السبت، 12 سبتمبر 2015

حكاية خطوات 24 عامًا وضعت أوزبكستان وسط كبار المجتمع الدولي


تحت عنوان "حكاية خطوات 24 عامًا وضعت أوزبكستان وسط كبار المجتمع الدولي" كتب محمود سعد دياب، في صحيفة شباب النيل الإلكترونية المصرية يوم 7/9/2015 مقالة جاء فيها:


عند النظر إلى طريق التنمية المستقلة الذى قطعته أوزبكستان، يمكن الإشارة إلى بعض التحولات الكبرى الواسعة التى جرت فى حياة البلاد عبر الأربع وعشرين عاما، فقد دخلت تاريخ الجمهوية فترة بناء الدولة الجديدة، وإقامة المجتمع العصرى الجديد باعتبارها أكثر الفترات توهجا وروعة.  
 فقد أشار إسلام كريموف رئيس أوزبكستان، إلى أن معنى الاستقلال لأوزبكستان هو- فرصة تقرير المصير بصورة مستقلة، مصير بلادنا، ومواردها الطبيعية والاقتصادية وقدراتها الفكرية، وتوظيف زخمها المادي والروحي الهائلين فى سبيل رفاهة الشعب، وتبوؤ مكانتها اللائقة في المجتمع الدولي.
وتتجه السياسة الخارجية لأوزبكستان قبل كل شىء، نحو تطوير الروابط الودية وتعزيز التعاون مع بلدان الخارج الدانية والقاصية منها، والتمسك بالموقف المبدئى للدولة حول الحل السلمى للنزاعات والصدامات المندلعة فى مختلف أقاليم العالم، وذلك من خلال المفاوضات السياسية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للبلدان المستقلة، وعدم الانضمام والمشاركة فى التكتلات العسكرية فى ظل شتى الظروف الناجمة.
ومنذ أربع وعشرين عاما مضت، تمثلت المهمة الحيوية للسياسة الخارجية لأوزبكستان، فى المساهمة النشطة لأعمال المنظمات الأوروبية الدولية، والآسيوية، وهياكل التكامل التعاونية العالمية. وفى سياق عرض أوزبكستان للعالم عن شفافيتها وحرصها على الالتزام بالمبادئ الانسانية العامة، انضمت أوزبكستان فى 2 مارس لعام 1992 إلى منظمة الأمم المتحدة- الهيكل العالمى الوحيد فى العالم الذى يضم الدول على نطاق الكوكب. وفى ذلك اليوم، رفرف علم دولة أوزبكستان فوق مقر منظمة الأمم المتحدة فى نيويورك.
وقد أكد على تلك الحقيقة الاعتراف العالمى بالجمهورية الشابة باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة، وفتح أمامها الفرص الواسعة لتعزيز سياسة السلام الطريق نحو تأكيد نواياها فى الالتزام بمبادئ القانون الدولى.
وفي الوقت الراهن، تعد أوزبكستان شريك نشط فى كافة البرامج والهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتتمثل أوجه التعاون الرئيسة فى- مواجهة التهديدات المعاصرة وتحديات بسط الأمن والاستقرار فى أفغانستان وإعادة إعمارها، عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، حل قضايا البيئة، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بتخفيف الآثار الناجمة عن الكارثة البيئية لبحر الأرال، وقضايا التنمية الاجتماعية- الاقتصادية، وحماية ودعم حقوق الإنسان.
وتمثل أوزبكستان- شريكا فى جميع المعاهدات الدولية الحيوية فى مجال نزع السلاح وعدم انتشاره، مثل معاهدة عدم انتشار السلاح النووى، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، واتفاقية الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وغيرها.
وتشارك البلاد بصورة واسعة فى الجهود المبذولة للأمم المتحدة نحو ضمان الأمن العالمى والإقليمى. كما صارت تمثل اسهاما كبيرا فى ذلك الاتجاه، تلك المبادرة التى تقدم بها إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزبكستان حول إخلاء منطقة آسيا الوسطى من الأسلحة النووية. وفى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تم بالإجماع التصديق على قرار " معاهدة إقامة منطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية".
وفي سبتمبر لعام 2006، قامت حكومات آسيا الوسطى بالتوقيع على معاهدة إقامة منطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية. ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ فى مارس لعام 2009، وذلك بعد التصديق عليها من الدول الخمس فى المنطقة. وفى الدورات 61, 63، و65 للجمعية العامة للأمم المتحدة تم اعتماد القرار حول إقامة منطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية. واحتلت تلك المعاهدة مكانة راسخة فى جدول الأعمال الدولى لنزع السلاح.
في الوقت الحالى يعمل فى الجمهورية بصورة نشطة ممثلو مختلف الوكالات، والصناديق والبرامج والهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة: المنظمة العالمية للمرأة التابعة للأمم المتحدة، صندوق الطفولة (اليونسيف) التابع للأمم المتحدة، هيئة الأمم المتحد لقضايا التعليم والعلوم والثقافة (اليونسكو)، صندوق التنمية السكانية، منظمة الصحة العالمية، البرنامج الموحد للأمم المتحدة لمكافحة مرض نقص المناعة (الايدز)، إدارة مكافحة الجريمة وتجارة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، برامج التنمية التابعة للأمم المتحدة، المركز الإقليمى للدبلوماسية الوقائية لآسيا الوسطى التابع للأمم المتحدة.
وقد انضمت أوزبكستان إلى منظمة اليونسكو فى 26 أكتوبر لعام 1993. وفى مجال التعليم جرى التركيز فى التعاون مع هذه المنظمة على المساهمة فى التنفيذ الناجح للبرنامج القومى لأوزبكستان فى إعداد الكوادر.
وفى مجال الثقافة، ارتكز التعاون مع اليونسكو إلى الحفاظ على التراث الثقافى لأوزبكستان وتطويره. وتضم قائمة التراث العالمى لليونسكو المواقع التاريخية والثقافية القائمة فى: سمرقند، شهريساباز، بخارى، وخيوى. كما تضم أيضا القائمة التمثيلية غير المادية للتراث الانسانى الثقافى لليونسكو المحيط الثقافى لكل من: شاشماك، قطا أشولا والنوروز.
وانضمت محمية شاكال الواقعة فى مقاطعة طشقند، إلى قائمة المحميات الطبيعية. كما شمل السجل الدولى للأراضى الرطبة الفريدة من نوعها بحيرة دنقيزكول الواقعة فى إقليم بخارى، ومنظومة بحيرات آيدار- أرناساى.
وانضمت أوزبكستان إلى منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة فى عام 1993، ومنذ عام 2004 يعمل فى سمرقند المركز الإقليمى لمنظمة السياحة العالمية، والخاص بطريق الحرير العظيم.
باعتبارها المؤسسة الرائدة فى مجال السياحة، تساهم اليونسكو بصورة واسعة فى التبادل الثقافى والإثراء الروحى للشعوب. وتضم المنظمة أكثر من 150 دولة، وتقوم بتمويل وتنفيذ المشروعات المرتبطة بذلك المجال فى العديد من البلدان. وفى الوقت الراهن، تقوم اليونسكو بتنفيذ خمسة برامج فى المناطق الرئيسة بالعالم، والتى تشمل المشروع العابر للقارات "طريق الحرير العظيم".
ويمثل المعرض السياحى الدولى الذى يقام فى طشقند كل عام منذ سنة 1994، واحدا من أهم المناحى الرئيسة لهذا المشروع الضخم. وعبر تلك الفترة، تحول المعرض إلى أكبر المنتديات الضخمة فى آسيا الوسطى فى مجال السياحة.
فى العام الماضى استضافت مدينة سمرقند الدورة التاسعة والتسعين للمجلس التنفيذى لمنظمة السياحة العالمية. وفى الجلسة التى شاركت بها الوفود الممثلة لأكثر من ثلاثين دولة، جرى النقاش حول القضايا الحيوية المتعلقة بالتطوير المستمر للسياحة العالمية. وتزامن توقيت انعقاد الجلسة مع مناسبة مرور عشرين عاما على اعتماد إعلان سمرقند حول السياحة فى طريق الحرير العظيم.
وقد صار قرار عقد الدورة التاسعة والتسعين للمجلس التنفيذى لمنظمة السياحة العالمية فى مدينة سمرقند، يمثل برهانا جليا آخر على الصيت الدولى المتنامى لأوزبكستان والاعتراف بالقدرات السياحية الهائلة للبلاد.
وعلى أساس من التكافؤ والمساواة، تعمل الجمهورية ضمن تشكيل أكثر من مائة لأعلى الهيئات الدولية صيتا وتأثيرا فى العالم. ومن ضمن تلك الهيئات منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. وتعد أوزبكستان بلد شريك فى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية منذ فبراير لعام 1992.
وتصب أواصر التعاون نحو تنفيذ المبادئ والتعهدات التى أقرت فى إطار المنظمة فى أبعادها الثلاثة مع الأخذ فى الاعتبار بالتحديات الجديدة التى تهدد الأمن، وبجدول الأعمال الدولى والمصالح القومية لأوزبكستان. وتشارك بنشاط فى تنفيذ المشروعات التى تجرى تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون الأوروبية مؤسسات المجتمع المدنى بما فيها المعهد القومى لحماية حقوق الانسان.
فى الخامس عشر من يونيو لعام 2001، وفى مدينة شنغهاى، قام قادة دول أوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، والصين، بتوقيع الإعلان حول إقامة منظمة شنغهاى للتعاون.
واليوم، تمثل منظمة شنغهاى للتعاون آلية للتعاون المشترك الشامل نحو تعزيز الاستقرار والأمن، وتطوير التعاون الاقتصادى فى منطقة آسيا الوسطى، وساحة للحوار الشفاف البناء، كما تمثل أداة فعالة لتطوير الشراكة فى مختلف المناحى.
وعبر فترة عمل منظمة شنغهاى للتعاون، تم تحقيق عمل سياسى وتنظيمي كبير نحو تعزيز المنظمة، واتخاذ الخطوات العملية نحو زيادة أوجه التعاون المتنوعة والدفع بها فى سبيل تحقيق الأهداف والمهام الرئيسة للمنظمة.
وتساهم الجهود المبذولة المشتركة لمنظمة شنغهاى للتعاون إسهاما جوهريا فى مواجهة جميع صور الإرهاب والتطرف والحركات الانفصالية، وفى الحرب ضد التجارة غير المشروعة للمخدرات والسلاح.
واليوم، تقوم أوزبكستان، باعتبارها شريكا فى منظمة شنغهاى للتعاون، بالوقوف بقوة خلف المبادرات السياسية الرامية لحل القضايا والتحديات التى تواجه القرن الواحد والعشرين.
وقد توجت رئاسة جمهورية أوزبكستان لمنظمة شنغهاى للتعاون فى السنوات 2003-2004، و2009-2010، عددا من المبادرات والتدابير الفعالة نحو تعزيز صيت ودور هذه المنظمة على الصعيد الدولى.
وفي أعوام 2015-2016، سوف تترأس أوزبكستان من جديد هذه المنظمة، وكما أكد قائد الدولة فى قمة أوفا السابقة لمنظمة شنغهاى للتعاون، فإن أوزبكستان فى مبادراتها السلمية، تنوى التمسك والالتزام الصارم بمبادئ الاستمرارية والتعزيز المتواصل والتطوير للتعاون ذى المنفعة المشتركة، الذى يلبى مصالح دول منظمة شنغهاى للتعاون، وكذلك ضمان الصعود المتواصل لصيت المنظمة على الصعيد الدولى.
وتظل مهمة الساعة الحيوية فى إعداد التدابير الخاصة بتعزيز الكفاح المشترك ضد الإرهاب والتطرف والحركات الانفصالية، ووضع الحلول المناسبة لمواجهة التحديات العصرية للأمن الدولى والإقليمى، وضمان التنمية المستدامة للاقتصاد والتنمية الانسانية لكل الدول الأعضاء فى المنظمة.
ومنذ السنوات الأولى للاستقلال، أعلنت جمهورية أوزبكستان عن التعاون مع أوروبا باعتباره واحدا من أولويات سياستها الخارجية... وتتطور العلاقات مع أوروبا قدما فى الاتجاهين، فى إطار اتفاقية الشراكة والتعاون مع المجتمعات الأوروبية ودولها- الأعضاء، والتى دخلت حيز التنفيذ فى الأول من يوليو لعام 1999.
وعبر السنوات المنصرمة، تم فى إطار رابطة الدول المستقلة (الكومنولث) وضع الإطار القانونى واسع النطاق، وإعداد الأدوات والآليات للتعاون المشترك، الذى يشمل عمليا العديد من المناحى الحيوية للدول الأعضاء فى الرابطة.
وتقدم الرابطة فرصا واسعة لإعداد النهج والتدابير التنسيقية العملية المتبادلة المقبولة، والتى تصب نحو الاستجابة الكافية فى الوقت المناسب لمواجهة التهديدات والمخاطر أمام التنمية المستدامة والاستقرار والأمن للدول الأعضاء، وحل النزاعات والخلافات للتواصل المتبادل للمواطنين فى محيط دول رابطة الدول المستقلة.
منذ عام 1991، وبعد انضمام أوزبكستان إلى المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، دخلت فى عداد البلدان التى تلتزم بشروط المعاهدات الدولية الهامة فى المجال المذكور.
فى 28 أغسطس لعام 1992، وفى مدينة نوكسوس، تقدم المشاركون فى المؤتمر الدولى العلمى- التطبيقى الخاص بقضية بحر الأرال ومنطقة بحر الأرال، بنداء إلى الحكومات، والبرلمانات والمجتمعات فى دول آسيا الوسطى، لإقامة الصندوق الدولى لحل قضية حوض بحر الأرال.
فى الرابع من يناير لعام 1993، أقيم فى طشقند لقاء القمة للدول الخمس فى آسيا الوسطى، والذى أسفرت نتائجه عن اتخاذ تلك الدول القرار حول إقامة  الصندوق الدولى لإنقاذ بحر الأرال.
وخلال فترة رئاستها للصندوق فى الفترات منذ عام 1997 حتى عام 1999، ومنذ عام 2013 حتى الوقت الراهن، بذلت أوزبكستان جهودا مضنية نحو تطوير القاعدة القانونية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر الأرال، وعقد الروابط وأواصر التعاون المشترك مع الهيئات الدولية والمؤسسات المالية بهدف توفير التنمية المستدامة فى حوض بحر الأرال.
ويحتل أهمية خاصة خلال فترة رئاسة أوزبكستان الحالية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر الأرال، الدور الذى قام به المؤتمر الدولى المقام فى 28-29 أكتوبر لعام 2014 فى أورجينش بعنوان "تطوير التعاون فى منطقة حوض بحر الأرال فى سبيل تخفيف آثار الكارثة البيئية"، والذى أسفرت نتائجه مع الهيئات الدولية المعنية عن توقيع الاتفاقية لتنفيذ المشروعات القومية والإقليمية فى حوض بحر الأرال بقيمة إجمالية بلغت 1,9 مليار دولار، وتقديم الموارد اللازمة للمساعدات التقنية والمنح غير المشروطة بقيمة 200 مليون دولار.
وفى حديثه التليفزيونى، أشار بان كى مون السكرتير العام للأمم المتحدة، إلى أهمية إقامة ذلك المؤتمر الدولى، المرتبطة بقضايا الكارثة البيئية فى منطقة بحر الأرال، والتى جرى الاعتراف بها باعتبارها أسوأ الكوارث البيئية فى العالم من صنع الانسان، والتى تلحق ضررا فادحا بصحة ملايين البشر وبالبيئة المحيطة.
وتتعاون أوزبكستان بصورة واسعة مع الانتربول، واللجنة الأولمبية الدولية، والهيئات والاتحادات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية الرائدة.
وخلال سنوات الاستقلال، أقامت أوزبكستان العلاقات الدبلوماسية مع أكثر من 130 دولة فى العالم. وعبر الأداء الدقيق للمعاهدات الدولية التى وقعت عليها، والاتفاقات الشاملة والثنائية، اكتسبت الجمهورية الشابة الاحترام والصيت على صعيد المجتمع الدولى. ويتأكد هذا الأمر عبر علاقاتها الدولية المتنامية.
وقد تم وضع القاعدة القانونية للتعاون الدولى لأوزبكستان، والتى يقوم طبقا لها النشاط الدولى للجمهورية مستندا إلى قوانين دستور جمهورية أوزبكستان حول "اعتماد مبادئ عمل السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان"، و"المعاهدات الدولية"، و"الدفاع"، و"العقيدة العسكرية"، وغيرها من المواثيق التشريعية القائمة على أسس وأهداف منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، وكذلك استنادا إلى التعهدات المنبثقة من المعاهدات الدولية، والمعتمدة من البرلمانات القومية.
واليوم، ينصب اهتمام العالم بأسره نحو تلك التحولات الواسعة التى تجرى فى اقتصاد أوزبكستان. ويتنامى الاهتمام فى زيادة أوجه التعاون مع بلادنا انطلاقا من النهج الراسخ للسياسة التى اتبعتها الدولة نحو تحقيق السياسة الموحدة للدولة فى مجال النشاط الاقتصادى الخارجى، وتحفيز التصدير، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحرير التجارة الخارجية، وتوسيع وتعزيز الروابط التجارية الخارجية. وعبر السنوات الأخيرة فقط، وفى إطار حزمة البرامج لتحرير الاقتصاد كليا فى البلاد، أقيمت على أراضى الجمهورية المنطقة الصناعية- الاقتصادية الحرة "نافوى"، والمناطق الصناعية المتخصصة الحرة "أنجرين"، و"جيزاك"، والتى تعمل ضمن نظام توفير أقصى الحوافز والتسهيلات الممنوحة لرجال الأعمال الأجانب. وتعمل بالفعل على نحو مثمر تلك المصانع التى تم تشييدها فى أراضى تلك المناطق، جالبة بذلك الفائدة الملموسة لاقتصاد أوزبكستان وشركائها فى الخارج.
لو أن جاذبية الجمهورية فى الماضى تمثلت فى مواردها الطبيعية، إلا أن حافز الشراكة معها فى الوقت الراهن يتمثل فى الشروط المواتية لأنشطة ومشروعات رجال الأعمال، وانتاج سلع الصناعات الخفيفة، وصناعة السيارات، والمنتجات الزراعية الجاهزة ذات الجودة العالية، والخدمات المقدمة بأعلى المعايير العالمية، والأهم هو الشراكة الواعدة القائمة على حسن النوايا. ويؤكد على حقيقة هذا الأمر المنتديات الدولية الكبرى التى تقام فى أوزبكستان حول قضايا: تطوير العلوم، والثقافة،  وتشكيل المجتمع المدنى، والإصلاحات القانونية، وضمان الأمن الغذائى وغيرها.
ومن فوق قمة الأربع وعشرين عاما، وانطلاقا من النجاحات المتحققة على الدرب الذى قطعته، يمكن القول بكل الثقة والفخر، أن أوزبكستان اليوم تمثل جزءا لا يتجزأ من المجتمع العالمى.
وتحت عنوان "أوزبكستان .. تجربة زراعية رائعة في وقت قصير" كتب محمود سعد دياب، في صحيفة شباب النيل الإلكترونية المصرية يوم 7/9/2015 مقالة جاء فيها:
محمود سعد دياب
منذ الأيام الأولى لاستقلالها تمضي الأمور في جمهورية أوزبكستان بوتيرة متواصلة استراتيجية تنمية القطاع الزراعى، والتى تصب نحو ضمان توفير الأمن الغذائى للبلاد.
وقد صار يمثل احدى القاطرات الرئيسة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة المستقلة عن الاحتلال السوفيتي منذ أقل من ربع قرن، هذا النهج في إنتاج الفواكه والخضروات، باعتباره جزءا حيويا من المنظومة الكلية الخاصة بضمان الحياة للسكان، والحفاظ على صحتهم، وكذلك خلق الشروط الملائمة للعمل.
وهكذا، فقد تمثلت أولى التدابير الخاصة بالنهج المتحول جذريا نحو تحقيق الاستقلال الغذائى فى أوزبكستان، فى القرار غير المسبوق، الذى تم اتخاذه عام 1989 بعد، حول تخصيص أكثر من 400 ألف هكتار من الأراضي المزروعة كى تتبع أراضى الديار الريفية.
ومضت الخطوات التالية نحو تحقيق الاصلاحات المؤسساتية والخاصة بالأسواق فى القطاع الزراعى، لتشمل تغيير البنية الخاصة بالأراضى المزروعة، وتقليص المساحات المزروعة بالقطن لأكثر من مرتين تقريبا، وذلك لصالح زراعة الحبوب.
والنتيجة أنه بعد أن كانت أوزبكستان فى الماضى تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها للحبوب، صارت تتمتع بالاكتفاء الذاتى من الحبوب، وأصبحت البلاد تنتج سنويا أكثر من سبعة ملايين طنا من الحبوب.
وصار الاتجاه الحيوى الآخر لسياسة الدولة الخاصة بالقطاع الزراعى يتمثل في عدة أمور أهمها إلغاء المؤسسات الحكومية والتعاونيات الزراعية وإقامة المزارع الريفية، التي تضمن زيادة إنتاجية العمل انطلاقا من الأسس الحديثة للتكنولوجيا الزراعية؛ بالإضافة إلى تنويع أفرع القطاع الزراعى، وتنمية زراعة البطاطس، والعنب، والمناحل، وتربية الطيور الداجنة، وقطاع صيد الأسماك؛ والتوسع فى نظام التسهيلات الائتمانية الممنوحة للإنتاج الزراعى؛ وإقامة المنظومة الفعالة لتوفير الخدمات التقنية للمزارع الريفية والفلاحين، وكذلك توريد الاحتياجات اللازمة لها من الموارد المادية- التكنولوجية الضرورية (الوقود، والأسمدة الكيماوية، الوسائل البيولوجية والكيماوية لحماية الزراعات، البذور)؛ تشكيل نظام النقل والإمداد اللوجستى الخاص بالحفاظ على المنتجات الزراعية ونقلها، وكذلك وسائل الإعداد الصناعى لتلك المنتجات.
بداية من عام 1997، أظهر القطاع الزراعى للبلاد وتائر النمو العالية الراسخة، والتى شكلت نسبة بلغت 6-7% سنويا... ومنذ عام 1991 وحتى وقتنا هذا، تضاعف حجم الإنتاج الزراعى إجمالا لأكثر من مرتين. وقد أتاح هذا الأمر مضاعفة نصيب الفرد من السكان في استهلاك اللحوم إلى 1,3 مرة، والحليب ومنتجات الألبان إلى- 1,6 مرة، والبطاطس إلى- 7 مرات، والخضروات إلى- أكثر من مرتين، والفواكه إلى 4 مرات تقريبا.
في الوقت الراهن يتم فى الجمهورية إنتاج أكثر من 17 مليون طنًا من الفواكه والخضروات سنويًا .... ويبلغ نصيب الفرد من السكان حوالى 300 كيلو جرام من الخضروات، و75 كيلو جرام من البطاطس، و44 كيلو جرام من العنب. وتفوق هذه المؤشرات المعدلات النموذجية للاستهلاك بثلاث مرات تقريبا.
وفي السنوات الأخيرة تحولت أوزبكستان إلى مُصدر كبير للخضروات والفواكه ذات الجودة والقدرة التنافسية العالية، وفى سبيل توفيرها طوال العام، يولى اهتمام كبير لعمليات الإعداد والتخزين، وفى الوقت الراهن يتم تصدير أكثر من 180 نوعا من الخضروات والفواكه الطازجة المجهزة. ويصل نصيبها إلى 73% من حجم التصدير.
ويجرى التوسع فى المساحة الجغرافية لتصدير منتجات الخضروات والفواكه وفى زراعة الكروم، ففي الماضي كانت الجمهورية تقوم تقليديا بتوريدها بصورة رئيسة إلى روسيا، وكازاخستان وغيرها من الدول الأعضاء فى رابطة الدول المستقلة، ولكن فى الوقت الحالى يجرى شحن تلك المنتجات إلى أسواق أكثر من 120 دولة فى العالم.
وعلى وجه الخصوص، فقد اتسعت جغرافية التوريدات من خلال تنظيم التصدير إلى أندونيسا، والنرويج، ومنغوليا، والمملكة العربية السعودية، وسلوفاكيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتايلاند واليابان.
وعبر سنوات الاستقلال جرت التغييرات الإيجابية أيضا فى قطاع المياه، وتمثل واحدة من الاتجاهات ذات الأولوية فى سياسة التنمية المتواصلة للبلاد، قضايا تحسين أوضاع الأراضى المستصلحة المزروعة، والاستخدام الرشيد والحريص للموارد المائية المحدودة، والنهوض بخصوبة الأراضى. واستطاعت أوزبكستان عبر سنوات الاستقلال الحفاظ على قدراتها فى الرى والتحديث والتطوير الناجح لنظام رى الأراضي.
ويصب الاهتمام بصورة خاصة نحو تطوير تقنيات الرى الموفرة للمياه. فخلال السنوات لأخيرة تم إدخال نظام الرى بالتنقيط فى مساحات مزروعة بلغت حوالى 16,3 ألف هكتار، تزداد سنويا بخمسة آلاف هكتار. كما يستخدم الرى بمساعدة الأنابيب المرنة وعبر الطبقات الرقيقة فى مساحة بلغت أكثر من 18,7 ألف هكتار، وذلك فى حقول القطن بصورة رئيسة.
وخلال في الفترة من عام 2013 حتى عام 2017 يجرى تخصيص القروض طويلة الأجل على أساس من التسهيلات التى تقدمها الدولة إلى مستخدمى الأراضى وأصحاب المزارع، وذلك لإدخال نظام الرى بالتنقيط فى مساحات بلغت 25 ألف هكتار، ويتم إعفاء المزارع التى تستخدم التقنيات الموفرة للمياه من سداد الضرائب المفروضة على الأراضي وغيرها من أنواع الضرائب الأخرى لفترة خمس سنوات.
ويصب الاهتمام الكبير نحو تطوير البنية التحتية لنظم مياه الرى من خلال جذب رؤوس الأموال الأجنبية. ويجرى تنفيذ المشروعات العملاقة بمشاركة المؤسسات المالية الدولية والبلدان الشريكة.
وفي الوقت الحالى جرى الانتهاء من تنفيذ عدد من المشروعات مثل "الصرف الصحى لأوزبكستان" بقيمة بلغت 74,55 مليون دولار بمشاركة من البنك الدولى، ومشروع "إعادة تأهيل محطة كيومازار للضخ" بالاشتراك مع منظة البلدان المصدرة للنفط (بقيمة- 12 مليون دولار)، و"إعادة تأهيل محطة كراكول للضخ" بمساهمة من المستثمرين الصينيين (14 مليون دولار).
ويتواصل تنفيذ مشروعات "ترميم قنوات الرى الرئيسة لمنظومة طشساك فى مقاطعة خوارزم" بمشاركة من البنك الإسلامى للتنمية (144,2 مليون دولار). وبالاشتراك مع فرنسا سوف ينطلق برنامج "إعادة تأهيل محطات الضخ نافوى وأوتشكار" (38,26 مليون دولار). كما خصص البنك الآسيوى للتنمية بدوره 284,46 مليون دولار لترميم نظام الرى آمو- بخارى.
وفي المستقبل القريب يجرى التخطيط لتنفيذ مشروعين عملاقين آخرين هما- "تطوير إدارة الموارد المائية فى جنوب قراقاباكستان" بالمساهمة المالية من البنك الدولى، و"تطوير إدارة الموارد المائية فى مقاطعة سورخاندار" بالاشتراك مع البنك الإسلامى للتنمية.
ونتيجة للتدابير التنظيمية المتخذة لاستهلاك المياه، ومقارنة بعام 1990، تقلص الاستهلاك فى أرجاء الجمهورية من 62 إلى 51 مليار متر مكعب من المياه (بنسبة 21%) سنويا. كما انخفض نصيب استهلاك المياه من موارد الرى للهكتار الواحد من 18 ألف متر مكعب للهكتار إلى 10,5 ألف متر مكعب للهكتار (بنسبة 42%).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق