الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

دور قطاع السياحة فى اقتصاد أوزبكستان


تحت عنوان "دور قطاع السياحة فى اقتصاد أوزبكستان" نشر موقع "شباب النيل" المصري مقال كتبها: د. أحمد عبده طرابيك، وجا فيها:

يشكل قطاع السياحة أحد أهم القطاعات الهامة والفاعلة فى الاقتصاد العالمى، ومن ثم أصبحت دول العالم تتنافس في الترويج لمنتجها السياحي، من أجل الحصول علي أكبر قدر من سوق السياحة العالمية، وتكون فرصة الدول ذات التاريخ والحضارة العريقة كبيرة في جذب اعداد كبيرة من السياح لما تملكه من تراث حضاري وآثارة عريقة تجذب السياح إليها، إلي جانب ما يتوافر لديها من عوامل أخرى كالبيئة الطبيعية والمناخ والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
أوزبكستان من الدول التي تمتلك الكثير من الخصائص والعوامل الجاذبة للسياح، ولذلك فهي تعد من الدول الرائدة في منطقة آسيا الوسطى، بل وفي رابطة الدول المستقلة، فإلي جانب العوامل الطبيعية، والتراث الحضاري الكبير الذي تمتلكه البلاد، فقد شرعت في وضع قواعد قانونية وتنظيمية هامة للارتقاء بعمل ذلك القطاع الحيوي، حيث تم إقرار قانون "السياحة"، في 20 أغسطس 1999، بهدف توفير برامج تحسين البنية التحتية لقطاع السياحة، بما فى ذلك جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع المنتجات السياحية، وتفعيل الأنشطة ذات الطابع المعرفى والدعائي، وإعداد الكوادر المؤهلة للعمل في هذا القطاع، والنهوض بقدرات المتخصصين فى مجال السياحة.
أنشأت حكومة أوزبكستان الشركة الوطنية "Uzbektourism" عام 1992، بهدف تنسيق أنشطة الهيئات والمؤسسات العاملة في قطاع السياحة، وذلك من خلال العمل على إعداد الكوادر بمختلف مستوياتها الفنية والإدارية، وتيسير تدفق الاستثمارات الوطنية والأجنبية التي من شأنها توفير القاعدة المادية والخبرات التقنية والفنية الحديثة، والدفع نحو تطوير كافة أنواع السياحة وأشكالها المختلفة، كما تشارك بفعالية في الأنشطة والمحافل السياحية الدولية، وكذلك القيام بتنظيم الفعاليات الدولية الكبيرة المتعلقة بقطاع السياحة، ولذلك ارتفعت أعداد السياح الوافدين إلى أوزبكستان بصورة كبيرة، حيث يزورها سنويا أكثر من مليونى سائح من مختلف أنحاء العالم، كما تتسع الدائرة الجغرافية للقادمين إليها، وباتت تحظى بشهرة واسعة لدي السياح القادمين من " ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، كوريا، اليابان، الصين، ماليزيا، روسيا، الهند".
تعمل أوزبكستان منذ السنوات الأولى للاستقلال، على زيادة التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في قطاع السياحة، كما تشارك بانتظام فى المبادرات الرامية إلى تعميق التعاون فى القطاع الهام، فقد انضمت أوزبكستان عام 1993 إلى منظمة السياحة العالمية "UNWTO" التابعة للأمم المتحدة، حيث أدي التعاون معها إلى رعايتها مع تسعة تسعة عشر دولة فى عام 1994، "إعلان سمرقند" حول السياحة على امتداد طريق الحرير"، وفى عام 1999، تم اعتماد "إعلان خيوه حول السياحة والحفاظ على التراث الثقافى"، وذلك بدعم من منظمة السياحة العالمية واليونسكو والمجلس الأوروبى، وفى عام 2002، "إعلان بخارى حول السياحة على طول طريق الحرير"، الذى يحدد الخطوات العملية لتحفيز أنشطة السياحة الثقافية والبيئية.
كما تم تتويج التعاون مع منظمة السياحة العالمية، بافتتاح المكتب الإقليمى لمنظمة السياحة العالمية فى سمرقند عام 2004، تقديراً واعترافاً بدور أوزبكستان في صناعة السياحة العالمية، وذلك لتنسيق تنمية السياحة على طول طريق الحرير.
يوجد في اوزبكستان أكثر من سبعة آلاف أثراً ومعلماً تاريخياً من آثار التراث المادى الثقافى والتى تعود إلى مختلف العصور والحضارات، بما فى ذلك التى جرى ضمها إلى قائمة اليونسكو للآثار العالمية للتراث، مثل المراكز التاريخية فى بخارى، وخيوه، وسمرقند، وشهرسبز، والتي تجذب السياح إليها من مختلف أنحاء العالم، خاصة إذا ما أضيف إلي ذلك التراث الحضاري، والبنية المعمارية الحديثة، والطبيعة الساحرة لأوزبكستان، والمطبخ بمأكولاته الفريدة من نوعها، فضلا عن كرم الضيافة غير المسبوقة التى يتمتع بها شعب أوزبكستان.
استطاعت أوزبكستان النهوض بالبنية التحتية للسياحة، وذلك من خلال 1176 هيئة سياحية، منها 621 هيئة متخصصة في تنظيم الرحلات السياحية، إلي جانب 555 منشأة فندقية، كما توجد شبكة واسعة من الفنادق تتسع لأكثر من 25 ألف فرد، جميعها يتوافق مع أعلى المعايير الدولية الحديثة.
مع السنوات الأولي للاستقلال تم تشييد وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع السياحة، حيث حاز أحد عشر مطاراً فى أوزبكستان على تصنيف الموانئ الدولية، كما يوجد أسطول من الطائرات الحديثة للشركة الوطنية للطيران "الخطوط الجوية الأوزبكية"، والذى يتألف من طائرات الركاب من طراز بوينج وايرباص، والتي تقوم برحلات جوية منتظمة إلى أكثر من أربعين مدينة أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا، وفى عام 2016، تم تزويد أسطول الطيران المدنى فى البلاد بأحدث "قصرين محلقين للركاب" من طراز "بوينج دريملاينر".
يحظى السياح بفرصة الوصول إلى المناطق السياحية عن طريق السكك الحديدية، من خلال القطارات التقليدية والسريعة، حيث يعمل بين طشقند وسمرقند وقارش القطار فائق السرعة "أفروسياب"Afrosiyob ، الذى أدى إلى تحسن كبير في نوعية خدمات الضيافة وتقليل زمن السفر، وفي يونيو 2016، أصبح العالم شاهداً على الطفرة الأخرى فى تطوير صناعة النقل السياحى فى أوزبكستان، خلال الاحتفالي بافتتاح خط السكة الحديد الكهربائي "أنجرين - بان"، الذى يربط بين منطقة وادى فرغانة الخلابة مع بقية أنحاء أوزبكستان.
أدخلت أوزبكستان بصورة واسعة أنواعا جديدة من السياحة، بما فيها السياحة البيئية، حيث تمتع البلاد بمخزون وفير من المتنزهات الوطنية، والمشاتل، والمحميات الطبيعية، والمعالم الطبيعية، ومحميات الأحياء الطبيعية، الأمر الذي يجعل السياحة البيئية مجالا واعداً، كما اكتسبت السياحة الجيولوجية، والسياحة العلاجية، أهمية كبيرة، إلي جانب رياضة تسلق الجبال والتجديف، حيث يتم في مختلف هذه المناطق إقامة مراكز الترفيه والاستجمام ومرافق البنية التحتية، ففى مراكز اللياقة البدنية "تشيمجان"، و"بلدرساى"، و"تشارفاك"، الواقعة فى منطقة طشقند، تم تهيئة الظروف لممارسة التزلج ومختلف أنواع الرياضات الشتوية الأخرى، كما تم بناء المسارات والطرق الجبلية، ويمكن للزوار الصعود إلى الطريق الجبلى عبر التلفريك، إلي جانب كل ذلك تكتسب أوزبكستان شعبية في مجال سياحة تذوق الأطعمة والتعرف إليها، حيث يتعرف الزوار بطرق إعداد الأطباق الوطنية مثل البلوف وغيره من أطباق المطبخ الأوزبكى الشهيرة.
فرضت الوتيرة المتسارعة فى نمو قطاع صناعة السياحة في أوزبكستان إلى حاجة البلاد لتحديث منظومة إعداد الكوادر المؤهلة، حيث يعمل فى البلاد خمس من المؤسسات التعليمية العليا، التى تعمل على تأهيل المتخصصين في هذا المجال، وهى "معهد سمرقند للاقتصاد والخدمات، جامعة طشقند الحكومية للاقتصاد، جامعة بخارى، جامعة أورجين، معهد سنغافورة للتنمية الإدارية فى طشقند"، حيث يتخرج من تلك المؤسسات كل عام نحو 500 طالب وطالبة من الحاصلين على شهادات الدبلوم والبكالوريوس، وأكثر من 40 طالبا من الحاصلين على درجة الماجستير، بالإضافة إلى ذلك يوجد 12 كلية مهنية متخصصة، يتخريج منها أكثر من 3500 دارس.
تلعب الفعاليات والأنشطة الدورية الكبرى التي تُعقد بصفة منتظة في أوزبكستان، دوراً هاماً في التطور السريع لقطاع السياحة فى البلاد، كما تساهم فى تعزيز سمعة البلاد فى السوق العالمى للسياحة، وذلك يعتبر معرض طشقند الدولى للسياحة "السياحة فى طريق الحرير"، أحد أهم الفعاليات السنوية في أوزبكستان، حيث يلتقى في هذا المعرض المتخصصون فى صناعة السياحة من مختلف دول العالم، كما وتجرى المباحثات والمفاوضات بين الوكالات السياحية علي التبادل السياحي، إلي جانب تُنظيم المؤتمرات الدورية حول القضايا المتعلقة بتنمية صناعة السياحة في أوزبكستان والعالم.
يعتبر الحفاظ على التراث التاريخي والثقافى والحضاري، وتطوير البنية التحتية في قطاع السياحة، بما يتفق مع المعايير الدولية، وتعزيز الروابط الدولية، كل تلك العوامل ساهمت بقدر كبير في جعل أوزبكستان واحدة من أهم البلدان الأكثر زيارة واستقبالا للسياح فى العالم، ومن ثم استطاعت أن تضع لها مكانة هامة علي خارطة السياحة الدولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق