طشقند 11/9/2018 أعدها للنشر أ.د. محمد
البخاري
تحت عنوان "السياسة الخارجية لجمهورية
أوزبكستان بعد الاستقلال" نشرت صفحة شباب النيل الإلكترونية يوم
10/9/2018 مقالة كتبها: الدكتور عادل درويش مدير المركز المصري في اذربيجان
سابقا، وجاء فيها:
تعتبر أوزبكستان موطن العلماء المسلمين العظام
والشعراء، والفلاسفة، ورجال الدين، والحكام والقادة أمثال: الإمام البخاري،
أبو نصر الفارابي، ابن سينا، أبو القاسم الزمخشري، والأمير
تيمور، وغيرهم من الذين تركوا أثراً لامعاً في تاريخ الحضارة الإسلامية. وقد
عبرت كل أراضي أوزبكستان طريق الحرير العظيم وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز.
وتعتمد السياسة الخارجية لدولة أوزبكستان على
التوازن وتعددية التوجهات فى التعاملات على الساحه الدوليه والالتزام بمبدأ عدم
التدخل في شؤون الدول الأخرى مع الحفاظ على الأمن السياسي والاقتصادي للبلاد
والمنفعة المتبادلة مع دول أسيا الوسطى ودول العالم. وقد حدد فخامة الرئيس اسلام
كريموف رئيس جمهورية اوزبكستان الاتجاهات الأسياسية للسياسة الخارجية
للجمهورية في المرحلة المعاصرة وذلك خلال كلمته التي القاها في الاجتماع العام لمجلس
الشيوخ والغرفة التشريعية للمجلس الأعلى في يناير عام 2005م. والتى تتضمن مايلى :
أولا: تحديد أولوية المصالح الوطنية الحيوية
الهامة
ثانيا: حماية حقوق مصالح المواطنين في البلاد
وخارجها.
ثالثا: تعزيز العلاقات الاقتصادية وجذب
الاستثمارات الخارجية في الاقتصاد القومي للبلاد
رابعا: المحافظة على استقرار الأمن في منطقة
وسط اسيا والعالم حيث تلعب منظمة تعاون شانغهاي بطشقند في السنوات الأخيرة دورا
كبيرا في تدعيم الاستقرار في منطقة آسيا الوسطى من خلال مكافحة الارهاب والتهديدات
التى تواجهها بلدان هذه المنطقة من ناحية التطرف الدينى ومكافحة تهريب المخدرات
وكذلك دعم النمو الاقتصادي لهذه البلدان.
ومن الجدير بالذكر هنا أن جمهورية أوزبكستان
تقوم مع المنظمات الدولية في العالم في حل القضايا المعاصرة الملحة وذلك في إطار
هيئة الأمم المتحدة حيث تهدف لتحويل منطقة آسيا الوسطى إلى منطقة خالية من السلاح
النووي وذلك من خلال مبادرة فخامة رئيس الجمهورية حول تشكيل المركز الاقليمي للأمم
المتحدة لمكافحة وتهريب المخدرات
ومن أبرز المشاكل التى واجهتها أوزبكستان عند
وضع سياستها الخارجية بعد الاستقلال مايلى:
اولا: كانت اوزبكستان قبل الاستقلال لا تملك
صلاحية إجراء أي تعاملات سياسية دولية لأن ذلك كان من اختصاص الحكومة المركزية
بموسكو بينما بعد الاستقلال فقد كان على اوزبكستان صياغة سياسة خارجية بناءه
لتحقيق المصالح الوطنية للدولة وذلك من خلال العلاقات الدولية مع مختلف دول
العالم.وفى هذا الشأن فقد قامت أوزبكستان بإعداد الكوادر السياسية والدبلوماسية
القادرة على تنفيذ السياسة الخارجية علما بأن روسيا لم تتقاسم السفارات السوفيتية
في الخارج مع أوزبكستان .
ثانيا: انتقال أوزبكستان من وجودها قبل
الاستقلال داخل إطار نظام عالمي ثنائي القطبية مستند إلى الحرب الباردة, إلى انها
أصبحت بعد الاستقلال تعيش في نظام عالمي أحادي القطبية تسيطر عليه الدول
الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة وكذلك ظهور ظاهرة العولمة. وبناءا على ذلك كان
على أوزبكستان أن تواجه التعامل مع نظام عالمي له آليات تختلف عن الآليات التي
سادت طوال الحقبة التي كانت فيها أوزبكستان جزءًا من الاتحاد السوفيتي.
ثالثا: كانت العمليات التجارية من صادرات
وواردات لجمهورية أوزبكستان قبل الاستقلال تتم مع باقى جمهوريات الاتحاد السوفيتى
بينما بعد الاستقلال فقد كان على اوزبكستان الحفاظ على العمليات الاقتصادية التى
تضمن حماية المصالح الاقتصادية الاوزبكية والتى تأئرت بتفكك الاتحاد السوفيتى
رابعا: معاناة أوزبكستان من الوصول إلى البحار
الدولية والذي يؤثر على موضوع الأمن المائى للدوله حيث أن معظم الأنهار التي تنساب
إلى أوزبكستان تنبع من دول أخرى مثل أفغانستان, وطاجيكستان, وقرغيزستان وعلى ذلك
كان على أوزبكستان وضع حلول هذه المشكلة مع الدول المجاورة لها.
خامسا: عدم الاستقرار الاقليمى لأوزبكستان بعد
الاستقلال من خلال حالة التنافس الاقليمي للسيطرة على دول اسيا الوسطى والتى كانت
بين كل من إيران, وتركيا, وروسيا, والصين, والولايات المتحدة, والهند, وباكستان
هذا بالاضافة لظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي انطلقت بعد انسحاب الاتحاد
السوفيتي من أفغانستان. فقد كان على أوزبكستان صياغة سياسة خارجية بالأخذ فى
الاعتبار مثل هذه المشاكل.
ويمكن القول أن سياسة أوزبكستان الخارجية قد
تحولت منذ سنة 1991 وحتى الآن عبر مرحلتين أساسيتين:
المرحلــــة الأولـــى: مرحلة “القومية
التيمورية وتنويع البدائل”:
وهي التي امتدت من ديسمبر سنة 1991 وحتى
فبراير 1999م. والتى حرصت فيها أوزبكستان على صياغة سياسة خارجية تعتمد على
تأكيــد الهويــة القومية الأوزبكيــة, والسعي نحــو بناء أوزبكستـــان الكبــرى
وذلك من خلال احياء تراثها مثل شخصية تيمورلنك الذى عاش فى القرن الرابع
عشر وتوظيفة لاظهار اوزبكستان كدولة رائدة لدول وسط اسيا يكون بامكانها استعادة
اراضيها التى فقدتها قبل الاستقلال فى بعض الدول مثل طاجيكستان وافغانستان.
وفي هذا الإطار فقد أعلنت أوزبكستان أنها قد
بدأت تأخذ مكانها الإقليمي باعتبارها وريثة إمبراطورية الأمير تيمور,
وبالتالي فإنها تمثل قيادة دول آسيا الوسطى, وقد قامت أوزبكستان بتنويع توجهات
سياستها الخارجية من خلال التوازن فى التعاون مع الغرب من ناحية وعلاقات أوزبكستان
مع روسيا ودول الكومنولث من ناحيه أخرى. وفى هذا الاطار فقد طالبت أوزبكستان
بإنشاء اتحاد أوربي- آسيوي (أوراسي) يضم (الصين, وتركيا, والدول الأوربية) وانتهاج
النموذج الذي قدمه الاتحاد الأوربي.
أما المرحلة الثانية, فهى مرحلة محاربــــة
الإرهــــاب والتى بدأت من فبراير 1999 وحتــى الآن .
وتجدر الاشارة هنا الى ان السياسة الخارجية
لدولة أوزبكستان وعلاقاتها بالدول الغربية تعتمد على تقوية تلك العلاقات وذلك حتى
يكون الغرب عاملا مكافئا للنفوذ الروسي فى منطقة وسط أسيا.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف فقد قامت أوزبكستان
بالخطوات التالية:
1-انضمت أوزبكستان إلى مؤتمر الأمن والتعاون
الأوربي عام 1992
2- انضمت أوزبكستان لبرنامج “المشاركة من أجل
السلام” مع حلف الأطلنطي
3-شاركت في بعض المناورات العسكرية لحلف
الأطلنطى وذلك من منطلق أن الحلف هو قوة داعمه للااستقرار في أوراسيا وإلى تتطابق
فيها سياسات أوزبكستان وحلف الأطلنطي تجاه مشكلات الأمن الإقليمي والعالمي.
4- وقعت أوزبكستان مع الاتحاد الأوربي اتفاقية
مشاركة وسعت الى تقوية علاقاتها بالولايات المتحدة
5- شاركت أوزبكستان في الحملة الأمريكية ضد
الإرهاب دون تحفظات بعد أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 وذلك لإسقاط نظام طالبان في
أفغانستان, الذي كان داعما للحركة الإسلامية بها.
أما اذا تحدثنا عن العلاقات مع دول الجوار
والمؤسسات الدولية والإقليمية:
فقد اعترفت الكثير من الدول بجمهورية
أوزبكستان، وذلك منذ استقلالها حيث اعترف بها حتى الآن أكثر من 150 دولة، وأقامت
مع أكثر من 89 دولة علاقات دبلوماسية، وافتتحت في طشقند أكثر من 45 سفارة ومنظمة
دولية.
كما سعت أوزبكستان من تدعيم علاقاتها مع
المؤسسات الدولية والإقليمية بعد الاستقلال، وذلك من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية
ولهذا فقد ارتبطت أوزبكستان بالعديد من الاتفاقيات مع البنك الدولي وصندوق التعاون
الاقتصادي الياباني وغيرها.
وعندما نتحدث عن العلاقات السياسية بين
أوزبكستان والدول العربية فان جمهورية أوزبكستان ترتبط بعلاقات سياسية وتجارية مع
جميع الدول العربيه ومنها مصر التى تلعب دورا هاما فى تدعيم المبادرات السياسية
للقائد الأوزبكستاني في تحويل آسيا المركزية إلى منطقة خالية من الأسلحة الذرية
وكذلك الإسهام في التطور الإقتصادي والإجتماعي ولهذه الدولة.علما بانه بعد انهيار
الاتحاد السوفيتي واستقلال جمهوريات آسيا الوسطى، ومنهم أوزبكستان، اتجهت هذه
الدول صوب الدول العربية، حيث الروابط الثقافية والتاريخية والجغرافية, ولكن
مازالت الدول العربية لم تقم بالدور والدعم المطلوب تجاه هذه الدول المستقلة.
ومازالت أوزبكستان فى حاجة لمد اليد العربية لاستثمار مواردها، والتنقيب عن كنوزها
الأرضية من غاز طبيعي ومعادن اشتهرت بها هذه الأرض.
وفى هذا الاطار فقد قام الرئيس إسلام
كريموف باطلاق مبادرة لإقامة ممر جديد للنقل بين أوزبكستان وتركمانستان وإيران
وعمان وقطر عام 2010 والذي سيربط آسيا الوسطى بدول الخليج. كما تقوم أوزبكستان
بتعزيز التعاون الاقتصادي والمشروعات الاستثمارية مع دول الشرق الأوسط
أما اذا تحدثنا عن العلاقات الأوزبكية المصرية
فقد اعترفت جمهورية مصر العربية باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26 دىسمبر عام 1991
ودولة أوزبكستان حريصه كل الحرص على إقامة علاقات وثيقة ومتينه مع جمهورية مصر
العربية ومن أجل ذلك فان مصر كانت في طليعة الدول التي قام الرئيس الأوزبكي إسلام
كريموف بزيارتها في ديسمبر 1992م حيث تحظى مصر بمكانة خاصة لدى الشعب الأوزبكي
نظرًا لما تمثله مصر من عمق حضاري وإسلامي وثقافى وخصوصا وجود الأزهر الشريف بها.
وقد تم افتتاح سفارة أوزبكستان في مصر رسميًا عام 1994م والتى تقوم بدور متميز فى
توطيد وتطوير وتدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين وذلك من خلال مجموعة من
الانشطة السياسية و الاقتصادية والثقافية والعلمية والتقنية. كما توجد في مصر
جمعية الصداقة المصرية الأوزبكية التي تقوم بأنشطة كثيرة للتعريف بعادات الشعب
الأوزبكي وتقاليده وثقافته.
ولقد أكد معالى السفير آيبك عارف عثمانوف،
سفير أوزبكستان بالقاهرة أن بلاده تضع مصر كأولوية لها في السياسة الخارجية وأن
أوزبكستان ترغب في تدعيم الأمن والاستقرار في البلاد وأنها ستستمر في الاهتمام بتطوير
الحوار السياسي مع مصر وذلك فى ندوة بالسفارة بعنوان ”حاضر ومستقبل العلاقات
الأوزبكستانية المصرية”
الكاتب – أ.د عادل درويش .. أستاذ
بجامعة حلوان والمستشار الثقافى مدير المركز الثقافي المصري بسفاررة جمهورية مصر
العربية بدولة أذربيجان سابقا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق