الأربعاء، 17 يونيو 2020

بخاري مهد التصوف

 بخاري مهد التصوف
طشقند 17/6/2020 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري.
تحت عنوان "بخاري مهد التصوف" نشرت الوسيلة نيوز يوم 17/6/2020 مقالة كتبها أجمد عبده طرابيك وجاء فيها:

عرفت بخاري بأنها أرض العلم والثقافة والعلماء، لذلك فقد حازت علي العديد من الألقاب منها "بخارى الشريفة، بخارى المقدسة"، حيث اشتهرت منذ الفتح الإسلامي لها بهذه الألقاب بها في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
 ويري البعض أن بخارى قد حازت اسمها بسبب العدد الهائل في الأماكن المقدسة التي تحتضنها ضواحي المدينة، أو بسبب ما أنجبته المدينة من علماء أفاضوا بنور علمهم فملأوا الدنيا بفيض أنوار العلم والمعرفة. وتقديراً لهذا الدور فإنه يتم الإحتفاء بالمدينة كعاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام، بعد أن تم اختيارها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسسكو". باعتبارها رمز من رموز الإشعاع الثقافي في العالم الإسلامي.
ومن بين الجوانب الهامة التي برزت فيها بخارى هو التصوف الإسلامي، حيث شكلت أحد أهم مراكز التصوف في العالم الإسلامي، ولذلك يطلق عليها مهد التصوف لما أنجبته من أهم رموز التصوف، ونذكر منهم السبعة الكبار في التصوف:
عبد الخالق الغجدوانى، هو مؤسس طريقة الخواجكان الصوفية، وواحداً من أربعة تلاميذ وأتباع يوسف الهمداني. وقد ولد في بلدة غجدوان الواقعة علي بعد خمسين كيلو متر من بخارى، ويقع بها ضريحه أيضاً.
ولد الغجدواني بقريه غجدوان القريبه من بخارى ونشا فيها وتوفي ودفن فيها أيضاً، ودرس في بخارى القرآن والتفسير على الشيخ صدر الدين. وفي الثانية والعشرين من عمره تتلمذ على يد الهمداني، ورافقه في أسفاره إلي بغداد وأصفهان وبلخ ومرو وبخاري وسمرقند.
وبعد أن ترك الشيخ يوسف الهمداني خراسان في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واتخذ أحمد يسوي عزلته، أسس الغجدواني مدرسة التصوف في آسيا الوسطي "طريقة الخواجكان" أي "طريق الحجاج"، والسمة المميزة لهذه الطريقة هي ممارسة الذكر الهادئ بوسيلة من التركيز الخاص، وقد اختار أتباع هذه الطريقة التقشف الطوعي، وعاشوا نمط الزهد في الحياة والتزموا بحياة الزهاد وابتعدوا عن زواج النساء.
كان الأتباع المباشرون للغجدواني، الحاج محمد عارف الريوكري، والحاج محمود الأنجير فجنوي، والحاج الراميتاني، والحاج محمد بابا السماسي، والحاج سيد أمير كلال، ومحمد بهاء الدين نقشبند، الذي أصلح مذهب "الخواجكان" وأسس الطريقة النقشبندية.
كتب الغجدواني الكثير من المؤلفات منها: الرسالة والطريقة، الرسالة والصحوة، الوصايا والأمنيات، الذكر عند عبد الخالق الغجدواني، مقامات الهمذاني، ووصية بعث بها إلى خليفته الشيخ نظام الدين أولياء الكبير ذكرت فى رشحات عين الحياة للشيخ القزاني، وفائدة فى كتاب تبيان الوسائل.
وتقوم هذه الطريقة العلية على العمل بإحدى عشرة كلمة، ثمانية منها مأثورة عن الشيخ عبد الخالق باللغة الفارسية، وثلاث مأثورة عن السيد محمد بهاء الدين النقشبندي إمام الطريقة، وقد شرحها الشيخ محمد أمين الكردي باللغة العربية فى كتاب تنوير القلوب، وشرحها غيره ممن ألف في أدب الطريقة.
أما الشيخ عارف الريوكري، فقد ولد في 21 رجب 605 هـ أو 600 هـ، وتوفي عام 691 هـ، في قرية ريوكر الواقعة بين بخاري وغجدوان، وبها ضريحه أيضاً. حيث يعد خليفة عبد الخالق الغجدواني، بعد أن اتبع الطريقة عنه، والذي ارتقي بها إلي الكمال.
ولد الريوكري ليلة الحادي والعشرين من رجب سنة 605 هـ علي الأرجح، في قرية ريوكر من قرى بخارى، والتي تبعد ميلاً واحداً عن غجدوان. وتوفي عام 649 هـ، ودفن أيضاً في روكر. وعندما كان في الثامنة عشرة من عمره، كان بوسعه أن يشرح جوهر الآيات القرآنية، وعندما بلغ الأربعين من عمره كان يري عبيد الله باستشرافه القلبي، كما يستشرف الأولياء.
عندما اقترب وقت وداعه مع هذا العالم، توجه الريوكري إلي الله تعالي راجياً أن يظهر له الشخص المثالي الذي يمكنه مواصلة عمله. فهداه الله إلى أقرب مريديه محمود الأنجير فجنوي. وترك الريوكري وراءه أعمالاً يتحدث فيها بطريقة سهلة حول مسلك الشخص الذي طرق طريق الله، وحول ضرورة تحرير قلب المريد من كل شئ عدا الله سبحانه وتعالى، وعن الثيام بالأعمال بإخلاص من أجل اكتشاف السعادة في كلا العالمين وليس مجرد عيش الحياة بلا هدف.
أخذ الريكوري عن شيخه العلوم وتلقى المعارف، ولم يكن له عن تلقيه صارف، فتفرد بالزهد والتقوى عن عالم السر والنجوى وله رتبة سامية ومقامات عالية. ولذلك يقول إن الإرشاد من أهم المهمات، ومن أعظم الأمور، لأنه يجب على المرشد الكامل أن يطَّلع على حقيقة المريد من بداية الخلق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق