية الراسخة للعمل القضائى، والتى تتناول حزمة من الضمانات السياسية، والهيكلية، والاجرائية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتنظيمية، وغيرها من الضمانات الأخرى، بالإضافة إلى ذلك، فقد قامت أوزبكستان بالتصديق على عدد من الوثائق الدولية، كالمبادئ الرئيسة المتصلة باستقلال الأجهزة القضائية والقرارات التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما تم اعتماد القوانين المتعلقة بالمحكمة الدستورية لجمهورية أوزبكستان، والطعن في الإجراءات والقرارات التي تنتهك حقوق وحريات المواطنين، وتنفيذ الأعمال القضائية وقوانين الهيئات الأخرى، وهيئات التحكيم، والتحفظ تحت الحراسة عند النظر فى القضايا الجنائية، وغيرها.
كما جرى إرساء قواعد الآليات الفعالة لتحقيق مبدأ استقلال السلطة القضائية عن التشريعية والتنفيذية، واستقلال الأحزاب السياسية، والجمعيات الاجتماعية الأخرى، وكذلك نظام صلاحيات الأجهزة القضائية وأسس عملها، والقواعد الاجرائية لعقد المحاكمات. وتم اتخاذ حزمة من التدابير، التى تلغى وظيفة إشراف الهيئات النيابية على العمل القضائى، مما يضمن تحول مؤسسة القضاء إلى شريك مباشر فى نظام الدفاع عن حقوق وحريات الأفراد.
فى يناير عام 2014، وضع القانون المزيد من الضمانات لتوظيف العاملين، الذين تم اختيارهم أو تعيينهم فى مناصب القضاة، وكذلك الوظائف التى يتم توفيرها للقضاة بعد انتهاء صلاحياتهم، ويظل تحسين ضمانات استقلال واستقلالية المحاكم، يمثل هدفا محوريا للإصلاحات القضائية والقانونية، فقد صار يمثل خطوة حاسمة ما تم القيام به فى إطار مبدأ التعميق المستمر للإصلاحات الديمقراطية وتشكيل المجتمع المدنى فى البلاد، وقد جرى إدخال التعديلات فى قانون الاجراءات الجنائية، التى تستثنى من صلاحيات القضاء الوظائف التى لا تخصه - رفع الدعوى الجنائية والإجماع على توجيه الاتهام فى الدعوى -  فقد تم ترسيخ موضوعية المحكمة وحيادها فى تطبيق الاجراءات الجنائية.
وطبقا لأفضل الممارسات الدولية فى العمل التنظيمى، يجرى باستمرار توسيع صلاحيات المحاكم فى مجال الرقابة القضائية على التحقيقات فى مرحلة ما قبل المحاكمة. وقد صار يمثل أمرا أساسيا المبدأ الذى تم إدخاله فى التشريع حول " مثول المتهم شخصيا فى المحكمة"، ومنح القضاء الحق فى وضع المتهم رهن الاعتقال تحت الحراسة، وكذلك استخدام تلك التدابير الاجرائية القسرية، مثل الإعفاء من الوظيفة وإيداع المتهم فى المؤسسات العلاجية. ويتطابق هذا الأمر تماما مع تجارب الدول الديمقراطية المتطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وغيرها، كما لعب دورا كبيرا فى عملية ترسيخ الديمقراطية في النظام القضائى والقانونى القومى.
 ويرتبط ضمان استقلال السلطة القضائية بصورة لا تنفصم بالنهوض بالكفاءة المهنية للعاملين فى هذا المجال. ومع الأخذ فى الاعتبار أهمية إقامة النظام الفعال الذى يلبى المتطلبات الديمقراطية الحديثة فى اختيار وتوزيع الكوادر القضائية لتعزيز السلطة القضائية، تم اعتماد القرارات الصادرة عن الرئيس فى شهرى أغسطس ويناير لعام 2012، حول "الاجراءات الخاصة بالتطوير الجذرى للحماية الاجتماعية للعاملين فى المنظومة القضائية" وحول "الاجراءات التنظيمية للتطوير المتواصل لعمل المحاكم"، وطبقا لتلك القرارات فقد جرى توسيع دائرة الضمانات الاجتماعية والقانونية لاستقلال السلطة القضائية، والقيام بالمزيد من الاجراءات لتأمين الوضع الاجتماعى للعاملين فى الأجهزة القضائية، وتعزيز احتياطى المرشحين للعمل فى القضاء، وتحسين نظم التعليم الخاصة بهم.
لقد تم توفير الشروط اللازمة لتوفير المعلومات للمحاكم، والتى يتصل بها إطلاق المحاكمات الإلكترونية فى البلاد وتخفيف الحمل على كاهل القضاة وأطراف المحاكمات القضائية، والنهوض بالوصول إلى تحقيق العدالة والكفاءة القضائية. وطبقا لمرسوم الرئيس حول "التدابير الخاصة بالتطوير الجذرى للحماية الاجتماعية للعاملين فى المنظومة القضائية "( الصادر فى أغسطس 2012 )، فقد تم تحديد المهام الخاصة بإدخال تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة فى عمل المحاكم، كى تسهم تلك القاعدة فى تحسين فاعليتها، وشفافية وعلانية القضاء العادل للجميع.
فى ظل ظروف التطور المطرد لدور السلطة القضائية المستقلة فى المجتمع، باعتبارها عنصرا لا يتجزأ من دولة القانون ونظام الحماية العالمى لحقوق وحريات الانسان، فالإصلاحات القضائية والقانونية تصب نحو ضمان تحقيق مبدأ استقلال واستقلالية السلطة القضائية التى ينص عليها دستور البلاد، مما يساهم فى الارتقاء بتحقيق العدالة، وشفافيتها، وإدراكها، وعلانيتها، وفاعليتها، والإسهام فى الحماية الشاملة لحقوق وحريات الفرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق