تحت عنوان "آفاق العلاقات الدولية
لأوزبكستان" نشر موقع "أقلام وكتب" المصري بتاريخ
22/8/2016 مقالة كتبها: د. أحمد عبده طرابيك، وجاء فيها:
استعادت أوزبكستان استقلالها عن الاتحاد
السوفيتي عام 1991 ، ولم يكن لها أي رصيد من العلاقات أو الروابط الدولية الخارجية،
فكانت موسكو تحتكر كل تلك العلاقات، وعندما نالت استقلالها بدأت في نسج علاقاتها
الخارجية وخاصة في المجال الاقتصادي، وكانت تلك العلاقات تتطلب من الدولة الوليدة
تقديم مسوغات وشهادات قدرتها علي نسج علاقات قائمة علي تحقيق المصالح المتبادلة،
فقد كانت البلاد لا تمتلك رصيداً من الثقة لدي العالم الخارجي، كما أن اقتصادها في
ظل الاتحاد السوفيتي السابق يتميز بالاقتصاد الأحادى المتطور، الذى سيطر عليه
احتكار زراعة القطن، وتسليمه إلي الحكومة المركزية فى صورة مواد خام. فكان الشعب
يزرع القطن بسواعده ولا يعلم مدي قيمته الفعلية.
كانت أوزبكستان تمر بظروف اقتصادية صعبة
للغاية، فعشية الاستقلال، كان مخزون الدقيق والحبوب لأكثر من عشرين مليون نسمة، هم
سكان البلاد، يكفى لأسبوع واحد أو أسبوعين علي أقصي تقدير، وخلال تلك الظروف الصعبة
تم وضع برنامج شامل للتنمية، عرف فيما بعد باسم "النموذج الأوزبكي"
للتنمية، القائم على أساس المبادئ الخمسة الشهيرة واستنادا إلى تجسيد استراتيجية
الإصلاحات الرامية نحو تحديث البلاد، حيث اثبتت الأيام والسنين مدي نجاح وفاعلية
هذا البرنامج، وأن الحدود اللازمة يمكن أن تتحقق فقط بصورة تدريجية وبشكل مرحلى،
وقد تم وضع الأسس القانونية اللازمة من أجل تحسين مستوى المعيشة، وبناء دولة
القانون ذات التوجه الاجتماعى نحو اقتصاد السوق والانفتاح علي العالم.
بدأت أوزبكستان منذ الاستقلال فى إقامة روابط
التعاون الاقتصادى المستقل مع مختلف دول العالم، وقد تم تحديد أولوية تلك الشراكة
لقضايا التنمية، والتى تمثل الجانب الهام فى السياسة الخارجية للبلاد، ونتيجة لذلك،
فقد ارتفعت مكانة أوزبكستان التى تتمتع بالإمكانات الطبيعية والعلمية الكبيرة،
والقدرات القوية لتصدير منتجاتها، وقد صارت أوزبكستان عضوا فى تلك الهيئات
المرموقة مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومؤسسة التمويل
الدولية، والوكالة الدولية متعددة الجوانب لضمانات الاستثمار، ومنظمة الأغذية
والزراعة التابعة للأمم المتحدة، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط
الهادئ، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ومنظمة التعليم والعلوم والثقافة
"اليونسكو"، ومنظمة العمل الدولية، والمنظمة العالمية لحقوق الملكية
الفكرية، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاى للتعاون، ومنظمة التعاون الإسلامى،
وبنك التنمية الآسيوى، والبنك الإسلامى للتنمية، وغيرها من الهيئات والمنظمات
الدولية الأخرى.
أصبحت أوزبكستان عضوا كامل العضوية في الأمم
المتحدة في الثاني من مارس 1992، ومنذ ذلك التاريخ، يمضى تعزيز علاقات المنفعة
المتبادلة مع المنظمة الدولية، والمنظمات المدرجة فى هيكلها، المتخصصة فى مختلف
المجالات، بما فى ذلك الاقتصادية، وخلال الفترة الماضية، وبالشراكة مع الأمم
المتحدة تم تنفيذ عدد من المشاريع لدعم الإصلاحات الجارية فى الاقتصاد، والإدارة
الحكومية، والصحة، والتعليم، وحماية البيئة، حيث تم تقديم مساعدات تقنية التى
تجاوزت قيمتها 430 مليون دولار.
إلي جانب ذلك تم تفعيل عمل برنامج الأمم
المتحدة الإنمائي
(UNDP) ، في
أوزبكستان منذ عام 1993، والذي يعمل في إطار الشراكة على مواصلة الدعم القائم منذ
عام 1999 للمؤسسات الوطنية فى تنفيذ المشاريع بمختلف المجالات الاستراتيجية، مثل
مواصلة تطوير المشروعات الصغيرة والمشروعات الخاصة، وإدخال التقنيات الحديثة في
مجال الإدارة والتسويق والتنمية الزراعية، والقطاع الخاص، وحماية البيئة،
والاستخدام الرشيد للطاقة، حيث تم تنفيذ أكثر من 250 مشروعا بقيمة إجمالية بلغت
أكثر من 200 مليون دولار منذ إقامة تلك العلاقات.
اعترف العالم بالقدرات المالية والاقتصادية
لأوزبكستان في عام 1992، وذلك عندما انضمت إلى عضوية البنك الدولي، وتم افتتاح
مكتب له فى طشقند، ويتم التعاون الوثيق مع البنك الدولي في مجالات الصحة والتعليم
وتحديث وإعادة تأهيل منظومة الطاقة، وترميم وإصلاح شبكات الرى والصرف، وتحسين
البنية التحتية للمرافق العامة، ويمنح هذا الأمر بدوره، الفرصة للاندماج السريع في
السوق الاقتصادى والمالي، وتعريف المجتمع الدولي بفاعالية "النموذج الأوزبكي"
للتنمية.
من خلال العلاقات التي تربط بين أوزبكستان
والاتحاد الأوروبي، يتم باستمرار تطوير العلاقات الاقتصادية معه في إطار اتفاق
الشراكة والتعاون بين أوزبكستان والمجتمعات الأوروبية، فخلال الفترة من عام 1992
إلي عام 2015، تم تنفيذ مشاريع بقيمة 721.4 مليون يورو، وحتى عام 2020، وفى إطار
المساعدة المالية والتقنية لتحقيق التنمية الزراعية يخطط الاتحاد الأوروبى لتنفيذ
عدد من المبادرات في تصنيع المنتجات الغذائية ومشروعات إمدادات المياه والرى
والمزارع، والطاقة، من خلال تخصيص مبالغ قيمتها 168 مليون يورو.
لقد تم إقامة القواعد والآليات القانونية
اللازمة لتطوير العديد من المجالات الهامة في إطار التعاون مع رابطة الدول
المستقلة، بما فيها العلاقات التجارية والاقتصادية، وشبكات النقل والاتصالات،
والمجالات الإنسانية، فمنذ تشكيل رابطة الدول المستقلة، تحتل أوزبكستان بصورة
راسخة مكانتها بين الدول المناصرة لعدم اضفاء الطابع السياسى على عمليات تعميق
التكامل الاقتصادى والحفاظ على العلاقات الاقتصادية فى مستواها الجديد، حيث تدعم
أوزبكستان إنشاء منطقة للتجارة الحرة، على أساس المصالح التجارية المتبادلة، التى
تمثل شرطا هاما للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة فى دول الرابطة، ففى 31
مايو 2013، تم التوقيع فى سان بطرسبرج على معاهدة جديدة بشأن منطقة التجارة الحرة
في بلدان رابطة الدول المستقلة، وقد صدقت على الوثيقة كل من أوزبكستان، روسيا،
بيلاروسيا، كازاخستان، مولدافيا، أوكرانيا، أرمينيا.
يمثل التعاون في مجال العلاقات الاقتصادية
الخارجية من خلال منظمة شنغهاي للتعاون ( SCO ) ، منذ التوقيع علي تأسيس المنظمة فى 15 يونيو 2001، من قبل قادة
"أوزبكستان، كازاخستان، قيرغيزستان، روسيا، طاجيكستان الصين "حيث رسخت
المنظمة بوصفها آلية للتعاون متعدد الجوانب تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة،
وتطوير العلاقات الاقتصادية، وباعتبارها منصة للحوار البناء، وأداة فعالة لتطوير
الشراكة فى مختلف الاتجاهات، وبفضل المبادرات التى تقدمت بها أوزبكستان، فقد
ارتفعت تلك المجالات إلى مستوى نوعى جديد، حيث نالت أوزبكستان التقدير من قبل قادة
منظمة شنغهاي للتعاون خلال قمتهم الخامسة عشر، والتى عقدت في طشقند يومي 24، 25
يونيو 2016.
عملت أوزبكستان علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية
في إطار منظمة شنغهاى للتعاون، من خلال عدد من الآليات، أهمها: مجلس رؤساء حكومات
الدول الأعضاء في منظمة شنغهاى للتعاون، ومجلس الأعمال، واتحاد البنوك، فأوزبكستان
باعتبارها من مؤسسى منظمة شنغهاى للتعاون، تقوم بتحديد استراتيجية التعاون داخل
المنظمة، وترى أنه من المهم توحيد الجهود الرامية إلى دعم الاستقرار الإقليمى
وتنمية التعاون الاقتصادى والاستثمارى، وهذا من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة لهذه
المساعى، وكان إعلان طشقند الذى تم توقيعه فى 24 يونيو من العام الحالى 2016، فى
قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي استضافتها طشقند، والتي تناولت آفاق التعاون فى
المجالات التجارية والاستثمارية، والنقل والاتصالات من ثمار علاقات أوزبكستان
الاقتصادية مع العالم الخارجي.
تدرك أوزبكستان بأن إقامة الروابط الوطيدة مع
المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الآسيوى للتنمية"ADB" ، والبنك الإسلامى للتنمية"IDB" ، يلعب دوراً هاماً فى النهوض بالقدرات الاستثمارية للبلاد، وتحديث
السوق المالية، ولذلك سارعت أوزبكستان للعضوية فى بنك التنمية الآسيوى منذ أغسطس
1995، وتم افتتاح مكتبا تمثيليا للبنك فى أوزبكستان عام 1997، حيث تعتبر أوزبكستان
المساهم الخامس عشر الأكبر بين الأعضاء الإقليميين لبنك التنمية الآسيوي، وخلال
هذه الفترة الماضية، تم تنفيذ أكثر من 50 مشروعا، بقيمة إجمالية قدرها 12.5 مليار
دولار، في مجالات متعددة شملت التعليم والصحة والرى وإمدادات المياه والصرف الصحي،
وبناء المساكن في المناطق الريفية، والطاقة، والطرق والمواصلات، والبنية التحتية،
والقطاع المالى.
يمثل تطوير الطاقة البديلة اتجاهاً جديداً
هاماً في العلاقات الدولية، ففى الفترة من 20 - 23 نوفمبر 2013، عقدت فى طشقند
بالاشتراك مع البنك الآسيوى للتنمية الجلسة السادسة للمنتدى الآسيوى للطاقة
الشمسية تحت عنوان "اتجاهات وآفاق تقنية استغلال الطاقة الشمسية"، وقد
ساعد القرض الذي قدمه البنك الآسيوي للتنمية بقيمة 300 مليون دولار منذ عامين، علي
دعم تطوير فاعلية الطاقة البديلة فى إمدادات الكهرباء، وذلك لتلبية الطلب المتزايد
على الطاقة الكهربائية في أوزبكستان.
كما تعاون أوزبكستان مع البنك الإسلامى
للتنمية منذ عام 2003، فى تمويل المشروعات الاجتماعية في القطاعات الاستراتيجية
للاقتصاد، حيث تم إنجاز 14 مشروعاً بقيمة 429 مليون دولار، ومن المنتظر تنفيذ
المزيد من المشاريع الأخرى بقيمة تبلغ قيمتها نحو مليار دولار، الأمر الذي يؤكد
علي أن التعاون مع المنظمات الاقتصادية الدولية، يسهم بشكل كبير في تعزيز سمعة
ومكانة أوزبكستان فى المجتمع الدولى وتبوأها المكانة اللائقة بين الدول المتقدمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق