طشقند 21/10/2016
أعده للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "اجتماعات وزراء خارجية الدول الإسلامية في أوزبكستان" نشر موقع "أقلام وكتب"
المصري يوم 20/10/2016 خبراً كتبه: د. أحمد عبده طرابيك، وجاء فيه:
حول اجتماعات وزراء
خارجية الدول الإسلامية في أوزبكستان
استضافت طشقند عاصمة
جمهورية أوزبكستان خلال يومي 18، 19 أكتوبر 2016، أعمال الدورة الثالثة والأربعين
لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، وألقي القائم بأعمال رئيس أوزبكستان
شوكت مير ضيايوف كلمة في افتتاح هذه الاجتماعات عبرت عن آلام وآمال شعوب العالم
الإسلامي، متعهدا ببذل بلاده كل الجهود للتخفيف من آلام الأمة والعمل علي تحقيق
آمالها وطموحاتها، وهذا نص الخطاب:
معالي الرئيس المحترم
!
السادة المحترمون
أصحاب السمو والمعالى الوزراء ورؤساء الوفود !
السيدات والسادة
!
اسمحوا لى أن أرحب
بكم من كل قلبى، ضيوفنا الأعزاء، ورؤساء وفود الدول الأعضاء في منظمة التعاون
الإسلامى والدول التى تتمتع بصفة مراقب، والممثلون عن المنظمات الدولية، وجميع
أعضاء الدورة الثالثة والأربعين لوزراء خارجية بلدان منظمة التعاون الإسلامى،
المتواجدون على أرض أوزبكستان، وأن أعبر لكم عن عميق احترامى.
نحن ممتنون بصدق
لاختيار عاصمة وطننا - طشقند موقعا لاستضافة هذا المنتدى الهام لمنظمة التعاون
الإسلامى، التى تعد واحدة من أكبر مؤسسات التعاون متعدد الأطراف وأكثرها تأثيرا فى
العالم المعاصر.
ونحن على ثقة بأن
الدورة الحالية سوف تمثل خطوة هامة فى الطريق نحو تحقيق تلك الأهداف النبيلة، مثل
الحفاظ على القيم الإسلامية المقدسة وتعزيزها، وتوطيد ركائز التضامن بين الشعوب
الإسلامية، وضمان التنمية المستدامة، وتعزيز التقدم والازدهار لشعوب الدول الأعضاء
فى منظمة التعاون الإسلامى.
كما نعرب عن ارتياحنا
العميق لطبيعة ومستوى التفاعل الذى تم إحرازه فى إطار إعداد هذا المنتدى، ونقيم
عاليا العمل المثمر الذى قام به الأمين العام للمنظمة ورئيسها شخصيا، السيد إياد
مدنى، وجميع الدول الأعضاء، ذلك العمل الذى يجسد روح التفاهم والرغبة فى التعاون.
وتتمثل الدلالة
الرمزية العميقة فى الفكرة الرئيسة لجدول أعمال مجلس الدورة الثالثة والأربعين،
وتحديدها بموضوع "التعليم والتنوير هما - الطريق إلى السلم والإبداع".
وتنسجم هذه الفكرة بشكل طبيعى مع الحديث الشهير الذى يقول: "اطلبوا العلم من
المهد إلى اللحد". وقد جرى اقتراح هذا العنوان ليصبح موضوعا للدورة من قِبل
الرئيس الأول لجمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، الذى تمتع بالخبرة الحياتية الضخمة
لرجل الدولة العظيم، وكان الاقتراح نتاجا لتفكيره العميق حول مصير شعبه والعالم،
ودور ديننا الحنيف فى الأوقات الصعبة الحالية.
واليوم، فى ظل ظروف
التغيرات السريعة فى العالم، تظهر المزيد من التحديات والتهديدات الجديدة
للاستقرار والتنمية المستدامة للشعوب بصورة لم تحدث من قبل، وصار من المهم التركيز
على التنوير والتعليم والروحى والأخلاقى، وبث الرغبة لدى الشباب فى النهل من
المعرفة، والسعى نحو الكمال.
وتحديدا فإن التنوير
والتعليم هما المفتاح لازدهار الشعوب. فالتنوير والتعليم تحديدا يقودان الناس إلى
القيام بالأعمال الطيبة والخير، والتحلى بالعطف والتسامح. وهذا هو ما تعلمناه من
ديننا الحنيف - الإسلام. ويمثل هذا النهج - ضرورة فى عصرنا.
السادة المحترمون
المشاركون فى الدورة !
ليس من قبيل الصدفة
أن يجرى تحديد موضوع منتدى طشقند اليوم لمنظمة التعاون الإسلامى تحت شعار "التعليم
والتنوير هما - الطريق إلى السلم والإبداع ". فهذا الاجتماع يقام على
أرض أوزبكستان، حيث عاش وأبدع فيها أسلافنا العظماء .
إن الأسماء مثل:
الإمام البخارى، برهان الدين الميرغنانى، ابو عيسى محمد الترمذى، الحكيم الترمذى،
محمود الزمخشرى، ابو بكر محمد القفال الشاشى، بهاء الدين نقشبند، حجى أحرار والى،
محمد الخوارزمي، أحمد الفرجانى، أبو الريحان البيرونى، أبو على بن سينا، ميرزا
أولوج بك، على شير نوانئ، وغيرها من الأسماء العديدة والعديدة الأخرى لعباقرة
الإنسانية، قد نُقشت بحروف من ذهب ليس فقط فى تاريخ الإسلام فقط، بل أيضا فى تاريخ
الحضارة العالمية بأسرها.
ويمثل "الجامع
الصحيح" المعترف به فى جميع أنحاء العالم الإسلامى الجمع الموثق لأحاديث
نبينا محمد، ويمثل هذا العمل ثمرة لسنوات من البحث الدؤوب التي خصص له عمره الإمام
البخارى، والذى صار معروفا باسم "زعيم كل المحدثين". وها هو لأكثر من
اثنى عشر قرنا، يمثل ثانى أهم المصادر الرئيسة للإسلام بعد كتاب القرآن الكريم.
ويسعى ملايين المسلمين ليس فقط فى بلدنا، ولكن من البلدان الأخرى، إلى زيارة موطن
الإمام البخارى فى بخارى الكريمة، وإبداء مشاعر الإجلال إلى قبره فى سمرقند.
لقد اكتسبت تعاليم
الماتريدى انتشارا واسعا في جميع أنحاء العالم الإسلامى، تلك التعاليم التى وضع
أسسها فى القرن العاشر، المفكر السمرقندى أبو منصور الماتريدى، واكتسب شهرته
باعتباره إمام الحُجة "إمام الطريق الصحيح"، وتولى تلك التعاليم الأهمية
البالغة نحو دور وقيمة العقل البشرى والتسامح فى عملية الإدراك. وقد كان لهذا
الأمر أهمية كبيرة فى نشر القيم والأفكار الإسلامية على نطاق واسع، تلك القيم
والأفكار التى تحتاجها البشرية المعاصرة اليوم بصورة ملحة.
لا يختفى التاريخ
العظيم دون أثر يتركه، بل يظل محفوظا ويعاد استنساخه فى الشفرة الوراثية للشعب، فى
الذاكرة التاريخية له وفى أفعاله. وفى هذا الأمر على وجه التحديد، تكمن قوته
الكبرى. ويمثل الحفاظ على التراث التاريخى ودراسته، ونقله من جيل إلى آخر، أحد
الأولويات الرئيسة لدولتنا.
كما يتسم هذا الأمر بالأهمية
البالغة، لأنه فى ظل ظروف العولمة اليوم، تنشأ التحديات الجديدة، بما فى ذلك تصاعد
مخاطر الانتشار المتزايد "للثقافة الشعبوية"، وثقافة النزعة الاستهلاكية،
ومخاطر تدمير القيم والمعايير الأخلاقية.
لهذا السبب، أعتقد أن
الحفاظ على كل هذا وزيادته هو الذى يحدد العالم الروحى للانسان، ولثقافة الشعب،
ويمثل اليوم ضرورة ملحة أكثر من أى وقت مضى.
إننا نبجل ديننا
المقدس باعتباره مركزا للقيم الأصيلة والضرورات الأخلاقية. فالإسلام - هو الوصول
إلى الحقيقة، وغرس الحاجة إلى الرحمة فى داخل النفس، وهو يدعونا إلى الخير والسلام،
والحفاظ على العنصر البشرى الحقيقى.
ونحن ندين بشدة وأبدا
أولئك الذين يُعرفون الإسلام بأنه دين العنف وسفك الدماء، ولن نتسامح معهم أبدا،
وسوف ندافع عن ديننا العظيم أمام أولئك الذين يحاولون تحريفه والإقلال من قيمته.
عبر سنوات الاستقلال،
وبعد أن تحرر شعبنا من إلحاد المتشددين، قامت أوزبكستان بالكثير من الأعمال
لاستعادة دور ومكانة ديننا الحنيف - الإسلام فى المجتمع.
في عام 1999، تم فى
طشقند تأسيس الجامعة الإسلامية الأولى من نوعها في آسيا الوسطى. وتعمل اليوم فى
البلاد عشر مؤسسات تعليمية إسلامية، بما فى ذلك معهد طشقند الإسلامى، وتسع من
المعاهد المتوسطة المتخصصة، اثنان منهم للنساء.
وتضم هذه المؤسسات –
مدارس مير عرب الدينية الشهيرة الواقعة فى بخارى وطشقند وكوكيلداش، والتى تم
تشييدها فى القرن السادس عشر.
عبر سبعين عاما من
بقاء أوزبكستان ضمن تكوين الدولة الشيوعية، استطاع 130 شخصا فقط القيام بأداء
فريضة الحج، أما الآن فكل عام يقوم أكثر من 5000 من أبناء وطننا بتحقيق هذا الحلم
المنشود وتلبية الفرض الواجب على المسلمين. وفى تلك الأوقات كانت جمهوريتنا
بملايينها من السكان تضم ثلاثين مسجدا فقط، والآن صار عددها بالآلاف. وتم فى جميع
أنحاء البلاد، ترميم المواقع التاريخية الإسلامية وأماكن المزارات المقدسة، والتى
سوف يتاح لكم أيها الضيوف الأعزاء، فرصة زيارتها خلال إقامتكم فى أوزبكستان.
ليس هناك شك فى أن
ديننا الحنيف سوف يظل يمثل الركيزة الأخلاقية للشعب مستقبلا، والأداة التى لا غنى
عنها للتطهير الروحى، وهو يدعو الناس إلى التحلى بمثل هذه القيم الخالدة مثل
الجنوح إلى السلم والرحمة، والتسامح والاحترام المتبادل، والوئام بغض النظر عن
الفروق العرقية واللغوية والدينية.
السادة المحترمون
المشاركون في الدورة !
نحن نرى فى خلق
المجتمع العادل، الهدف الأكثر أهمية من بناء الدولة المستقلة والقوية فى
أوزبكستان، حيث تتمثل القيمة الرئيسة فيه للفرد، ومصالحه، ويجرى احترام الحقوق
والحريات الخاصة به. ونحن نسعى لاحتلال مكانتنا المستحقة فى العالم الإسلامى وفى المجتمع
الدولى.
إننا ندرك جيدا أن
هذا الأمر يرتبط أساسا بتحسين نظام التعليم والتنوير، وبتواصل شبابنا - مستقبل
البلاد - مع المعارف المعاصرة والحديثة، وبالتربية الشاملة والمنسجمة للشخصية
المتقدمة. ونتيجة لتنفيذ برامج التدريب القومية لإعداد الكوادر، وبرامج الدولة
الأخرى التى تم اعتمادها فى عام 1997، فقد تحقق الإصلاح الجذرى فى هذا القطاع، وتم
إنشاء المنظومة المتكاملة الحديثة المستمرة للتعليم والتأهيل.
واليوم، يشمل أطفالنا
جميعا التعليم المتوسط المجانى الإلزامى لاثنى عشر عاما. وهم يتعلمون فى أكثر من
عشرة آلاف من المدارس الفسيحة المشرقة، التى تم تجديدها أو بناؤها حديثا، وفى 1500
من المعاهد الأكاديمية والكليات المهنية. كما يتمتع الأطفال بعدد 300 من المدارس
الموسيقية والفنية، وبأكثر من 2200 من المنشآت الرياضية.
عبر سنوات الاستقلال،
تضاعف عدد المؤسسات التعليمية العليا فى البلاد بنسبة 2.5 مرة. واليوم، يتلقى
العلم فيها أكثر من 230 ألف طالب وطالبة. كما تعمل فى أوزبكستان سبعة فروع
للجامعات الأجنبية الرائدة، ويتم تعليم الآلاف من شبابنا الموهوبين في الخارج - فى
الجامعات المرموقة فى جميع أنحاء العالم.
وتخصص بلدنا 7 بالمائة
من الموازنة العامة للدولة بالنسبة للناتج المحلى الإجمالي نحو مجال التعليم. وعلى
سبيل المقارنة، فهذا الرقم أعلى من المؤشرات المناظرة له لأكثر الدول المتقدمة فى
العالم (في الولايات المتحدة - 4.8 بالمائة، ألمانيا - 4.2، فرنسا - 4.8، اليابان
- 3.5، كوريا الجنوبية - 4.1 بالمائة).
منذ السنوات الأولى
للاستقلال، يجرى النظر فى بلادنا نحو السياسة الموجهة للشباب باعتبارها واحدة من
أهم أولويات سياسة الدولة. وفى سبيل المزيد من تعميق عملنا المتواصل في هذا
المجال، فقد اعتمد مؤخرا قانون جمهورية أوزبكستان حول "سياسة الدولة نحو
الشباب" فى طبعة جديدة.
وقد أخذ بالفعل كل
هذا يؤتى بثماره. وها هو شبابنا يحقق النجاح الباهر في مجال الأعمال التجارية،
والعلوم، والثقافة، والفن، والأدب والرياضة. مما يعطينا سببا وجيها للنظر بكل
الثقة نحو المستقبل، وإلى الإيمان بأن الانجازات التى حققها أجدادنا العظماء سوف
تتواصل بجدارة بأيدى أجيال المستقبل.
السيدات والسادة!
اليوم، نحن نعيش
مرحلة تاريخية من تطور البشرية، والتي بلا شك، يمكن أن نطلق عليها نقطة تحول.
ففى السنوات الأخيرة،
جرى تحول جيوسياسى عميق فى العالم وتدمير للأمن والاستقرار السابقين. وتتسارع
بوتائر أكثر فأكثر عملية العولمة، التى تؤدى ليس فقط إلى زيادة الامكانات البشرية،
ولكن أيضا إلى احتدام التناقضات، وتعميق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة. ونتيجة
لمحصلة كل هذه العمليات، فقد انبثقت التهديدات غير المحدودة للسلم والاستقرار،
والتى تحمل فى جوهرها ومن حيث نطاقها عملها الواسع طابعا عابرا للقوميات.
يمكننا أن نرى حجم
الحزن والمعاناة لدى الناس الذين سكبوا الدماء ويهيمون فى أرض أجنبية، كما نرى
نتائج النزاعات المسلحة والهجمات الإرهابية وقتل الأبرياء من الأطفال والرجال
والنساء من العجائز. ونرى أيضا مأساة تدمير دول بأكملها، والحروب المشتعلة التى
تبدو بلا نهاية لها.
في ظل هذه الظروف،
يتصاعد دور ومسؤوليات منظمة التعاون الإسلامى، والذى يهدف إلى توحيد جهود الدول
الأعضاء من أجل تعزيز السلم والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة فى العالم
الإسلامى، والمساهمة فى إنشاء الآليات الموثوق بها للتفاعل المشترك، ولخلق المنصة
الفريدة من نوعها للحوار بين الدول الأعضاء حول القضايا الأكثر حيوية.
إننا نقدر عاليا
حقيقة أن المنظمة تنطلق فى أنشطتها على أساس من الإدراك لمفهوم استحالة تحقيق
الاستقرار والأمن الدائم بدون التنمية الاقتصادية، وحل المشاكل ذات الطابع
الاجتماعى. وقد بات واضحا على نحو متزايد الحاجة نحو توسيع نطاق أنشطة منظمة
التعاون الإسلامى.
وهنا، فالدور الهام
يمكن وينبغى أن يلعبه تعميق الحوار بين الدول والشعوب على مختلف المستويات، ومنح
الاتصالات طابعا منتظما دوريا، ليس فقط بين الحكومات، ولكن أيضا بين الشخصيات فى
البرلمانات ورجال العلوم والثقافة، وممثلى الرأى العام. ويمكن لهذه الأهداف تحديدا
ويجب عليها، أن تمنح العمق المطلوب من التعاون متعدد الأطراف فى إطار منظمة
المؤتمر الإسلامى.
وباعتبارها الرئيس
الحالى لمجلس وزراء خارجية بلدان منظمة التعاون الإسلامى، فإن أوزبكستان سوف تبذل
كل الجهود الممكنة، للمساهمة فى النهوض المستمر بإمكانات المنظمة وتحقيق أهدافها
النبيلة.
وسوف تقوم أوزبكستان
خلال فترة تمثيلها فى المجلس بالعمل على تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامى،
باعتبارها المنتدى الفعال والموثوق به للدول الإسلامية. وفى ظل هذا الشعار
"التعليم والتنوير هما - الطريق إلى السلم والإبداع" تنعكس بوضوح ودقة
رؤية أولوياتنا. ويأتى من أهمها التالى:
أولا، في الظروف
المعاصرة، عندما اصبح مستوى ونوعية الحياة مؤشرا رئيسياً لقدرة البلاد التنافسية،
فيتزايد دور التعليم - أهم عامل للتقدم. اليوم، يتنافس المجتمع والحضارة بالأنظمة
من القيم الاجتماعية والتعليم في المقام الأول.
في هذا السياق، تأتي
أهمية الدراسة العميقة والشاملة لأعمال علماءنا الافذاذ المسلمين الأوائل، والتي
أسهمت مساهمة ضخمة في إثراء وتطوير الحضارة الإنسانية، وهذا الأمر مهم لتنشئة
الأجيال علي حب العلم وحثهم علي الاقبال عليه لضمان الفهم السليم وقبول القيم
والثقافة الإسلامية المعتدلة، وتوضيح جوهر الإسلام لدي جميع شعوب العالم، كما
للعلم أهمية خاصة لإقامة حوار بين الأديان والأمم والثقافات على المستوى الدولي
لتحقيق السلام والاستقرار والتوافق.
ثانياً: يستحيل علي شعوب
العالم الإسلامي تحقيق أي تقدم اجتماعي واقتصادي بشكل مستدام دون تنمية مبتكرة،
وإقامة تعاون علمي وتقني، وإدخال تقنيات حديثة، ولذلك كان الاقتراح الذي قدمته
أوزبكستان بتعزيز التعاون في مجال العلوم والتقنية المتقدمة، والاهتمام بالتبادل
العلمي والتقني، وإجراء بحوث مشتركة في مختلف المجالات في إطار منظمة التعاون
الإسلامي، من الأمور الهامة لخروج العالم الإسلامي من ازماته ومشكلاته الاقتصادية
والاجتماعية.
بطبيعة الحال، فإن
فمن الصعب أن نتصور تعاون الدول الأعضاء للمنظمة الاسلامية دون أنشطة البنك
الإسلامي للتنمية.
وانتهز هذه الفرصة أن
ارفع اسمى ايات التهنئة لمعالي بندر حجر بمناسبة اختياره رئيسا للبنك الإسلامي
للتنمية من 1 أكتوبر عام 2016.
ثالثاً: أصبحت
النزاعات المزمنة والتهديدات الأمنية خطراً يهدد الجميع، ولذلك فقد وضعت أوزبكستان
رؤية لمواجهة تلك الأخطار من خلال نبذ الخلافات بين الدول الأعضاء، وتهيئة الأجواء
للتعاون بدل الخلاف والتناحر، وتضافر الجهود ووحد الصف الإسلامي لمواجهة تلك الأخطار
التي تهدد السلام والاستقرار، ويكون الحوار والتفاوض السلمي هو السبيل الوحيد
لتسوية وحل النزاعات وفق قواعد القانون الدولي، باستخدام الآليات القانونية
والسياسية الدولية.
رابعاً: في المجال
الاقتصادي دعت رؤية أوزبكستان إلي تعزيز سياسة الاستخدام الأمثل للموارد، وتوسيع
نطاق التجارة الدولية، والتعاون الاقتصادي وتبادل الاستثمارات بين الدول الأعضاء
في منظمة التعاون الإسلامي، وإنشاء ممرات النقل التي تربط الدول الأعضاء، وإعطاء
الفرصة لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يحقق التقدم والازدهار لشعوب العالم الإسلامي،
خاصة في ظل امتلاك أغلب الدول الأعضاء إمكانات وموارد اقتصادية واستثمارية هائلة،
ومن شأن ذلك أن يعمل علي تعزيز آليات التعاون في الاطار المنظمة وبين الدول
الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ومع دول العالم المتقدمة الأخري.
خامساً: وأغتنم هذه
الفرصة، وضمن الأولويات المقترحة بها بلادنا خلال فترة رئاستها بمنظمة التعاون
الإسلامي، أود أن أُلخّص بعض مبادرات أوزبكستان.
جاءت مبادرة
أوزبكستان بإنشاء مركز للبحوث العلمية الدولية، باسم "المركز الدولي لبحوث
الإمام البخاري في سمرقند" تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي، بهدف دراسة
التراث الديني والروحي الذي تركه الأسلاف العظام، والذي أسهم إسهاماً كبيراً في
إثراء ليس الثقافة والحضارة الإسلامية وحسب، ولكن أيضا في الحضارة العالمية، حيث
أن إنشاء ذلك المركز في مجمع الإمام البخاري في سمرقند سيحقق الكثير من الفوائد
نظراً لأن سمرقند لها مكانة هامة في الحضارة العالمية باعتبارها واحدة أهم حواضر
الثقافة الإسلامية، إلي جانب توافر المناخ الأخلاقي والروحي الفريد في هذا المكان،
حيث يقع ضريح الإمام البخاري.
نأمل أن ان معالي
إياد مدني الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي سيدعم مبادرتنا، ويقدم المساعدة
اللازمة في انجاز المشروع.
ان مبادرة أخرى من
أوزبكستان تتيح فرصة إنشاء كرسي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
"الإيسيسكو" في جامعة طشقند الإسلامية، لدراسة التراث الحضاري الكبير
للعالم الإسلامي الى جانب التاريخ والوضع الحالي للتعليم والعلوم والثقافة في
العالم الإسلامي وتدريسها لطلاب من خلال تنظيم دورات متخصصة متقدمة.
ايها الاصدقاء
الاعزاء!
واننا نأمل ان يكون
هذا المنتدى، والتعرف على التراث التاريخي والثقافي الغني لوطننا اثناء تواجدكم في
أوزبكستان، سخدم في تعزيز العلاقات في المجالات السياحية والإنسانية والعلمية
وغيرها من المجالات.
في هذا الصدد، ونحن
من جانبنا، وسوف نتخذ الاجراءات الرامية الى تبسيط الانظمة المتعلقة بدخول وخروج
السياح وممثلي الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.
سادساً: الأخطار
الناتجة عن انتشار أسلحة الدمار الشامل، والتي تعد واحدة من أكثر القضايا الملحة في
الوقت الحاضر، خاصة أن أوزبكستان بعد الاستقلال كانت سباقة في هذا المجال، وذلك
عندما أعلنت في عام 1993 عن مبادرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا
الوسطى، وقد وجدت تلك المبادرة تجسيدا عمليا عندما وقعت أوزبكستان ودول الجوار عام
2006 علي معاهدة جعل منطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية، فضلا عن
بروتوكول بشأن الضمانات التي وقعتها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن عام
2014.
إن أزبكستان لتقوم
على التوسع المستمر لجغرافيا مناطق خالية من الأسلحة النووية، وتؤيد فكرة جعل
منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.
نحن في أوزبكستان
مقتنعون بأن الدول الأعضاء سعيا وعملا مشتركا تتمكن ان تجعل بلدانها والعالم
الاسلامي بشكل عام أكثر أمانا وازدهارا.
ايها حضور الكرام
!
أنني على ثقة بان
الدورة الحالية الـ 43 لمجلس وزراء الخارجية بمنظمة المؤتمر الإسلامي ستخدم بمثابة
في تعزيز قدرة منظمتنا ورفع مكانتها وصيتها في الساحة الدولية، وستساهم في حل
قضايانا المشتركة على ارض الواقع.
وفي الختام، يسرني أن
أدعوكم لزيارة مدينة سمرقند العتيقة - مدينة جميلة وفريدة من نوعها في الشرق وهناك
في سمرقند تستطيعون ان تلمسون ليس فقط الخلود والعظمة معالمها التاريخية والثقافية
التي لا تقدر بثمن، فحسب بل تتعرفون على ان كيف يعيش شعبنا وشبابنا اليوم، فضلاً
عن أنشطة مدارسنا، كلياتنا وجامعاتنا متمنيا النجاح في أعمال الدورة الـ43 لمجلس
وزراء الخارجية بمنظمة التعاون الإسلامي.
وشكرا على حسن
اهتمامكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق