الخميس، 1 مايو 2014

احتفاء بالترجمة العربية لكتاب بابور نامة


تحت عنوان "احتفاء بالترجمة العربية لكتاب "بابور نامة" بسفارة أوزبكستان بالقاهرة: علماء وأكاديميون يوصون بالانفتاح على ثقافة الأوزبك وشعوب أواسط آسيا" نشرت الصفحة الإلكترونية آسيا الوسطى رصد الواقع واستثشراف المستقبل تحقيقاً صحفيا تغطية: عبد الرحمن هاشم، جاء فيه:
عن ظهور أول ترجمة عربية لكتاب "بابور نامه" للإمبراطور ظهير الدين محمد بابور مؤسس الدولة البابورية بشبه القارة الهندية في القرن السادس عشر الميلادي - جاء احتفاء سفارة أوزبكستان بالقاهرة يوم الخميس 24 إبريل 2014م بحضور مترجمة الكتاب الدكتورة ماجدة مخلوف التي تسلمت خطاب شكر من الرئيس الأوزبكي "إسلام كريموف" تقديرًا لجهدها المبذول في إضافة ترجمة جديدة لكتاب بابور.
في البداية، أكد أيبك عارف عثمانوف - سفير أوزبكستان بالقاهرة - أن أشعار بابور هي سيرة ذاتية للشاعر الأوزبكي "ظهير الدين محمد بابور"، المفكر والمؤرخ ورجل الدولة ومؤسس أسرة وإمبراطورية البابوريين في الهند.
وأوضح أن أشعار بابور تعرض المشاعر الدفينة للشاعر المسلم بلغة شاعرية مؤثرة، وتروي بحرفية معاناته المنبثقة عن الصدام بوقائع الحياة وتحدياتها.
وقال فضل الرحمن فاضل - سفير جمهورية أفغانستان الإسلامية: إن ترجمة كتاب "بابور نامه" للعربية قد تأخرت زهاء خمسة قرون.
وأشار إلى أن الإمبراطور ظهير الدين محمد بابور - مؤلف "بابور نامه" - أحبّ مدينة كابل حبًا جمًا، وقضى فيها فترة كبيرة من حياته، ورزق فيها بمعظم أولاده، وتوفي وعمره 49 عامًا، قضى منها نحو 38 عامًا في الحكم، ونقل جثمانه بعد مرور 6 أشهر على وفاته إلى كابول، وأقيم على قبره حديقة تسمى الآن باسم حديقة بابور، وقد زارها شاعر الإسلام محمد إقبال في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأنشد بها قصيدة عظيمة عن بابور.
وأشار فضل الرحمن إلى أن كتاب بابور من أهم كتب السير الذاتية، وترجع أهميته إلى أنه خط بقلم الإمبراطور بابور نفسه الذي عرف في منطقة وسط آسيا وشبه الجزيرة الهندية بالسلطان المعظم الذي نجح في إقامة دولة استمرت زهاء الثلاثة قرون.
ولفت إلى أن الكتاب يتسم بالصدق والواقعية ونقد الذات، فقد ذكر فيه بابور فضيلة أعدائه ورذيلة أصدقائه، حتى إنه ذكر فيه عيوب نفسه.
وعن تجربتها مع ترجمة الكتاب تحدثت الدكتورة ماجدة صلاح مخلوف - أستاذة اللغات الشرقية بجامعة عين شمس - فقالت: هذه أول ترجمة لكتاب بابور إلى العربية، وأحسب أنني إن لم أفعل سوى هذا الجهد الذي استغرق من عمري 25 عامًا، فأنا راضية عنه تمام الرضا.
أول من لفت انتباهي إلى كتاب بابور هو أستاذي الدكتور محمد حرب عقب حصولي على الدكتوراة بسنوات، وأكد الدكتور الساداتي في كتابه عن مسلمي الهند عدم ترجمة كتاب بابور إلى العربية، الأمر الذي دفعني إلى تولي هذه المهمة.
وأشارت د. ماجدة مخلوف إلى أن لغة الكتاب أرهقتها، فقد كانت لغة سردية بلا فواصل ولا عناوين، وقد كانت مادته فيها شيء من عدم الوضوح، وهذا يفسر المدة الطويلة التي استغرقتها في ترجمة الكتاب.
ولفتت إلى أنها ترجمت النص ترجمة أولية، ثم أعادت الترجمة مرة أخرى بناء على خبرتها من الترجمة الأولى ملتزمة بالدقة.
وقالت: إن الكتاب ترجم للغات الأوروبية والشرقية، وترجم منذ أربع سنوات إلى اللغة الأسبانية، ونشر نصه الأصلي أكثر من مرة في الهند وتركيا وأفغانستان وإيران.
وأضافت: نظرت إلى الفروق بين الترجمة الإنجليزية والنص الفارسي مقارنة بالنص الأصلي، ووضعت العناوين والفصول بناء على هذه المقارنات، وعلقت على ما يحتاج إلى تعليق قدر الاستطاعة حتى لا تزيد عدد صفحات الكتاب.
وأوضحت د. ماجدة مخلوف أن الإمبراطور بابور اتجه إلى الهند بعد النزاع مع أعمامه وأخواله؛ لأنه لم يكن له من سبيل سوى الاتجاه جنوبًا دعمه في هذا أن جده الأمير تيمور قد دخل الهند، وكان بابور شديد الاعتزاز بانتمائه إلى الأسرة التيمورية.
وكان فتحه للهند نقطة تحول حضاري، إذ أرسى دعائم دولة جمعت شبه القارة الهندية في إمبراطورية واحدة، وأنشأ نظامًا للإدارة، ووضع ديوانًا للحكم، وأوجد الوزراء والموظفين الإداريين ونظم الري والزراعة، وأقام الطرق والجسور.
ووصف في كتابه كابول وبخارى وسمرقند وهارات بأبدع العبارات، وترجم لعدد كبير من الرجال والبلدان، وكان صادقًا في الترجمة لهم، وهذا ما اتفق عليه كل من تناول الكتاب بالنقد.
لم تكن جيوشه همجية متوحشة، بل حرص على أن يسير في حكمه بالعدل إلى حد كبير، وكان متعاطفًا مع رجاله، ويذكر أنه عندما هاجمتهم عاصفة ثلجية لم يجدوا ملجئًا سوى كهف صغير لا يتسع لمعظمهم، فما كان منه إلا أن أمرهم بدخول الكهف، واستمر واقفًا خارجه وسط الثلوج.
وأكدت د. ماجدة أن بابور كان يحسن الإدارة، ولم يتخذ قرارًا إلا بمشورة من رجاله المقربين.
وأشارت إلى أن القرن السادس عشر الميلادي كان قرنًا للأتراك في الشرق والغرب على السواء، فكان بابور في الهند والصفويون في فارس والعثمانيون في أوروبا وأفريقيا.
وقالت: إن بابور استخدم أكثر الوسائل التعبيرية في اللغة التركية؛ ما جعل كتابه يحتل مكانة خاصة ضمن أرفع وأروع ما نظم في الأدب التركي خلال القرن السادس عشر.
وقال الدكتور الصفصافي أحمد القطوري - الأستاذ بكلية الآداب جامعة عين شمس: إن الحضارة لا تذكر بمعزل عن الإنتاج العلمي الغزير القادم إلينا من منطقة آسيا الوسطى؛ ذلك أن مساهمات الأتراك في الحضارة الإسلامية لا ينكرها إلا جاهل، ولقد قامت حضارتنا الإسلامية على ثلاثة أعمدة العرب والفرس والترك.
أتراك أواسط آسيا اتجهوا إلى النواحي العلمية أكثر من العلوم النظرية، فظهر منهم أطباء ورياضيون وبصريون وفلكيون وموسيقيون، كما ظهر فيهم محدثون وأدباء ومؤرخون.
ولفت د. الصفصافي إلى أننا كل يوم نفاجأ بحفريات جديدة تطالعنا بها منطقة أواسط آسيا تبين لنا أن الأتراك القدماء قد برعوا في النظم الإدارية والعسكرية؛ ففي أوزبكستان اكتشفوا قميصًا من الذهب الخالص كان يرتديه أحد الجنود المحاربين، ويعود إلى 250 سنة قبل التاريخ!
كما اكتشفت مومياوات تدل على أتراك سيبريا وقرغزستان، وهي تختلف في تحنيطها عن المومياوات المصرية في فتح الجثة من الظهر.
وأشار إلى أن نماذج العمارة في القاهرة ما زالت شاهدة على براعة الفنان القادم إلينا من أواسط آسيا.
وأكد أن سبب تفوقهم هو حبهم للدين الإسلامي وتعلقهم الشديد بمحمد (صلى الله عليه وسلم) فأبدعوا كل ما يخدم علو شأن المسلمين وتقدمهم.
وقال: إن المسلمين اليوم لا يستطيعون تناول علوم الدين دون الرجوع إلى البخاري ابن بخارى في أوزبكستان، ولا يستطيعون تناول الطب، وبخاصة الطب النفسي دون الرجوع إلى ابن سينا، ولا الموسيقى دون الرجوع إلى الفارابي.
وأوصى بألا نكتفي بالترجمة؛ فالترجمة ما هي إلى مقدمة ينبغي أن يتبعها دراسات حولها.
وقال الدكتور مجدي محمد زعبل - المدير السابق للمركز الثقافي المصري في سمرقند: إن أوزبكستان هي قلب آسيا الوسطى، وهي التي أنجبت الشاعر الأوزبكي، مؤسس الدولة البابورية المفكر والأديب "ظهير الدين محمد بابور"، الذي تعكس قصائده الأحداث التاريخية والسيرة الذاتية والبيئة المحيطة ببلاده والعادات والأخلاق الخاصة بعصره.
وتضم مؤلفاته المعلومات القيمة حول أنواع الفنون الغنائية الشعبية والمواد الإثنوغرافية المهمة.
ويشهد "بابور نامه" على تاريخ التيموريين ونضالهم من أجل إقامة دولة راسخة، وقد ترجم إلى اللغات الفارسية والهولندية والإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والأسبانية.
ومن ناحيتها، قالت الباحثة المتخصصة في الدراسات الأوزبكية د. فادية النجار: إن أوزبكستان حافظت على هويتها رغم كل المخططات التي دبّرها الروس للقضاء على الإسلام، ورغم صنوف القهر والقسوة والظلم التي مارستها الشيوعية ضد الإسلام والمسلمين هناك.
وقالت: لقد ظل المسلمون متمسكين بهويتهم الإسلامية، ولم تنجح الإجراءات التعسفية للشيوعيين في سلخ الأوزبك عن عقيدتهم الإسلامية.
وأشارت إلى أنه رغم بقاء أهل أوزبكستان تحت الاحتلال القيصري والشيوعي مدة 134 سنة، فقد تمسكوا بدينهم، وخرجوا من جحيم الاحتلال يحملون مهمة الدعوة إلى الإسلام في بلدان وسط آسيا الإسلامية (5 جمهوريات)، مستعينين بتاريخهم وخبراتهم في هذا المجال.
وأوضحت أن أوزبكستان هي رائدة جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية في المحافظة على الهوية الدينية، فيوجد بها مدرستان دينيتان هما مير عرب في بخارى والإمام إسماعيل البخاري في طشقند.
وقد لعبت هاتان المدرستان دورًا مهمًا في نشر تعاليم الإسلام والحفاظ على الهوية، كما لعبت الصحف والمجلات دورًا ملموسًا في إثارة الوعي القومي والحماسة الدينية ضد الاحتلال الروسي والثقافة السلافية الوافدة.
وأوصت د. فادية النجار بمساعدة أوزبكستان في استعادة أداة التواصل مع تراثها الإسلامي (اللغة العربية)، والتوسع في تدريسها بالجامعات الأوزبكية.
وأيضًا دراسة ونشر المخطوطات العربية لعلماء أوزبكستان الأفذاذ أمثال ابن سينا والخوارزمي والفارابي وغيرهم، والتي لم ينشر بعضها وتقديمها للمكتبة العربية الإسلامية.
كما أوصت بمد جسور التواصل الديني والثقافي والعلمي والتنموي مع أوزبكستان، وإبراز دور علمائها في صنع الحضارة الإسلامية.
وأكدت أهمية عناية الجامعات العربية في افتتاح أفرع لها على أرض أوزبكستان، والاهتمام بتدريس اللغة الرئيسية لشعوب منطقة آسيا الوسطى والقوقاز بالجامعات المصرية والعربية لتكريس التواصل والتعاون البناء.
وأيضًا تخصيص المنح الدراسية المجانية لأبناء أوزبكستان وبقية شعوب المنطقة لدراسة العلوم الدينية في الجامعات الإسلامية في مصر وباكستان وماليزيا والمملكة العربية السعودية والأردن لسد النقص في الدعاة والأئمة ومعلمي اللغة العربية والتاريخ الإسلامي.
شارك في الاحتفالية د. حازم سعيد منتصر، ولطف الدين خوجاييف، وأحمد عبده طرابيك، وعدد من المهتمين بالشأن الأوزبكي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق