الفيلسوف المتصوف علي
شير نوائي
طشقند 31/1/2021 أعدها
للنشر أ.د. محمد البخاري.
تحت عنوان "الفيلسوف
المتصوف علي شير نوائي" نشرت بوابة الأهرام الالكترونية يوم
30/1/2021 مقالة كتبها: محمود سعد دياب، وجاء فيها:
محمود سعد دياب
تنظم جامعة
طشقند الحكومية في أوزبكستان، منتدى علمي دولي عبر تقنية الفيديو كونفرانس، عن الشاعر والمفكر
والفيلسوف الأوزبكي الأمير علي
شير نوائي (1441 -1501م)، والذي يعتبر من أكبر
شخصيات الأدب الأوزبكي والذي يطلق عليه في الغرب الأدب الجغتائي، حيث لا توجد
شخصية مماثلة له في آداب الشعوب التركية.
كان رئيس أوزبكستان شوكت
ميرضيائيف ، قد قرر في 19 أكتوبر 2020، تخصيص
يوم 5 فبراير من كل عام للاحتفال بذكرى الأمير علي
شير نوائي، وقررت إدارة جامعة طشقند قسم الدراسات
الشرقية، تنظيم ذلك المؤتمر تحت عنوان "نظرة علي شير نوائي من وجهة نظر
مستشرقي العالم"، يومي 5 و6 فبراير المقبل.
يقول الدكتور سعد
عبد الغفار أستاذ البلاغة والنقد الأدبي المساعد
بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي وأحد المشاركين بالمؤتمر، إن نوائي منح الشعب
الأوزبكي قوة روحية لا تزال آثارها باقية فيهم حتى اليوم، وأنه خلال عمله بالمركز
الثقافي المصري بالعاصمة الأوزبكية طشقند، اطلع على بعض مؤلفاته خصوصًا كتابيه
"الأربعين" و"نسائم المحبة"، فتحمس لتقديمها إلى القراء
العرب، وعندما عاد إلى مصر قدم الكتابين باللغة العربية، وأشرف على تنظيم مؤتمرين
دوليين بعنوان "إسهامات دول ما وراء النهر في إثراء الحضارة الإسلامية"
عام 2016، ومؤتمر آخر عام 2019 وكان الأمير علي
شير نوائي شخصية المؤتمرين.
ويذكر الدكتور سعد أن
كتاب "الأربعين" يمثل رسالة إصلاحية مهمة داعمة للحياة الروحية في مجتمع
نوائي ولأنه كان باللغة الأوزبكية القديمة، فقد استغرق منه وقتًا ومجهودًا لترجمته
للعربية، مضيفًا أن سفير مصر في طشقند وقتها محمد الخشاب ساعده في إنجاز تلك
المهمة مع بعض الخبراء الأوزبك مثل حاجي مراد وجانجير بارنيوف، وذلك كي تتوافق مع
معاني الأحاديث التي احتواها كتابي نوائي، الذي شرح هذه الأحاديث وعلَّق عليها
تعليقًا أدبيًّا بلغةٍ راقيةٍ تحتاجُ عند ترجمتها إلى لغةٍ أدبيَّةِ تشاكلها.
ويتضمن كتاب نوائي
"الأربعين" ذكره فضلَ معلمه عبد الرَّحمن جامي، الذي ساعده وأرشده، ثم
ذكر تاريخ تأليف الأخير "للأربعين" وهي سنة 1488م، التي قدم فيها للناس
أفضل هدية، حيث قرأ صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، واختار منهما أربعين
حديثًا، جعلهما أساسًا لرسالته التي جعلها رسالة إصلاحية ونصيحة في التربية، ويذكر
نوائي أنَّه استأذن أستاذه "جامي" في شرح هذه "الأربعين"،
شعرًا فأذنَ له لأن الرجل كان صالحاً يرغب في الثواب من الله تعالى، وقد
أهدى علي
شير نوائي الكتاب إلى صديق السلطان "حسن
بيقرا"، وطلب منه النَّظرَ فيه والانتفاع بما فيه، لأنه عُرف بخدمة الدين
وحفظ الشريعة واحترام كلام سيد الرسل.
وقد اختار عبدُ
الرَّحمن جامي الأحاديث القصيرة التي تدعو إلى
تقوية صلات المحبَّةِ والأخوةِ بين المسلمين، وتدفعهم إلى التَّعاونِ، والمحبَّةِ،
والتَّكافلِ والصِّدقِ، والعفَّةِ، والسَّماحةِ...إلخ، وكأنَّه أرادَ أن تكون هذه
"الأربعين" رسالةً تربويةً إصلاحية للنَّاسِ في عصرهِ، ولعلَّه أرادَ أن
يلفتَ إلى بعض الأدواءِ التي تُصيبُ النَّاسَ، ليكونوا على حَذرٍ منها.
وأضاف الدكتور سعد
عبد الغفار ، أن كتابه الثاني للأمير نوائي كان
"نسايم الحعبة"، والذي تضمن المقولات الصوفية المدونة بالعربية، حيث كان
أولُ نصٍّ كاملٍ يُنشَر لأدب نوائي الصُّوفي، كما أنَّه محاولةً لجمع للتراث
الصُّوفي المكتوب باللُّغة العربيَّة في المؤلَّفات الفارسيَّة والتُّركيَّة،
مضيفًا أنه غني بكمٍ هائل من تراجم مشايخ الصُّوفيَّة، حيث احتوى الكتاب على 750
ترجمةً لمشايخ الصُّوفيَّة، وأنه بسبب الكتاب عرفنا بعض مجاهيل الصوفيَّة الذين لم
يصل إلينا شيءٌ عن حياتهم وطريقتهم قبل كتاب نوائي هذا، وبعض مقولاتٍ بعض مشايخ
الصوفية التي لا توجد في الكتب التي ترجمت لهم.
كان الأمير
المتصوِّف علي
شير نوائي شاعرًا، ولغويًّا، وفيلسوفًا،
ومُصلحًا، ورسَّامًا ومتصوّفًا مُحبًّا للعلم والعلماء، جمعته بالشاعر المتصوِّف
عبد الرَّحمن الجامي (817 – 898ه) صداقةٌ قويةٌ، فالتقيا على محبَّة العلم، وقول
الشِّعر، والزهد والتَّصَوُّف، وأعطى نوائي مثلًا رائعًا للمتصوِّف الحقِّ، الذي
لا يغالي ولا يشط، فقد كان بعيدًا عن بِدعَ بعض المتصوفة وشطحاتهم، سلك الطريق على
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق