تحت عنوان "أوزبكستان والصندوق الدولى
لإنقاذ بحر آرال" نشر موقع "أقلام
وكتب" الإلكتروني المصري يوم 25/9/2016 مقالة كتبها: د. أحمد عبده
طرابيك، وجاء فيها:
تعتبر مشكلة بحر " آرال " واحدة من
أبرز مظاهر تدخل الإنسان وتأثيره السلبي على البيئة، حيث تعد مأساة بحر آرال واحدة
من أكبر الكوارث البيئية العالمية فى التاريخ الحديث، وذلك نظراً للتأثيرات
السلبية التي يتعرض لها أكثر من ستين مليون نسمة فى آسيا الوسطى، والتى تُشكل وفقا
لآثارها المناخية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تهديدا مباشرا للتنمية
المستدامة في المنطقة، وللصحة العامة، والتي تنعكس يدورها علي الجينات الوراثية
ومستقبل البشر الذين يعيشون في المنطقة.
بحر آرال الذي كان يعد رابع أكبر بحر مغلق في
العالم، بالكاد يسمى بحيرة حالياً، بعد أن فقد 90% من مسطحه المائي عما كان عليه
في عام 1960، فقد أصبح يشكل حاليا أربع بحيرات متباعدة، ثلاثة منها لا تصلح للحياة
والأنشطة المائية، كما لا يوجد فيها أية حياة بسبب الملوحة الشديدة.
تعود المشكلة الرئيسية لجفاف البحر إلى تحويل
مجرى النهرين اللذين يغذيانه إلى أراضي صحراوية لأغراض زراعتها في العهد السوفيتي
منذ أربعينيات القرن الماضي، ومنذ عام 1990، بدأت دول آسيا الوسطى في اتخاذ العديد
من التدابير للتغلب على آثار هذه الكارثة البيئية، فقد تم إنشاء " الصندوق
الدولى لإنقاذ بحر آرال "، والذى أسسه رؤساء الدول الخمس فى المنطقة عام
1993، ويهدف إلى تنفيذ الإجراءات والبرامج المشتركة للحد من الآثار السلبية للأزمة،
وتحسين الوضع البيئى والاجتماعى والاقتصادى فى حوض البحر.
يتخذ " الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال
" من طشقند عاصمة أوزبكستان مقراً له، حيث يتيح عمل الصندوق الفرصة لجذب
انتباه المجتمع الدولي نحو ضرورة اتخاذ التدابير المطلوبة للتخفيف من آثار الكارثة
البيئية الناجمة عن جفاف بحر آرال، إلي جانب تنسيق الجهود المشتركة للدول على
المستويين الإقليمى والدولى، وتترأس أوزبكستان "الصندوق الدولى لإنقاذ بحر
آرال" منذ أغسطس 2013، وخلال فترة رئاسة أوزبكستان للصندوق من عام 2013 إلي
عام 2016، جرى تفعيل البرنامج الثالث للعمل، والخاص بتقديم المساعدات إلى دول حوض
بحر آرال، والإشراف على خطوات تنفيذه من قبل اللجنة التنفيذية للصندوق بالاشتراك
مع الأفرع التابعة له، والدول المؤسسة للصندوق، والمؤسسات والهيئات الإقليمية
والدولية.
كشفت نتائج الدراسة عن الزيادة الكبيرة فى
التدفقات المالية مقارنة بالبرنامجين السابقين "البرنامج الأول لتقديم
المساعدات إلى دول حوض بحر آرال، البرنامج الثانى لتقديم المساعدات إلى دول حوض
بحر آرال"، من جانب المشاركين فى الصندوق، والمنظمات الدولية والجهات المانحة،
فمن ضمن تسعين مشروعا إقليميا بقيمة 386.2 مليون دولار، تم تنفيذ ستين مشروعا
بقيمة 68.86 مليون دولار، ومن المنتظر تنفيذ خمسة عشر مشروعا بقيمة 238.25 مليون
دولار، ومن بين 501 مشروعاً وطنياً بقيمة 15.04 مليار دولار، تم تنفذ 295 مشروعا
بقيمة 6.05 مليار دولار، و125 مشروعا فى مرحلة التنفيذ بقيمة 7.3 مليار دولار؛ و81
مشروعا ينتظر البدء فى تنفيذها بقيمة 1.7 مليار دولار.
تهدف هذه المشاريع إلي البناء والإعمار
للمرافق الطبية، والتعليمية والرياضية، والمساكن فى المناطق الريفية، والطرق وخطوط
السكك الحديدية والجسور، وخطوط الكهرباء وشبكات الرى والمنشآت المائية الأخرى،
وتحسين استصلاح الأراضى، وتطبيق أسس الإدارة المتكاملة للموارد المائية والتقنية
الحديثة للحفاظ على المياه، وتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وزراعة الغابات
فى الجزء السفلى المتصحر من بحر آرال والمناطق الجبلية، وإنشاء خزانات المياه
المحلية، وتطوير القاعدة القانونية والنظم المؤسسية لإعادة الحياة للمنطقة.
تم بناء 29510 وحدة سكنية، وانجاز الأعمال
الخاصة بتشييد وترميم 67 مدرسة في 8316 من مختلف الأماكن، وذلك بقيمة إجمالية بلغت
589.3 مليون دولار، كما تم بناء وترميم وتجهيز 3137 من المستشفيات والمؤسسات
الطبية العامة الحضرية، بسعة 1400 سرير، وبقيمة بلغت 510.26 مليون دولار، كما جري
تنفيذ مختلف الأعمال بقيمة بلغت 267.9 مليون دولار فى مجالات البناء والتعمير
والتوسع فى نظم إمدادات المياه وغيرها من المرافق العامة الأخرى فى 86 من المدن
والأحياء، وفى أكثر من 2000 من البلدات الريفية، التي يعيش بها حوالى 9.2 مليون
نسمة.
وفي قطاع البنية التحتية تم بناء وتجديد أكثر
من 7.8 ألف كيلو متر من القنوات وشبكات المياه والصرف الصحى المشتركة بين المزارع،
وبناء وتجديد الخزانات الرئيسة، ومحطات المياه و16 من المنشآت المائية، و797 من
منشآت الصرف الرأسى و1417 من آبار الرصد، وتحسين البنية التحتية للنقل من خلال
بناء 341.5 كيلو مترا من خطوط السكك الحديدية، و15 محطة وتشييد 59 جسرا، كما تم
تشييد وتجديد وتوسيع 42 من طرق السيارات الرئيسية بقيمة بلغت حوالى 5.3 مليون
دولار.
تم غرس الأشجار والتشجير فى مساحة 125.6 ألف
هكتار بقيمة إجمالية بلغت 14.7 مليون دولار، وتعزيز مقاومة انخفاض الاحتياطى
الحيوى للدولة عند أسفل نهر أمودارى بقيمة بلغت 9.05 مليون دولار، بهدف مكافحة
التصحر وتدهور الأراضى، والحفاظ على الغابات وتعزيز الغطاء النباتى.
أكدت أوزبكستان على أهمية اتخاذ التدابير
الفعالة للقضاء على الآثار الناجمة عن كارثة بحر آرال، والتى تجاوزت منذ فترة
طويلة الحدود حتى طالت الأقاليم الأخرى، وفى الجلسة 48 للجمعية العامة للأمم
المتحدة فى 28 سبتمبر 1993، كان الرئيس الراحل إسلام كريموف أول من لفت
انتباه المجتمع الدولي إلى قضية بحر آرال، وفى قمة الألفية للأمم المتحدة في نيويورك،
فى 8 سبتمبر 2000، تقدمت أوزبكستان بمبادرة لتأسيس المجلس المختص بقضايا بحر آرال
ومنطقة بحر آرال، وذلك تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
تم إعداد برنامج لحزمة من التدابير للقضاء على
الآثار المترتبة على جفاف بحر آرال، ومنع كوارث الخلل القائم فى النظام البيئى فى
منطقة بحر آرال، وتم تعميم البرنامج باعتباره وثيقة رسمية فى 16 سبتمبر 2013، وذلك
فى الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة وبدعم كامل من الأمين العام للمنظمة بان
كى مون.
استضافت أورجينتش المؤتمر الدولى المقام حول
موضوع "تطوير التعاون فى منطقة بحر آرال للتخفيف من عواقب الكارثة البيئية"،
يومي 28، 29 أكتوبر 2014، وذلك بهدف التطوير المستمر للتعاون الدولى وحشد الموارد
من الجهات المانحة، ولتنفيذ الإجراءات العملية التي تهدف إلى تحسين الوضع في منطقة
بحر آرال، وقد أكد ممثلو المنظمات الدولية فى سياق أعمال المؤتمر، أن جفاف بحر
آرال يمثل - أحد أكبر الكوارث التى تسبب بها الإنسان فى العالم، والتى تشكل من حيث
العواقب المناخية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تهديدا مباشرا
لجينات وصحة السكان ولشروط ونوعية حياتهم، وكذلك لعالم النباتات والحيوانات فى
المنطقة.
خلال فترة رئاسة أوزبكستان للصندوق الدولى
لإنقاذ بحر آرال، عقد المجلس التنفيذى أكثر من مائتى من اللقاءات والمفاوضات
والاجتماعات والمشاورات، وأرسى وشائج التعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات
المالية الدولية المرموقة "البنك الدولى، والبنك الآسيوى للتنمية، والبنك
الإسلامى للتنمية، والوكالات الدولية للتعاون، وألمانيا، وسويسرا، وجمهورية كوريا،
والولايات المتحدة الأمريكية واليابان"، وذلك من أجل جذب انتباههم وتعزيز
جهودهم المبذولة نحو تنفيذ الإجراءات العملية لتحسين الوضع البيئى، والاجتماعى
والاقتصادى فى حوض بحر آرال.
فى إطار منتدى المياه العالمى السابع الذى عقد
فى الفترة من 12 - 17 أبريل 2015 فى مدينتى ديجو وجيونبوك بكوريا الجنوبية، تم
لأول مرة في تاريخ "الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال"، تنظيم الدورة
الإقليمية فوق العادة لدول آسيا الوسطى حول موضوع" تطوير التعاون فى منطقة
حوض بحر آرال للتخفيف من آثار الكارثة البيئية"، وقد تم اعتماد الوثيقة
الختامية للدورة، والتى تعكس الاتجاه لتحقيق استقرار الوضع البيئى، وتنشيط التعاون
الدولى للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، فى تنفيذ البرامج والمشاريع، وذلك بجهود
اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال.
خلال المؤتمر الوزارى الثامن "البيئة
المحيطة من أجل أوروبا"، الذى عقد فى باتومى بجورجيا خلال الفترة من 8 إلي 10
يونيو 2016، تم توقيع النداء المشترك بين اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ
بحر آرال، واللجنة الاقتصادية الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، لدعم الجهود
المبذولة نحو إعادة إحياء الغابات والتشجير فى حوض بحر آرال، مما يعكس نية الأطراف
فى التعاون لأجل تنفيذ المشاريع الخاصة بتحسين البيئة المناخية، ومنع انتقال الملح
عبر الغبار، وتثبيت الكثبان الرملية المتحركة، والعمل على خفض الرياح التى تتسبب
فى التعرية، وتحسين الصحة العامة للسكان، واستعادة الحياة النباتية والحيوانية فى
منطقة بحر آرال، ولذلك يواصل "الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال" جهوده
باعتباره الإطار الرسمي المنوط به معالجة مشاكل المياه والبيئة في آسيا الوسطي،
لذلك يطق عليه اسم "الدولة السادسة"، في إشارة إلي الدول الخمس المكونة
لإقليم آسيا الوسطي، ويمثل الصندوق سادس تلك الدول من حيث الأهمية الحيوية للإقليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق