الأربعاء، 29 يونيو 2016

مقالة الدكتور أحمد عبده طرابيك استراتيجية منظمة شنغهاي للتعاون


تحت عنوان "استراتيجية منظمة شنغهاي للتعاون" نشر موقع "أقلام وكتب" الإلكتروني المصري يوم 29/6/2016 مقالة كتبها: أحمد عبده طرابيك، وهذا نصها:


تصادف عقد قمة منظمة شنغهاي للتعاون هذا العام خلال يومي 23، 24 يونيو 2016 في طشقند عاصمة أوزبكستان مع ذكري مرور خمسة عشر عاماً علي تأسيس المنظمة ، وقد ألقي الرئيس إسلام كريموف، رئيس أوزبكستان كلمة في افتتاح القمة، أوجز فيها ما حققته المنظمة من انجازات منذ تأسيسها، حيث استطاعت منظمة شنغهاي للتعاون أن يكون لها تأثير كبير علي عمليات التنمية المستدامة، وتعزيز السلام ومواجهة التحديات والتهديدات التي طرأت علي دول المنطقة، كما ساهمت بشكل كبير في توفير الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.
على مدى السنوات الماضية تم إنجاز عمل ضخم في حجمه لتشكيل المعاهدات والأساس القانوني، حيث تم إنشاء قاعدة مؤسسية صلبة لضمان التعاون الشامل على قدم المساواة بين الدول الأعضاء في المنظمة، في ظل التغيرات التي يشهدها العالم المحيط بدول المنظمة، والصراعات وعدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بعمليات النمو لأسواق العالم، وهو دعا إلي إنشاء جهاز إنذار خاص بالإرهاب الدولي، والزحف المتنامي للتطرف الذي أصبح أكثر خطورة.
في ظل الوضع الدولي الراهن تبدلت المعايير وتزايدت المواجهات، بدلا من تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون المثمر، الأمر الذي يستحيل معه عدم تحديد رؤية واضحة، ولذلك تعمل منظمة شنغهاي للتعاون علي:
أولاً: في ظل الظروف المعقدة التي تسود العالم، أصبح من الأهمية القصوى الحفاظ على التعاون البناء المثمر للجميع، والالتزام بمبادئ التعاون والانفتاح، وعدم الانجرار للتكتلات التي من شأنها إياج مواجهات تهدد الأمن والسلم الدوليين، ولذلك فإن منظمة شنغهاي للتعاون تعمل وفق القواعد المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من والثائق الأساسية للمنظمة، ولذلك فمن الضروري من الآن فصاعدا الابتعاد عن كل الأعمال التي من شأنها تأجيج الصراع والصدام القائم علي دوافع أيديولوجية، واستخدام لغة الحوار في حل المشاكل الإقليمية والدولية الناشئة.
ثانياً: خلال هذه القمة تم اتخاذ قراراً بتوسيع نطاق المنظمة من خلال قبول عضوية كل من الهند وباكستان كأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، وهذا من دون أي شك، يعني أن المنظمة تؤمن بسعة الأفق في زيادة التعاون بين دول المنطقة، وزيادة نشاط المنظمة.
يدرك كل عضو في المنظمة جيداً التعقيدات والصعوبات والتحديات التي تحيد بالجميع، ولذلك يجب أن تنشأ، في المقام الأول، آلية يمكن من خلالها تحقيق توافق الآراء في اتخاذ القرارات بشأن القضايا الرئيسية المطروحة علي جدول أعمال المنظمتنا، مع الأخذ بعين الاعتبار الآراء المختلفة من بعض الدول للقضايا الملحة المتعلقة بالتنمية الدولية والإقليمية.
ولكن رغم الصعوبات والمشاكل المحتملة ، التي يمكن أن تنشأ في المستقبل، إلا أنه لايجب بأي حال من الأحوال إلغاء مبدأ التوافق المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والنظام الداخلي للمنظمة شانغهاى للتعاون، ولابد من احترام هذا المبدأ عند مناقشة القضايا المختلفة، الأمر الذي من شأنه عدم السماح بنشوء أي خلافات قد تؤثر سلباً على كفاءة ونشاط المنظمة، ومن ثم يؤدي إلى تفتيتها وتجزئتها.
ثالثاً: الوضع في أفغانستان المجاورة، حيث أن الوضع العسكري والسياسي في ذلك البلد المجاور لنا ما زال يشهد حركة ضعيفة من قبل الأطراف الفاعلة، الأمر الذي يتطلب مزيد من الجهود والتعاون من دول الجوار، لأن استمرار الوضع علي هذا النحو يشكل خطر جدي وحقيقي وعدم الاستقرار في الدول والمناطق المجاورة.
إن الأغلبية المطلقة لأولئك الذين يرغبون في التصدي للمشكلة الأفغانية، يدركون أن هناك طريقة واحدة فقط لإيجاد حل لمشكلات ذلك البلد، إنها المفاوضات السياسية السلمية بين الأطراف المختلفة، تحت رعاية الأمم المتحدة، فمن المهم استئناف عملية التفاوض بين الحكومة والفصائل المعارضة، وخاصة حركة "طالبان"، كما يجب على كافة الأطراف البدء في عملية التفاوض دون أي شروط مسبقة.
كما يجب علي الدول المانحة والمؤسسات الدولية الالتزام بما تعهدت به في مجال تقديم المساعدات إلى أفغانستان بهدف تحقيق الانتعاش الحقيقي المطلوب في البلاد اجتماعياً واقتصادياً، ورفع مستوي معيشة السكان ، وتطوير التعليم.
تهتم أوزبكستان بمبدأ التعاون الثنائي مع أفغانستان، ولذلك فقد ساهمت في عملية إعادة الإعمار، ودعم قطاع الاتصالات والمواصلات، بما في ذلك بناء خط السكك الحديدية الوحيد في البلاد الذي يربط بين العالم الخارجي مع أفغانستان "ترمذ - مزار شريف"، وتأمين إمدادات الطاقة الكهربائية، بما في ذلك العاصمة كابول.
تدعو أوزبكستان إلي مزيد من التوسع وتعميق التعاون الاقتصادي، والوقوف صفاص واحداً باعتبار ذلك من الشروط الأساسية لتحقيق أهداف وبرامج ومهام منظمة شنغهاي للتعاون، والمهمة المشتركة في هذا الاتجاه هو ضرورة أن تنفيذ المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية في المنطقة، والتي تلبي مصالح جميع الدول، وتطوير التعاون في مجال الاتصالات والنقل، وفي هذا الصدد، فإن أوزبكستان تدعم المبادرة التي طرحها رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينج بشأن إنشاء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، حيث أن تحقيق ذلك النجاح يمكن تحقيقه فقط على أساس المصالح المشتركة والمتبادلة لجميع الدول المعنية. إن تبادل وجهات النظر والعمل المثمر المشترك هو السبيل الوحيد إلى تحقيق المزيد من تعميق علاقات حسن الجوار والصداقة والشراكة، فضلا عن ترسيخ جو من الاحترام المتبادل، وتنمية بوناء جسور الثقة والحوار بين دول منظمة شنغهاي للتعاون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق