الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

لقاء في طشقند مع أحمد عبده طرابيك


لقاء في طشقند
قبل الإنتخابات النيابية التي جرت في أوزبكستان يوم 21/12/2014 اتصل أحد مرافقي أعضاء الوفد المصري لمراقبة سير عملية الإنتخابات، ومترجمه الخاص يخبرني بأن الكاتب والباحث في الشؤون الآسيوية أحمد عبده طرابيك يود الإلتقاء بي للتحدث حول بعض الأمور المتعلقة ببحث يقوم به عن طريق الحرير العظيم، وآثار الكارثة البيئية التي تهدد التنمية في حوض بحر الأورال. واختصاراً للوقت إقترحت عليه مراجعة في طشقند إدارة الصندوق العالمي لإنقاذ بحر الأورال، وإدارة شركة "أوزبيكتوريزم" ووكالة أنباء "Jahon" للحصول على معلومات دقيقة تهمة لإضافتها إلى بحثه العلمي.
والإنتخابات النيابية في أوزبكستان جرت بنجاح منقطع النظير، وعشية توجه المراقبين الدوليين برحلة سياحية إلى خيوة وبخارى وسمرقند عاد المترجم واتصل مرة أخرى وأعطى سماعة الهاتف للأستاذ الجامعي المصري أحمد عبده طرابيك الذي أكد على رغبته اللقاء بي وخاصة أنه من بين متابعي ما أنشره عن أوزبكستان في شبكة الإنترنيت العالمية وأبدى إعجابه بمضمونها.


وفي اليوم الأخير لزيارة الوفد إلتقيته بفندق طشقند بالاس واقترحت عليه القيام بجولة بسيطة بمركز مدينة طشقند لأطلعه على معالمها الرائعة، وأثناءها جلسنا في مقهى جميل هادئ وتبادلنا الأحاديث حول إنطباعاته عن زيارته لأوزبكستان، فقال: اقتنعت خلال جولتي في أوزبكستان كمتخصص في الشؤون الاسيوية أن أوزبكستان هي واحدة من البلدان الفريدة في العالم الإسلامي التي تبدي حكومتها كل هذا الإهتمام بالآثار التاريخية وتحيي تراث أجداد الشعب الأوزبكي العظام.
وعن إنطباعته عن سير العملية الإنتخابية والتي زار خلالها العديد من المراكز الإنتخابية في ولاية خوارزم أبدى إعجابه بدقة تنظيمها والتقيد التام بالقواعد الإنتخابية الدولية المعروفة، والإلتزام الكامل بمضامين التشريعات الإنتخابية الوطنية، والمنافسة الإيجابية والشريفة بين الأحزاب السياسية المشاركة في الإنتخابات، والإقبال الكبير على التصويت منذ ساعات الصباح الأولى، ومما لفت إنتباههه كان مشاركة الناخبين نساء ورجالاً من مختلف الأعمار، وقال: ليت خبراء الدول العربية يدرسون التجربة الإنتخابية الأوزبكستانية لاستخدامها عند إجراء إنتخابات برلمانية في الدول العربية. فهي خبرات إيجابية تستحق كل الإهتمام.
وقبل الوداع أهداني كتابه الموسوم "قره باغ طريق السلام في القوقاز" الذي تناول في فصوله: قره باغ جغرافياً وتاريخياً، ودور القيادة الأذربيجانية في تسوية الصراع، والحرب في قره باغ الجبلية، وجذور الصراع، والجرائم ضد الإنسانية، والإرهاب الأرمني، وقره باغ وفلسطين، والمفاوضات وآفاق التسوية، وحول التسوية، وعقبات التسوية، والأطراف الفاعلة في الصراع، والشرعية الدولية، وتطور العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا، وجملة من الملاحق والوثائق.
وأشار أحمد عبده طرابيك على غلاف كتابه إلى أنه كاتب وباحث في الشؤون الآسيوية، وله العديد من المؤلفات منها: كتاب (تراجم أوزبكستانية) والعديد من المقالات والدراسات عن كثير من من الدول الآسيوية، كما شارك في العديد من المؤتمرات منها: (برنامج تطوير الإعلام في الدول الناطقة بالتركية. أنطاليا – تركيا 2009)، والمؤتمر الدولي الـ 21 "التطورات الجيوسياسية في العالم الإسلامي ومنطقة الخليج – بندر عباس – إيران 2013"، ومؤتمر (تاريخ أذربيجان ونهضتها الحديثة. مركز الدراسات الآسيوية – جامعة القاهرة 2013)، وندوة (الموقف القانوني للأقليات في الصراعات الدولية – دراسة حالة قره باغ الجبلية. مجلة الديمقراطية ومركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية مؤسسة الأهرام 2014). ومنتدى (أستانا الاقتصادي السابع – أستانا – قازاقستان 2014).
وأشار إلى أن كتابه هو عملية إبحار في منطقة جغرافية من أهم مناطق العالم، حيث تلتقي خطوط التواصل بين الشرق والغرب، وتلتقي الحضارات العريقة مع بعضها البعض عبر العصور، وهي عالم مثير يحمل في طياته من عبق التاريخ وسحر الحضارة وقمة الإثارة، لما تمثله تلك المنطقة من أهمية حيوية وجيواستراتيجية لا يمكن اختزالها في مجرد صراع بين دولتين على منطقة أو إقليم من الأرض.
وأن الكتاب تتبع المراحل التاريخية لإقليم "قره باغ الجبلية"، من خلال تناول المراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة، وكيف كانت تلك المنطقة هدفاً ومحط أطماع القوى الكبرى نظراً لأهميته سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً. وتناول الكتاب مراحل الصراع العنيف بين طرفي النزاع، ومدى العنف والاضطهاد والتهجير الذي تعرض له سكان "قره باغ الجبلية" من قبل قوات الإحتلال الأرمني بغية فرض أمر واقع من خلال تغيير المعالم الديموغرافية والتاريخية بالإقليم.
وقدم الكتاب مقارنة بين قضية "قره باغ الجبلية" والقضية الفلسطينية، حيث يتشابه الصراع العربي الإسرائيلي والصراع بين أرمينيا وأذربيجان حول "قره باغ الجبلية" في جوانب عديدة مختلفة، كما يؤكد على أهمية إقليم "قره باغ الجبلية" في توفير السلام والإستقرار في المنطقة الهامة والحيوية ومصادر وخطوط إمدادات الطاقة من روسيا ومنطقة بحر قزوين إلى الدول الأوروبية.
لأن إقليم "قره باغ الجبلية" من المناطق بالغة الأهمية ليس لأنه يمثل جسراً  بين آسيا وأوروبا، أو لأنه من أهم مناطق استخراج وعبور إمدادات الطاقة من أذربيجان ومنطقة بحر قزوين إلى أوروبا وحسب، بل وتكمن أهميته بإعتباره نموذجاً يجمع بين وحدة الأرض وحق تقرير المصير للقوميات المختلفة التي تعيش في منطقة تشهد دولها ظواهر متشابهة نتيجة إرث سوفييتي كان يقوم على سياسة التفرقة من خلال تناثر العديد من القوميات داخل الدولة الواحدة لضمان السيطرة عليها بالقبضة القوية المركزية، ومن ثم إشعال المزيد من الصراعات القومية والعرقية رغم أن أذربيجان قدمت للأرمن في إقليم "قره باغ الجبلية" أعلى درجات الحكم الذاتي وهو ما لم تقدمه أي دولة من دول الإتحاد السوفييتي السابق لأي قومية تعيش على أراضيها.
أ.د. محمد البخاري طشقند 24/12/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق