عبد الله
القادري مؤسس الرواية الأوزبكية الحديثة
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
أخي العزيز د. محمد
من منطلق الحرص على دعم التواصل العلمي والثقافي بين بلدينا الشقيقين, فقد ساهمت
بنشر بعض المقالات العلمية لبعض الأكاديميين الأوزبك وهما الاستاذ بهادر بير
محمدوف بأكاديمية أوزبكستان الاسلامية ومقاله عبارة عن دراسة عن الأديب
الأوزبكي الأشهر عبد الله قادري, وقد نشر المقال في مجلة "أدب ونقد"
والأستاذة الدكتورة رانو خوجاييفا استاذة الأدب العربي بجامعة الاستشراق, وكانت
دراستها بعنوان "جهود رواد الأدب العربي الحديث في الترجمة والنهضة" وقد
تم نشرها في مجلة الهلال أوسع وأعرق الدوريات الثقافية في مصر, وقد اتفقت مع
الدوريات المختلفة في مصر لمزيد من النشر عن عناصر الأدب والثقافة الأوزبكية تحت
عنوان " أعلام ما وراء النهر " مع خالص المودة أرجو النشر عن هذا
الموضوع للمساعدة في توسيع قاعدة الاستفادة من هذه المشروع.
Magdy
Zaabal
Yahoo Mail <mmzaabal55@yahoo.com>
اعلام من بلاد ما وراء النهر
عبد الله القادري
مؤسس الرواية الأوزبكية الحديثة
إن عبد الله القادري من أبرز الشخصيات
بالقرن العشرين في الأدب والثقافة الأوزبكية. ولعب دورًا لا مثيل له في تطوير
الأدب الحديث والنشر الواقعي والصحافة والترجمة.
المولد والنشأة والتكوين
ولد عبد الله القادري في أسرة بستاني
في 10 إبريل/تيسان سنة 1894 بمدينة طشقند. ويكتب الكاتب في ذكرياته: " لم أكن
أعرف في البداية هل ولدت في أسرة غنية أم فقيرة. عندما بلغ عمري سبع سنوات بدأت
أشعر أنني لا أشبع ولا ألبس جيدا، ولاحظت أن أسرتنا المكونة من خمسة أفراد يعولهم
أبي العجوز وهو في الثمانين من عمره. كانت لديه حديقة كبيرة ومن محاصيلها تعيش
الأسرة ".
درس القادري حتى التاسعة من عمره في
مدرسة ذات اسلوب تقليدي وعندما استبد الفقر بالأسرة، سلم الأب ابنه القادري لأسرة
غنية كي يعمل في خدمتها، وكان صاحب هذه الأسرة تاجرًا غنيًا يحتاج لمن يعرف اللغة
الروسية حتى يساعد في أموره التجارية. وقد لاحظ هذا التاجر ميل القادري نحو
الدراسة والتعلم وأرسله إلى المدرسة الروسية. وكان من الصعب على القادري الجمع بين
الدراسة والعمل، فدرس لمدة عامين فقط، وطلب من أبيه اعادته إلى أسرته، وبعد عودته
بدأ في استكمال دراسته، وفي أوقات فراغه يساعد أبيه في أعمال الفلاحة في المزرعة.
وفي عام 1912 انتهى من دراسته بالمدرسة الروسية بتفوق. وقد كان لإتقانه اللغة
الروسية دورًا كبيرًا في حياة عبد الله القادري؛ لأن اللغة الروسية أعطته فرصة
الاطلاع على الأدب والثقافة العالمية. وبعد عامين التحق عبد الله القادري بمدرسة
ثانوية اسمها "أبو القاسم" حيث تعلم بها العلوم الدينية واللغتين
العربية والفارسية.
السيرة الإبداعية للقادري
بدأ حياته وإبداعه الأدبي في تلك
الفترة كما يذكر في سيرته الذاتية: " اثناء عملي بالتجارة قرأت الجرائد وعرفت
لأول مرة معنى وجود الفن الصحفي، وبعدما بدأت بعض الصحف الأوزبكية تنشر في بداية
1913م (صوت تركستان، سمرقند، المرآة) وبدأت حينها في التفكير في كتابة المقالات
الصحفية في إحدى تلك الصحف".
ونُشر له مقال بعنوان"المسجد
الجديد والمدرسة" عام 1914 في جريدة "صوت تركستان"، ذيلها بلقب
القادري. وهكذا بزغ في دنيا الصحافة اسم القادري. ولم يمض وقت طويل حتى بدأت تنشر
الأشعار والمؤلفات القصصية بهذا الاسم. وكانت مؤلفاته مليئة بالفكر الاصلاحي، فقد
كانت كتاباته متأثرة إلى حد كبير بأدب المصلحين الأوزبك، وكان يدعو فيها أبناء
شعبه إلى الاعتزاز بالنفس والاتجاه إلى الحداثة في كل مناحي الحياة.
إن نشاط القادري بعد ثورة أكتوبر سنة
1917 تلخص في مجال الصحافة، فقد تم تعيينه محررًا في الجريدة وعمل مراسلًا في
الصحف التالية : "الاشتراكيون" ، "العلم الأحمر"
و"الانقلاب" كان للقادري دورًا مهمًا في تشكيل الاتجاه الحديث في أجهزة
الإعلام الأوزبكية. وكان أحد أبرز مؤسسي مجلة "القبضة" الساخرة التي لا
تزال تنشر حتى الآن. سافر القادري إلى موسكو لتحسين كفاءته في مجال الصحافة
والإعلام ودرس في المعهد العالمي للأدب.
مكانة القادري الفنية
يعتبر القادري مؤسسًا للرواية
الأوزبكية الحديثة، وكان قد بدأ نشاطه بكتابة المقالات الصحفية والقصص الساخرة، ثم
شرع في كتابة روايته الأولى " الأيام الماضية " التي بدأها عام 1919،
ونشرت أجزاءها عام 1922 في مجلة "الانقلاب" ثم صدرت في شكلها النهائي عام
1926.
حلل الكاتب في تلك الرواية تاريخ
تركستان في القرن التاسع عشر، وخاصة أهم الأحداث التاريخية والاجتماعية التي مرت
بالشعب الأوزبكي، وعبر على لسان أبطاله عن أحلام وأفراح وهموم الناس الذين كانوا
يعيشون في تركستان في ذلك حين.
حاول الكاتب أن يعبر عن أحداث تلك
الرواية بالموضوعية، وتمكّن قراء هذه الرواية من أبناء تركستان أن يروا وجههم
الحقيقي بمميزاته وعيوبه، كما لو كانوا يروه في مرآة نقية. وكانت تلك الرواية
نموذجًا ناجحًا للرواية الواقعية.
اشتهرت هذه الرواية بين القراء حتى
تمكن الناس من حفظ وقائع وأحداث تلك الرواية عن ظهر قلب. وخلال فترة قصيرة تمت
إعادة نشر تلك الرواية وترجمت إلى عدة لغات. أما روايته الشهيرة الأخرى فهي "العقرب
من المحراب" طبعت في مارس سنة 1929 بمدينة سمرقند. وهذه الرواية تحكي عن حياة
ملوك تركستان وتصف الأحداث الاجتماعية والسياسية والمشاعر النفسية لأبناء تركستان.
جاءت شهرة روايات القادري وجاذبيتها؛
لأنها كانت تحكي المعاناة والوقائع الحقيقية التي كانت تجري للشعب الأوزبكي في
القرن العشرين. لذلك كانت كتب القادري ممنوعة في الثلاثينيات من القرن العشرين
لأنها تحض على التمرد والمقاومة طلبًا للحياة الحرة الكريمة .
وفاته في سبيل وطنه
في أواخر الثلاثينيات اعتقل القادري مع
عدد كبير من المثقفين والعلماء ورجال الدين الذين يعتبرون من طلائع المجتمع
الأوزبكي في 21 ديسمبر/كانون أول عام 1937، وبعد انقضاء تسعة أشهر توفي بالسجن في
الرابع من شهر أكتوبر/تشرين أول عام 1938م.
تكريم الوطن له
بعد حصول أوزبكستان على استقلالها قدمت
التكريم المستحق لهؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حرية هذا البلد وكرامة شعبه.
ومنحت الحكومة الأوزبكية لإسم القادري أوسمة الدولة، وتم تسمية الشوارع، والحدائق،
والمحطات باسم ابن الشعب الأوزبكي عبد الله القادري.
أ. بهادر بيرمحمدوف
باحث – أكاديمية أوزبكستان الإسلامية
الدولية – طشقند – جمهورية أوزبكستان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق