تحت عنوان "دستور أوزباكستان وإرادة
الأمة" كتب أحمد عبده طرابيك مقالة نشرتها يوم 16/12/2015 صحيفة
"روز اليوسف"، وصحيفة "أقلام وكتب"، المصريتين، وجاء فيها:
يعتبر الدستور فى كل الدول المتحضرة
والمجتمعات الديمقراطية هو المنهاج الأساسى للبلاد والدفعة القوية
لمسيرة التطوير فيها، وحافزاً لكل الحراك الديمقراطى والاقتصادى القائم فى
الدولة والمجتمع، وأساسا متينا للمزيد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية، ولذلك يظل للدستور قيمة سياسية واجتماعية وقانونية
كبيرة لا تنافسها فيها أى أهمية أخرى فى البلاد.
جمهورية أوزبكستان التى تحتفل هذا العام
بمرور 23 عاماً على دستورها الذى تم إقراره من قبل شعب أوزبكستان عقب الاستقلال عن
الاتحاد السوفيتى عام 1991، أى بعد عام واحد من الاستقلال، يمثل أهم دعائم التطور
والتقدم الذى وصلت إليه أوزبكستان منذ استقلالها، التى تعتبر فترة قصيرة نسبياً فى
عمر الدول والشعوب، فقد أصبح الإصلاح الدستورى خطوة ملموسة نحو الديمقراطية
الحقيقية فى أوزبكستان وتحقيق مستوى أعلى من تحديث نظامها السياسى، حيث وفر
الدستور المناخ الملائم لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لشعب أوزبكستان.
خلال الحفل الذى أقيم بقصر المؤتمرات الدولية
فى طشقند، فى الخامس من ديسمبر 2015 بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة والعشرين
لإقرار دستور جمهورية أوزبكستان، أكد الرئيس «إسلام كريموف» أهمية دستور
البلاد فى التخلص من النظام السابق المستبد، وبداية عهد جديد لتنمية أوزبكستان
المستقلة، حيث أقر الدستور مبادئ وقواعد أساسية لدخول البلاد فى عداد الدول
الديمقراطية، حيث كان اعتماد الدستور، ووضع التشريعات القانونية على أسسه، وقبول
مبادئ تعميق الإصلاحات الديمقراطية، وتطوير المجتمع المدنى فى عام 2010، وإدخال
التعديلات على الدستور فى عامى 2011، 2014، بما يخدم عملية الإصلاح والديمقراطية،
وليبرالية المجتمع، كل ذلك شكل أساساً لبرنامج شامل اشتهر فى المجتمع الدولى باسم
«الموديل الأوزبكى» للتنمية.
تثير انجازات أوزبكستان خلال سنوات الاستقلال
الإعجاب إذا ما قورنت بكثير من الدول السابقة عنها فى الاستقلال، فقد وضعت أسس
الاستقلال الوطنى ضمن وحدة أراضى البلاد وسيادة حدودها، وانتقلت إلى اقتصاد السوق
واندمجت فى السوق العالمية، وأدخلت النظام النقدى الحديث، وبفضل الإصلاحات
المتواصلة أصبحت أوزبكستان دولة تتغلب على الفجوة التقنية بنجاح وحققت معدلات
عالية من النمو الاقتصادى والتقدم الاجتماعى والتطور الديمقراطى وحصلت على مكانة
دولية غير قابلة للجدل فى المجتمع الدولى.
تدخل أوزبكستان فى عداد الدول القليلة فى العالم
التى تمكنت بعد نيل استقلالها من نمو اقتصادها بما يقارب ستة أضعاف، فقد بلغ معدل
نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات العشر الأخيرة، بما لا يقل عن 8% سنوياً،
ولم يتجاوز الدين الخارجى للدولة 18.5 % مقارنة بالناتج المحلى الإجمالي، وقد تم
توظيف 16 مليار دولار من الاستثمارات فى اقتصاد البلاد، ليبلغ حجم الاستثمارات
الأجنبية خلال السنوات الخمس الأخيرة 67 مليار دولار، حيث تشكل الاستثمارات
الأجنبية 21% من هذه الاستثمارات.
اعتمدت أوزبكستان فى استثماراتها الخارجية على
إقامة المنشآت الصناعية الحديثة والضخمة فى البلاد، وبصفة خاصة بناء مجمع أوستيورت
للغاز والكيمياء بتكلفة قدرها 4 مليارات دولار، وإنتاج محركات السيارات بالتعاون
مع شركة «General motors»،
وإنتاج سيارات الشحن والحافلات، وقد استضافت طشقند منتدى الاستثمار الدولى يومى 5،
6 نوفمبر 2015، حيث شارك ممثلو أكثر من 560 شركة من 33 دولة ومنظمات مالية دولية
فى فعاليته، وتم التوقيع على اتفاقيات استثمارية بمبلغ إجمالى 12 مليار دولار.
تتبع أوزبكستان فى مجال الرعاية الاجتماعية،
نظام يقوم على تحديد عام للرعاية بإحدى دعائم المجتمع، ولقد كان عام 2015، «عام
رعاية المسنين» فى البلاد، حيث تم تنفيذ برنامج خاص بالرعاية الصحية والاجتماعية
لكبار السن طوال العام، ووضع أسس للرعاية بهم طوال حياتهم، واقتراح الرئيس إسلام
كريموف أن يكون عام 2016 «عام الأم السليمة والطفل السليم»، وذلك تقديراً للأم
ودورها فى المجتمع، وخاصة أن تلك الرعاية من الدولة تأتى فى سياق التعاليم الدينية
الإسلامية التى أوصت باحترام الأم وتقديرها، مذكراً بالحديث النبوى الشريف «الجنة
تحت أقدام الأمهات».
يضمن الدستور لمواطنى أوزبكستان الحق فى
العمل والرعاية الطبية والتعليم المجانى وحرية العمل واختيار المهنة، كما يشمل على
القيم المشتركة التى تكون واضحة وقريبة من قلوب جميع مواطنى البلاد، وهى حرمة وعدم
المساس وعدم القابلية لتجزئة الأراضى الأوزبكية التى يعيش عليها أكثر من 130
مجموعة عرقية فى وئام، وفرض حظر صارم على التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو
العرق أو اللغة أو الدين أو غيرها، واعتمادا على هذه الأسس السليمة تضمن الدولة
المبادئ الدستورية الرئيسية، التى تتمثل فى السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية
لصالح كل شعب أوزبكستان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق