طشقند: 7/11/2016 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري.
تحت عنوان "أوزبكستان تتجه نحو
دولة ديمقراطية ومجتمع مدني" نشر موقع "شباب النيل"
الإلكترني المصري يوم 5/11/2016 مقالة كتبها: محمود سعد دياب، وجاء فيها:
أصبحت جمهورية أوزبكستان مقبلة حاليًا على مرحلة فارقة في حياتها، خصوصًا
وأنها على أبواب اختيار رئيس جديد يقود البلاد بعد وفاة الرئيس الأول والمؤسس لها
إسلام كريموف الذي استطاع أن يبهر العالم بتجربته الرائعة التي وضعت أوزبكستان في
مقدمة الدول الاقتصادية الواعدة، وأضاف على التاريخ العظيم لمدن بخارى وسمرقند
تاريخًا جديدًا في المجالات اللسياسية والاجتماعية فضلا عن الاقتصادية التي نجح
فيها ببراعة .
وتؤكد الأنباء القادمة من طشقند عاصمة أوزبكستان أن الجمهورية الشابة مقبلة
على مزيد من تطوير الديمقراطية وأنظمة المجتمع المدني ووضعهما كأولويات أسس بناء
الحياة الجديدة، فقد تم قيد هذا الاختيار في الدستور – القانون الأساسي للبلاد حيث
يقال فيه إن شعب أوزبكستان يهدف إلى بناء الدولة الديمقراطية الإنسانية التي تعتمد
على القوانين وتؤكد تمسكه بأهداف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وتشير النظرة السريعة في التاريخ الحديث لأوزبكستان أن قيادة الدولة السابقة
ممثلة في إسلام كريموف أعطت اهتماما صحيحا لبناء المجتمع المدني ووضع لبناته
الأولى مع الأخذ بعين الاعتبار الخبرات الوطنية التاريخية والعالمية في إجراء
الإصلاحات الديمقراطية، خاصة مع زيادة الطلب على تطبيق قيم التطور الديمقراطي ومبادئه
ومعاييره في العالم الحديث، ولا يمكن نفي ضرورته في أي مكان، ولكن مع ذلك وفي ظروف
العولمة يكسب الطراز القومي للتقدم إلى الديمقراطية في بلد معيّن دورا متزايدا
ويأخذ بعين الاعتبار تاريخ الشعب وتقاليده وعاداته ودينه وسلوكياته وسيكولوجيته
بأكملها.
هذا ما نراه في نموذج أوزبكستان، ويشهد التاريخ أن الدولة المعتمدة على حكم
القانون في بريطانيا وهولندا وفرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية تشكلت مع بناء
المجتمع المدني، وعلى الأراضي الأوزبكية قرر الحكم الاستعماري وثم الدولة
السوفييتية الشيوعية تأجيل سير التطور الديمقراطي إلى عدة عقود.
لكن اليوم في أوزبكستان، ورغم الصعوبات تم إنشاء الأسس التنظيمية والقانونية
والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية للمجتمع المدني، وتم تشكيل الخبرة الذاتية
للتغيرات الديمقراطية وهذه الفترة القصيرة تاريخيا والهامة بسرعة التطور ومضمونها
تملك طابعا هاما يحدد مصير أوزبكستان. واليوم نستطيع القول إن الطريقة المختارة
لبناء المجتمع المدني أصبحت أساسا لجميع الإصلاحات التي تجري في البلاد.
وقد تم تكوين القاعدة الاقتصادية الآمنة لبناء أسس المجتمع المدني نتيجة
الإصلاحات الديمقراطية، كما تم تكوين الملكية الخاصة بضمانات القانونية لحمايتها،
وتوفير الظروف لتكوين الطبقة الوسطى والمنتج الوطني المستقل والقاعدة لمنافسة
المنتجين وتم تحديد حوافز تطويرهم، وتم توفير استقلالية المستهلك، وتم تشكيل
الاقتصاد المتعدد القواعد والأشكال للملكية.
وخلال السنوات المنصرمة بنيت القاعدة السياسية المتينة المكونة من نظام
الانتخابات الذي أتاح الفرصة لتنظيم انتخابات لرئاسة الجمهورية والانتخابات
البرلمانية على أساس تعدد المرشحين لأول مرة في آسيا الوسطى، وتم توفير الفرصة
لإبداء تعدد الآراء ومختلف الأفكار.
ويشارك المواطنون في قيادة الدولة بشكل كامل، وكذلك تم تطبيق تفويض أجهزة
الحكم من قبل المواطنين، فضلا عن تشكيل تعدد الأحزاب عمليا، وفي المجلس
الأعلى – برلمان أوزبكستان تم تشكيل أجنحة الأحزاب السياسية.
وفي الوقت الحاضر يوجد في أوزبكستان حزب الشعبي الديمقراطي (1991م)، وحزب
“العدالة” الاجتماعي الديمقراطي (1995م)، والحزب الديمقراطي “ميلّي تيكلانيش”
(1995م)، والحزب الديمقراطي “فيدآكارلار” (2000م)، والحزب الليبيرالي الديمقراطي
(2003م).
ولقد احتوى الدستور من عام 1992م كل ما هو أحسن في الخبرات الدستورية
العالمية، ووضع على أساسه مصالح المواطن – والإنسان والشخصية، وحقوقه وحرياته،
وأصبح إصلاح نظام القضاء والمحاكم نموذجا للإنسانية العالية وتطبيق القيم الرئيسية
للديمقراطية.
ويضمن نظام القضاء والمحاكم توسيع إمكانيات الحماية القضائية لحقوق وحريات
المواطنين، واستكمال نظام الإجراءات في التحقيق القضائي، وتطبيق معايير ومبادئ
الحقوق الدولية في القوانين الوطنية، ومن المعروف أن القانون الجنائي في العهد
السوفييتي كان يعاقب 33 نوعا من الجرائم بحكم الإعدام، لكن في عام 1994م تم إلغاء
حكم الإعدام في 20 مادة من القانون الجنائي، وفي عام 1998م في 5 مواد، وفي
القانون الجنائي الذي قُبل في 29 أغسطس عام 2001م تم إلغاء حكم الإعدام لأربعة
أنواع الجرائم، ومن عام 2003م يطبق حكم الإعدام على الجرائم المرتكبة في الظروف
المشددة للعقوبة والإرهاب، وأخيراً أهمية خاصة لأمر رئيس جمهورية أوزبكستان من أول
من أغسطس عام 2005م بشأن إلغاء حكم الإعدام في أوزبكستان نهائياً ابتداء من 1 يناير
عام 2008م.
كل هذا يؤكد تأكيدا مقنعا أن أوزبكستان تسعى إلى تنفيذ المعايير المحددة في
الوثائق الدولية التي انضمت إليها البلاد.
في أوزبكستان أنشئت “محلّة” – وهي إدارة الحكم الذاتي في الأحياء التي تعتبر
نادرة وتجلب اهتمام الكثير من السياسيين والخبراء. تساعد أجهزة إدارة الحكم الذاتي
ذات التاريخ الطويل لتطبيق حقوق المواطنين في المشاركة لإدارة شؤون المجتمع،
وتساعد توحيد المواطنين بهدف حل المهام الاجتماعية والاقتصادية في نطاق الحي،
وإقامة الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية العامة، ومساعدة الدوائر الحكومية
في تنفيذ القوانين.
وأعلنت المعرفة والمعنوية أهم أولويات في إقامة المجتمع المدني، وتم تحديد
المبادئ الرئيسية الغاية الوطنية وأصبحت تربية الشخصية الكاملة (“الإنسان الكامل”)
هدفا للتجديد الروحي، وتم توفير الظروف للقوميات الأقلية، والسلم والتوافق
بين القوميات المختلفة.
وقد قدمت أوزبكستان ابتداء من منتصف التسعينيات في منصة المنظمات الدولية مثل
منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا غيرهما من المنظمات الدولية
مبادرات تطور التقدم الاجتماعي وحقوق الإنسان، وانضمت إلى عديد من المعاهدات
والاتفاقيات الدولية التي تدافع عن حرية المواطنين وتنظمها.
كان البيان العام لحقوق الإنسان أول وثيقة قانونية دولية أبرمت من قبل برلمان
أوزبكستان. أما إنشاء مفوضية المجلس الأعلى لحقوق الإنسان والمركز الجمهوري الوطني
لحقوق الإنسان وغيرهما فكان مواصلة طبيعية لاهتمام الدولة لحقوق الإنسان. أصبح
الضمان القانوني لمراعاة حقوق الإنسان اتجاها ذا أولوية. في البلاد تم إصدار أكثر
من مائة قانون يكون نظام القوانين لحقوق الإنسان.
أوزبكستان دولة متعددة
الأديان
في البلاد قبل القانون بشأن “حرية الاعتناق والمنظمات الدينية، وأصبح التسامح
الديني نقطة الانطلاق للمفاهمة المدنية. وبموجب المادة 31 من دستور جمهورية
أوزبكستان لكل مواطن حق في اعتناق أو عدم اعتناق أي دين، ولا يجوز الإجبار في أي
دين”. تعمل حاليا في البلاد 16 منظمة دينية، يدخل المعهد العالي الإسلامي
بطشقند و10 مدارس إسلامية، ومدرسة مسيحية ومدرسة أورثودوكسية نظام التعليم في
الجمهورية.
وتشهد الجمهورية الشابة حاليا نشاطًا كبيرًا من أجل تعزيز التسامح الديني،
خلال سنوات الاستقلال أقيم عدد من الندوات العالمية ذات طابع ديني، وكذلك خاصة
بمناسبة ذكرى العلماء المشهورين في العالم.
وفي عام 1995 تم إنشاء المركز العالمي للبحوث والدراسات الإسلامية بطشقند، في
السابع من أبريل عام 1999م بأمر رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف تم تأسيس
جامعة طشقند الإسلامية، التي سوف تقوم بإعداد الخبراء في المجالات الدينية بمستوي
البكالوريوس والماجستير.
وفي أوزبكستان خلال سنوات الإصلاحات؛ تم تشكيل ثلاث فروع سلطة الدولة:
التشريعية والتنفيذية والقضائية.
كما أن السلطة التشريعية الأعلى لجهاز الدولة هو المجلس الأعلى الذي يتم
انتخابه لمدة خمس سنوات، وابتداء من عام 2005م المجلس الأعلى عبارة عن جناحين –
(سينات) مجلس الشيوخ، مجلس الجناح التشريعي.
يستطيع كل مواطن في أوزبكستان بلغ السابعة عشرة من عمره أن يشارك في انتخابات
نواب المجلس الأعلى بغض النظر من قوميته، ولغته الأم، وجنسه، وديانته. ومن بلغ
الخامس والعشرين من عمره يستطيع أن بكون مرشحا للمجلس الأعلى ويستطيع أن ينتخب
نائبا في المجلس الأعلى.
وقد أنشئت في البلاد لجنة النساء آخذا بعين الاعتبار دور المرآة في المجتمع
وخصائص الوضعية الديموغرافية، وهي منظمة وحيدة لها مقام اجتماعي حكومي كسبت نظام
درجات المقامات العمودي؛ تتبع لها 14 لجنة في المنطق، و170 لجنة في المحافظات،
وأصبحت رئيسات لجان النساء وكيلة لرؤساء السلطة في المنطق والمحافظات.
وخلال 25 لسنة بعد الاستقلال شكلت قاعدة حقوقية معينة تنظم أنشطة المنظمات
الاجتماعية التي تساعد لتطوير البلاد، وفي الوقت الحاضر تم تنظيم أكثر من 8
آلاف منظمة اجتماعية غير حكومية.
وتعتبر غاية بناء الدولة المستقلة ذات مستقبل عظيم والتي سوف تضمن فيها جميع
حقوق الإنسان وحرياته والسلم والرفاهية والإمكانيات للتطور والتقدم عاملا رئيسا
للنظام السياسي في أوزبكستان.فإن الهدف الرئيسي لهذا النظام هو الإنسان واحتياجاته
ومصالحه وحياته ونفسيته وعاداته وعالمه الروحي.
وتستعد اللجنة الانتخابية المركزية في أوزبكستان لإجراء انتخابات الرئاسة في 4
ديسمبر 2016م في التاسع من سبتمبر وفقا لقرار هذه اللجنة تم بتشكيل الدوائر
الإنتخابية الرئاسية عددها 14 دائرة في كل من جمهورية قراقلباغستان 12 محافظة
وعاصمة طشقند بموجب المادة التاسعة والمادة الرابعة عشر من دستور أوزبكستان
“انتخابات رئيس جمهورية أوزبكستان”.
ويحدد النظام السياسي في أوزبكستان في نهاية الأمر نشاط المواطنين، ليس
المواطن للنظام السياسي بل النظام السياسي ينطلق من الإنسان ويعيش لأجل الإنسان
ويعود إليه، والنظام السياسي مثله يعتبر حقيقيا، والنظام السياسي مثله مستقر
فعلياً. يسمح فهم أهداف تطوير النظام السياسي بهذا الشكل لفهم طبيعة علاقات
السلطة التي عبارة عن النشاط المتبادل للقوى الفعالة في البلاد لأجل تعزيز استقلال
أوزبكستان وتوفير السلم والتوافق المدني.
إن مهمة اوزبكستان الإستراتيجية الطويلة المدى هي قيادة البلاد في طريقة
البناء الديمقراطي وتشكيل المجتمع المدني وتعميق العلاقات الاقتصادية الحرة وتعزيز
القيم الديمقراطية في وعي الناس وهذه الطريقة الاوزبكية التي اخترتها شعوب
أوزبكستان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق