تحت عنوان "خسرو
ناظري: 9% فقط هي كل استفادة تاجيكستان (طاجكستان) من المياه.. وسد راغون يحقق
فوائد كبيرة للجميع" نشرت الصحيفة الإلكترونية المصرية "شباب
النيل" يوم 18/7/2015 مقابلة أجراها مراسل الصحيفة محمود سعد دياب
مع سفير طاجكستان في القاهرة، وجاء فيها:
>> السفير خسرو
ناظري سفير جمهورية تاجيكستان بالقاهرة: السد الجديد يفيد دول المصب ويوفر
الطاقة الكهرومائية التي يعتمد عليها اقتصاد تاجيكستان .. ويحدث توازن في توزيع
المياه بين أعوام الجفاف والأمطار الغزيرة ويوسع الرقعة الزراعية
>> تقرير البنك الدولي جاء في صالح إنشاء السد ..
والظروف مختلفة بين راغون وسد النهضة في إثيوبيا
>> بحثت مع
وزير الري المصري سبل التعاون المشترك واستفادة تاجيكستان من الخبرة المصرية في
الزراعة وأساليب الري مقابل استفادة مصر من خبراتنا في توليد المياه من السدود
والقناطر
>> هناك مجالات
كثيرة للتعاون ونتطلع الى تفعيل عمل اللجنة الحكومية المشتركة .. وناقشت مع محافظ
القاهرة إقامة علاقات التآخي والتعاون بين عاصمتي الدولتين والعلاقات بيننا تمتد
إلى آلاف السنين
>> مؤتمر
المياه في دوشنبه ناقش كيفية الاستفادة من المياه في تحقيق التنمية المستدامة..
وكارثة بحر آرال (الأورال) ما زالت تبحث عن حل.. وحصة دول المصب لن تتأثر بسبب
السد الجديد بفضل وفرة الموارد المائية في المنطقة
حاوره – محمود سعد
دياب:
يعتبر السفير خسرو
ناظري سفير جمهورية تاجيكستان بالقاهرة، أحد الشخصيات المهمة في المجال
الدبلوماسي خصوصًا وأنه يتحدث العربية بطلاقة ويعشق مصر وأهلها والقاهرة وتراثها
التاريخي، والحديث معه كان مهمًا خصوصًا وأن بلاده مقبلة على إنشاء سدًا جديدًا
على نهر وخش أحد روافد نهر جيحون التاريخي مما قد يوحي للوهلة الأولى أن هناك
مشاكل قد تنشأ بسبب ذلك مع دول المصب مثلما هو الحال مع سد النهضة الإثيوبي، لكنه
في حواره مع "شباب النيل" تحدث بصراحة عن سد راغون الجديد
وإيجابياته... وإلى الحوار.....
بداية ما هي
نتائج مؤتمر المياه المنعقد بداية شهر يونيو الماضي في تاجيكستان؟
المؤتمر الدولي جاء
بعنوان "الماء من أجل الحياة" وعقد في دوشنبه العاصمة في الفترة
من 9 حتى 11 يونيو الجاري وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 69/215
والذي ينص على ضرورة تعزيز المساعي المستقبلية من أجل التنمية المستدامة من خلال
الموارد المائية وضرورة إجراء تقييم شامل واتخاذ خطوات تحقق الهدف وشارك فيه أكثر
من 100 دولة و80 منظمة دولية و إقليمية وغير حكومية ومنظمات للمجتمع المدني،
بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، والأمين العام العام للأمم المتحدة بان كي
مون ورئيس دولة تاجيكستان إمام علي رحمان الذي اقترح اعتبار العشر
سنوات المقبلة مخصصة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال المياه باعتبارها عنصراً
مهماً في ذلك، ونحن سعداء بمشاركة مصر في هذا المؤتمر من خلال الدكتور خالد
واصف الذي شارك بالنيابة عن الدكتور حسام مغازي وزير الري الذي اعتذر
عن الحضور.
وهل كانت هناك
ملفات مشتركة بين مصر وتاجيكستان تمت مناقشتها بين الجانبين خلال المؤتمر؟
لقد التقيت الوزير حسام
مغازي قبيل المؤتمر وناقشت معه سبل تأكيد أواصر التعاون بين البلدين، خصوصًا
وأن تاجيكستان ترغب في الاستفادة من أساليب الري الحديثة والمتطورة التي تستخدم في
مصر مقابل أن تحصل الأخيرة على الخبرة التاجيكية في مجال توليد الكهرباء من السدود
والقناطر.
وهل هناك
خطوات جدية تم اتخاذها في هذا الشأن؟
بالفعل جاري استكمال
المناقشات لتفعيل ذلك خصوصًا وأن تاجيكستان مقبلة على إنشاء سد راغون الجديد على
نهر وخش للاستفادة من اندفاع المياه من الجبال إلى الأسفل في توليد الكهرباء
وإعادة توزيع المياه بحيث يتم الاستفادة منها بشكل أكبر.
تقريبًا ما هي
حصة تاجيكستان من المياه؟
كما تعلمون دولتنا
ذات طبيعة جبلية في 93% من مساحتها، وبالتالي فإن هناك مئات الأنهار الصغيرة التي
تنبع من قمم الجبال سواء من الأمطار أو من الثلوج التي تذوب في فصل الصيف، ولذلك
فإن 60% تقريباً من حجم المياه التي تستفيد منها دول أسيا الوسطى كلها تنبع من
الجبال في بلدنا، ولكن استفادة تاجيكستان من تلك المياه لا تتعدى من 8-9 % فقط من
حصتنا المتفق عليها والبالغة 12%، لذلك من حقنا تعظيم الاستفادة من تلك المياه
بإقامة سد لكي تستفيد بها الزراعات في المناطق السهلية أيضًا ونقوم بتوليد
الكهرباء اللازمة لرفع معدلات التنمية وتصديرها إلى الدول المجاورة، ومعظم المياه
تنبع من نهر جيحون كما هو معروف عند العرب أو أمودريا كما هو معروف عندنا وهي
المنطقة التي فتحها العرب في صدر الإسلام وأسموها بلاد ماوراء النهر.
وهل هناك
اعتراضات من دول المصب على إنشاء ذلك السد؟
بالعكس هناك تفاهم
متزايد بين دول المنطقة في مسألة ضرورة إنشاء هذه المحطة الكهرومائية خصوصًا وأنه
منه شأنه إحداث توازن لأن أعوام الجفاف تقل فيها الأمطار وهنا تأتي فائدة السد
الذي نعتزم إنشاءه بتنظيم مرور المياه إلى دول المصب بحيث تكون مستديمة في جميع
الأعوام، وهو ما يعود بالإيجاب عليها خصوصًا وأنها سوف تتمكن من توسيع رقعتها
الزراعية، بالإضافة إلى زيادة حجم الطاقة اللازمة للمشروعات التنموية.
ولقد ناقشنا
هذا الأمر في المؤتمر الأخير للمياه في دوشنبه وجميع الاستفادات التي من الممكن
تحقيقها من المياه، خصوصًا وأن هناك مئات الأنهار الأخرى التي لن تجعل هناك
تأثيرًا من تناقص حصة المياه المخصصة لكل دولة من دول المصب من نهري جيحون و
سيحون، فضلا عن اعتماد الدول بشكل كبير على مياه الأمطار والآبار.
والمياه تنبع من
تاجيكستان وقرغيستان (قرغيزستان) دول المنبع ودول المصب هي كازخستان وأوزبكستان وتركمستان
وهي تصب جميعها في بحر آرال الذي يواجه كارثة بيئية خطيرة بسبب أن إدارة الدولة في
العهد السوفيتي وجهت مجاري المياه إلى مزارع القطن الواسعة بدلا من أن تصب في بحر
آرال الذي انخفض مستواه إلى الثلث تقريبًا وتحول إلى مساحات شاسعة من الصحراء
واختلت المنظومة البيئية وتدمرت الثروة السمكية ونحن نسعى كدول المنطقة لإصلاح
الوضع عن طريق إعداد برامج مختلفة ومتطورة لإعادة الوضع كما كان عليه وقد تم
مناقشة القضية في المؤتمر أيضًا.
وهل هناك مشاكل
بخصوص إنشاء السد مع دول المصب؟
إذا هناك أي مشكلة
فتاجيكستان مستعدة لنقاش سبل حلها من أجل المصالح المشتركة
وهل أشركتم
المجتمع الدولي في الأمر؟
بالفعل لقد دعونا
البنك الدولي لإجراء تقييم اقتصادي وبيئي للسد ومدى تأثيره على جميع دول المنطقة
وكانت النتائج إيجابية، وكشفت عن عدم وجود تأثير سلبي على دول المصب بل بالعكس سوف
يساعدها السد في توسيع الرقعة الزراعية.
وهل سيكون السد
الوحيد في تاجيكستان؟
لا هناك سد نارك وقد
تم إنشاؤه في سبعينات القرن الماضي وهو من أعلى السدود على مستوى العالم، وهناك
محطات كهرمائية لتوليد الطاقة والتي يقوم عليها الاقتصاد التاجيكي، والتي نقوم
بتصديرها إلى دول الجوار وأفغانستان خصوصًا وأن طبيعتنا الجبلية حرمتنا من وجود
أبار النفط والغاز الكبيرة التي تتمتع بها دول المصب.
مع الفارق .. هل
وجه شبه بين سد النهضة وسد راغون الذي تنوون إنشاؤه؟
لا كل منطقة لها
ظروفها وليس هناك وجه تشابه خصوصًا وأن سد راغون لن يؤثر على حصة دول المصب من
المياه فهناك أنهار أخرى صغيرة غير نهر جيحون ونهر سيحون الذي ينبع من قرغيستان،
بالإضافة إلى أن سد راغون سيحدث نوعًا من التوازن في توزيع المياه في حين أن نهر
النيل هو نهر وحيد فقط وهو مصدر المياه، ويجب على الدول المتشاركة فيه الوصول إلى
حلول وسط يستفيد منها الجميع.
هل هناك
اتفاقيات بين تاجيكستان ومصر؟
لدينا اتفاقيات
ثنائية مع مصر في عدة مجالات في الثقافة والتعليم والسياحة ولكن نحن مهتمون بتعزيز
علاقات التعاون في مجال الموارد المائية ونعتبر مصر دولة رائدة في مجال الزراعة
والري وكيفية الاستفادة من الموارد المائية ولها تجارب متقدمة، خصوصًا وأن السد
العالي تم إنشاءه في الستينات فضلًا عن أن لديها خبرات في الزراعة والري من نهر
النيل الذي ينبع من آلاف السنين.
هل هناك مشروعات
تم تنفيذها على أرض الواقع بين البلدين؟
في مجال التعليم فقط
فهناك طلاب تاجيك يدرسون في جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس وهناك في الماضي طلاب
مصريون كانوا يدرسون أيضًا في تاجيكستان أما الاتفاقيات التي تم توقيعها في
المجالات الأخرى يجب تنفيذها، ولكن اللجنة المشتركة الحكومية المصرية التاجيكية
عقدت في شهر يناير 2009 في دوشنبه وتطرقت إلى التعاون المشترك في كافة المجالات
وكان مقررًا أن تتم الجلسة الثانية في القاهرة و لكن بسبب الظروف في مصر تأخر
انعقادها ونحن نناقش مع الجانب المصري حاليًا إعادة تفعيل اللجنة المشتركة
وعلاقتنا مع مصر متميزة فالرئيس إمام علي رحمان زار القاهرة عام 2007
ووقعنا عدة اتفاقيات تعاون ونتطلع إلى مزيد من التطور في العلاقات.
وماذا عن لقاءكم
بمحافظ القاهرة؟
كان لقاءنا بالدكتور
جلال مصطفى السعيد محافظ القاهرة، مفيدًا حيث تطرقنا إلى عدد من الموضوعات ذات
الاهتمام المشترك، في إطار التوصل إلى اتفاقية للتآخي بين عاصمتي البلدين، خصوصًا
وأن العلاقات بين الشعبين المصري والتاجيكي تمتد عبر التاريخ، حيث ترجع إلى ألف
عام تقريبًا، عندما زار الرحالة والفيلسوف والشاعر التاجيكي ناصر خسرو مصر
في القرن الـ11 الميلادي ومكث في القاهرة 3 سنوات، حيث وجد خسرو في مصر الهدوء
والرخاء وانبهر بالقاهرة التي وصفها بأنها مدينة لا نظير لها وقد كتب كتابه
المشهور "السفرنامة" أي كتاب الأسفار الذي يعد مصدرا أساسيا للحياة
الاجتماعية في مصر الفاطمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق