الموروث الشعبي بين النيل وطريق الحرير عادات
وتقاليد تؤكد جذور التواصل بين مصر واوزبكستان
طشقند 9/1/2020 أعدها
للنشر أ.د. محمد البخاري.
تحت عنوان "الموروث
الشعبي بين النيل وطريق الحرير عادات وتقاليد تؤكد جذور التواصل بين مصر
واوزبكستان" نشرت جريدة الخبر
اليوم بتاريخ
9/1/2020 مقالة كنبها: الدكتور سعيد المغربى، رئيس اتحاد الجالية المصرية
فى اوزبكستان، وجاء فيها:
ياأستاذي
يعتبر الموروث الشعبي
والفلكلوري صورة لإلقاء الضوء علي حياة كل مجتمع بما يمثله من عادات وتقاليد تضرب
بجذورها في اعماق التاريخ ،ونحن هنا امام حضارتين منحتا العالم كله الكثير والكثير
من صنوف العلوم والمعارف .
لأول وهلة نجد عادات وتقاليد وتراث شعبي يتلاقي في كثير
من انماطة ما يجعلنا نقف امامه متأميلن، ولعل الطبيعة والمكان لهما دور بارزفي
المأثور الشعبي فمن احتفالات دينية واجتماعية وقومية وحرف تقليدية الي ملبوسات
وفنون متنوعة تعكس المعتقد الفكري واسلوب الحياة وثقافة الانسان ونلحظ هنا التشابة
في طبيعة المكان من نهر وجبال ورمال فهي العامل المشترك الاول الذي جمع بين
الشعبين .
ويأتي العامل الثاني الا وهو طريق الحرير العظيم الذي مد
جسور التواصل الثقافي مع قوافله التجارية ويعد ميناء القلزم (السويس ) من اهم
المواني التي كانت تنقل منتجات بلاد ما وراء النهر والصين الي اوربا قبل الميلاد،
واخيرا جاء الاسلام بما حمله من فكر وثقافة وعلم وحضارة ناهيكم عن العقيدة الواحدة
والتي جعلت من الموروث الشعبي والعادات الانسانية اكثر عمقا وتواصلا
.
ونقف هنا امام لمحات بسيطة تنير دربا طويلا من البحث في
تأصيل الروابط بين الشعبين .
اولا : الطين وفن الفخاريات
الطين أول خامة تفاعل معها وخبرها الانسان الفنان منذ
الازل لسهولة تشكيله وتوافر عناصره في الطبيعة وامكانية التطويع بالحذف او الاضافة،
في خامة محببة للفنان والاطفال علي حد سواء وقد خلقنا الله منها فهي علاقة
عضوية فيزيقية ازلية، ونجد روحا واحدة بين ما شكله الفنان المصري القديم وما شكلة
الفنان الاوزبيكي من اواني فخارية ونمازج لدمي الاطفال وزخارف علي هذه الاواني
والناظر لمجموعة الاواني الموجودة في متحف الفن الحديث يعرف من اول وهلة انها تكاد
تتطابق مع الموجود في المتاحف المصرية خصوصا في متحف الروماني بالاسكندرية
.
ثانيا : الاحتفاليات والمراسم الاجتماعية والدينية
ان الاحتفالات الشعبية في مختلف مناسباتها وما يصحبها من
ممارسات ومظاهر محببة للنفس لما تحمله من فكرة المشاركة الجماعية والتكافل بين
الناس ، انه الميراث الشعبي الذي يترجم عادات متاصلة في كل شعب ومن الاحتفاليات
النتشابهة حفل الميلاد حيث يقوم المصريون بالسبوع ما يصاحب هذه الاحتفالية
من غسل للمولود للمرة الاولي وقص الشعر والهز في الغربال يمينا ويسارا واغنيات
شعبية متوارثة وأطعمة تقوم بها ام الزوجة نجدها بتفاصيلها موجودة في اوزبكستان من
قص الشعر ووزنه ثم تقديره بالذهب ثم التصدق بهذا الذهب وفرحة الاطفال وتشكيل
الدائرة حول المولود والغناء له وتقديم الهدايا للمولود وهو في البشك.
ولا بد ان نذكر هنا احتفالية هامة عند الشعبين انها شم
النسيم او النوروز او ما نعرفه بعيد الربيع فهي نفس العادات من اغنايات واهازيج
تحمل البهجة وحب الطبيعة والجمال ونجد انواع من الاطعمة لا تصنع ولا تؤكل الا في
هذه المناسبة فالنوروز يعني السوملاك والحليم وشم النسيم يعني البيض الملون والخضر
الطازجة والخروج في الجانبين الي الطبيعة وجمالها.
ثالثا : الازياء والملبوسات
إن دراسة انماط ونمازج الازياء الشعبية في كل من وادي
فرغانة وخيوا مع تنوعها ومقارنتها بازياء منطقة الوادي الجديد بمصر والتي تعبر
بصورة واضحة عن مدي التشابه في اشكال الابداع التشكيلي الشعبي من حيث نوعية
التطريز والتصميم والحلي المستخدم في ملابس النساء وتعددها حسب المناسبة التي تلبس
من اجلها كما تشر الي الموروث الثقافي المشترك بين حضارتين جمعت بينهما وحدة
المعتقد واللغة في ازمة متعاقبة .
رابعا: الالحان والالات الموسيقية
اخيرا نلمح التشابه بين الموسيقي الشعبية التراثية كما
في مقطوعات الفنانة
(مناجات
يولد شيفا) والموشحات القديمة لسيدة الغناء العربي كوب الشرق (أم كلثوم) كما ان
المقمات الموسيقية المصرية التراثية تتشابه مع المقامات الازبيكية هذا بالاضافة
الي بعض الالات الموسيقية من ناي وطبلة وربابة والمزمار هي من اهم الالات
المصرية الشعبية نجدها بشكلها وحتي اسمها في اوزبكستان والزائر لمتحف الموسيقي في
اكاديمية الموسيقي الازبيكية (الكنسرفتوار) يتأكد من هذا بل والاكثر من هذا فأن
الموسيقار الشهير مختار اشرفي هو من ابرز رواد الموسيقي في الاوبرا المصرية.
وهناك اخيرا الكثير رموز الثقافة والتواصل الشعبي واطرح
عليكم اسماء فقط كي نتاكد معا من الحقيقة – احمد الفرغاني – محمود مختار – اوزبك
اليوسفي – قطز – مختار اشرفي وغيرهم مما حملوا مشاعل التواصل والتناغم الثقافي
والتراثي بين الشعبين، هذا لايعني ابدا التطابق التام بين الموروثات الشعبية لان
كل جانب يملك من الخصوصية والتميز ما يمنح كل شعب طعما خاصا في الارث التراثي
الشعبي وهذا ما يجعلنا ان نعمل سويا لتوثيق وتأصيل هذا التاريخ العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق