طشقند 9/10/2017 أعدها للنشر أ.د. محمد
البخاري. تحت عنوان "بعد عام علي رحيله إسلام كريموف وبناء أوزبكستان
الحديثة" نشر موقع "أقلام وكتب" يوم 9/10/2017 مقالة
كتبها: أحمد عبده طرابيك، وجاء فيها:
في نهاية شهر يناير 2018، عندما تحل الذكري
الثمانون لميلاد الرئيس إسلام كريموف، يكون قد مر نحو عام وأربعة شهور علي
وفاته، وما بين الميلاد والوفاة التي تبلغ نحو 78 عاما، قضي إسلام كريموف
حياته بكل دأب في خدمة وطنه قبل الاستقلال، كما ساهم بشكل كبير وفعال في بناء الدولة
العصرية لأوزبكستان الحديثة بعد الاستقلال.
ولد إسلام عبد الغنيفيتش كريموف في 30
يناير 1938 بمدينة سمرقند، ودرس الهندسة والاقتصاد، وعمل مهندسناً في الطيران من
عام 1961 إلي عام 1966، ثم انضم للحزب الشيوعي السوفيتي، وتولى بعدها عدداً من
المناصب الحكومية، وفي عام 1989 انتخب أميناً عاماً للحزب الشيوعي خلفا للزعيم رفيق
نيشونوف، وفي 24 مارس 1990 تولي رئاسة جمهورية أوزبكستان الاشتراكية
السوفيتية، وفي 31 أغسطس 1991 أعلن استقلال جمهورية أوزبكستان عن الاتحاد
السوفيتي، ودعا لانتخابات رئاسية في 29 ديسمبر 1991، فاز فيها بنسبة 86 %. وفي عام
1995 حصل كريموف من خلال استفتاء عام على فترة رئاسية ثانية، وفي 9 يناير
2000 أعيد انتخابه مرة ثالثة، وحصل على نسبة 91.9 %، وفي استفتاء عام 2002، تم
تمديد فترة ولاية الرئيس من 5 إلى 7 سنوات (1).
في نوفمبر 2007 قبل كريموف ترشيح الحزب
الديمقراطي الليبرالي له لفترة رئاسية ثالثة، وجرت الانتخابات في 23 ديسمبر،
وأظهرت النتائج الرسمية الأولية فوز كريموف بنسبة 88.1 % من الأصوات بنسبة
مشاركة وصلت إلى 90.6، وراقبت تلك الانتخابات عدد من المراقبين الدوليين
المستقلين، والمنظمات الدولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة،
وأعطت تقييما إيجابيا لها، وفاز الرئيس إسلام كريموف بفترتي ولاية أخريين
عقب انتخابات أجريت في عام 2007، وفار الرئيس كريموف في انتخابات مارس 2015، قبل
أن يتوفي نحو تسعة أشهر في 2 سبتمبر 2016.
في 28 أغسطس 2016 أصيب الرئيس إسلام كريموف
بجلطة دماغية نقل علي أثرها إلي المستشفي، ولكنه فارق الحياة في 2 سبتمبر 2016،
وبحسب الدستور في أوزبكستان فقد كان مقرراً أن يتولي الرئاسة لفترة انتقالية لمدة
ثلاثة أشهر رئيس البرلمان، ولكنه اعتذر عن تولي المنصب، فتم الاتفاق بين مؤسسات
الدولة علي أن يتولي الرئاسة خلال الفترة الانتقالية رئيس الوزراء شوكت
ميرأمانوفيتش ميرزيوييف، والذي تم انتخابه بعد انتهاء الفترة الانتقالية في 4
ديسمبر رئيساً لأوزبكستان.
أوزبكستان
المستقلة
عقب استقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفيتي
عام 1991، كانت أوزبكستان تمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية، فعشية الاستقلال، كان
مخزون الدقيق والحبوب لأكثر من عشرين مليون نسمة، هم سكان البلاد، يكاد يكفى
لأسبوع واحد أو أسبوعين علي أقصي تقدير، وخلال تلك الظروف الصعبة وضع الرئيس إسلام
كريموف برنامج شامل للتنمية، عرف فيما بعد باسم "النموذج الأوزبكي"
للتنمية، والذي سرعان ما أصبح معروفاً علي مستوي العالم الخارجي بهذا الاسم، حيث
أصبح معلماً هاماً في تاريخ أوزبكستان المستقلة (2).
اختارت أوزبكستان مساراً للتنمية منذ
استقلالها، بما يتناسب مع امكانيات البلاد ومواردها الطبيعية والبشرية، والظروف التي
تمر بها خلال فترة التحول الاقتصادي من النظام الاشتراكي إلي اقتصاد السوق
والانفتاح علي العالم الخارجي، وكذلك بما يتوافق مع قيم وتقاليد شعب أوزبكستان
الاجتماعية والدينية والثقافية، خاصة ان البلاد تعتبر بوتقة للقوميات التي يزيد
عددها عن 130 قومية دينية وعرقية تتعايش في جو من الود والسلام والاستقرار (3).
اعتمد النموذج الأوزبكي للتنمية علي عدد من
العمليات المتتابعة والمتواصلة علي نطاق واسع شمل مختلف القطاعات الاقتصادية
والاجتماعية، وكان يهدف في البداية إلي تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي، خلال
السنوات الأولي من الاستقلال، فيما كانت البلاد تمر بمرحلة جديدة في تاريخها
الوطني الحديث، فقد كانت قاعدة النموذج الوطنى للإصلاح والتنمية، التى وضعها مؤسس
الدولة إسلام كريموف، آخذاً فى الاعتبار بالقدرات الاجتماعية والاقتصادية
للبلاد، وتاريخ الدولة التى أقامها شعب أوزبكستان، والقيم القومية والخبرات
الدولية، ترتكز إلى خمسة مبادئ جوهرية للانتقال إلى اقتصاد السوق الحر الموجه
اجتماعياً (4):
المبدأ الأول:
أولوية الاقتصاد عن السياسة، وذلك بتحرر الاصلاحات الاقتصادية من كافة المسلمات
الجامدة والاستراتيجيات التى عفا عليها الزمن ، ولا ينبغى أن تخضع لأى من
الأيديولوجيات .
المبدأ الثانى:
الدولة هى القائم الرئيسى على الاصلاح، وعليها تحديد الأولويات الحيوية، واتجاهات
الاصلاح ومراحله، ووضع البرامج الحكومية للتنمية وتجسيدها على أرض الواقع.
المبدأ الثالث:
سيادة القانون فى كافة مجالات الحياة فى المجتمع. ينبغى على الجميع دون استثناء،
الالتزام بالدستور والقوانين التى يتم تطبيقها بالوسائل الديمقراطية.
المبدأ الرابع:
انتهاج السياسة الاجتماعية القوية، مع تطبيق علاقات السوق فى الوقت نفسه، فمن
الضرورى اتخاذ التدابير المؤثرة فى ضمان الحماية الاجتماعية المؤكدة للسكان، وخاصة
الفئات محدودة الدخل، والأسر متعددة الأبناء، وذوى المعاشات.
المبدأ الخامس:
يتحقق التحول إلى علاقات السوق من مرحلة لأخرى عبر الطريق الارتقائى، التدريجى
المدروس، مع الأخذ فى الاعتبار الأوضاع الاقتصادية الموضوعية (5).
بفضل تحقيق أوزبكستان لنموذجها الخاص فى
التحديث والنهضة للمجتمع، والذى عرف باسم "النموذج الأوزبكى"
للتنمية، وبالتحقيق المتواصل للاصلاحات الواسعة فى كافة المجالات والقطاعات عبر
سنوات الاستقلال، فقد جرى التغيير الجذرى لهيكل الاقتصاد، وتم إيجاد القاعدة
الواعدة لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام (6).
تقوم أوزبكستان في الوقت الحالي بتصنيع نحو 60
% من حجم الانتاج الصناعي، وذلك من خلال المصانع التي تم إنشاءها بعد الاستقلال والتي
تعتمد علي التقنيات الحديثة، والتى تقوم بإنتاج السلع القادرة على المنافسة فى
الأسواق العالمية، وتتمتع بالقيمة المضافة المرتفعة، فقد تم الاهتمام بقطاع صناعة
السيارات، وتصنيع الآلات الزراعية، والمصاعد الهوائية، وماكينات جمع القطن، وتحديث
قطاع الالكترونيات، وتنمية قطاع الصناعات التحويلية للنفط والغاز، كما ساعد إقامة
صندوق إعادة الإعمار والتنمية فى أوزبكستان عام 2006، والذى بلغ رأس ماله فى الوقت
الراهن 25 مليار دولار، فى تنفيذ المشروعات الخاصة بالتطوير والتحديث التقني لمعدات
القطاعات الأساسية للاقتصاد، وتنفيذ السياسات الهيكلية والاستثمارية الفعالة.
تمثل العامل المحورى المبدئى للإصلاح فى مجال
الزراعة، فى التحول من التخطيط الإدارى ونظام التوزيع إلى نظام العلاقات التى
يحكمها السوق، حيث تم نقل الأراضي الزراعية إلى دائرة المزارع الخاصة التى تم
إنشاؤها حديثا، ونتيجة لتلك الإجراءات تقلصت حصة القطن الكلية بنسبة 7.7 ٪ من حجم
الناتج الإجمالى، فى حين بلغت حصة الحبوب حوالي 9 ٪، والفواكه والخضروات 32.4 ٪،
بينما تجاوزت نسبة المنتجات الحيوانية أكثر من 40٪ من حجم الانتاج الزراعي
والحيواني.
تم تنفيذ مشاريع واسعة النطاق لتحديث وتطوير
البنية التحتية للنقل، كما تم بناء خطوط السكك الحديدية الجديدة، والانتهاء من
تنفيذ كهربة خطوط السكك الحديدية، وافتتاح خط قطارات الركاب فائقة السرعة سمرقند -
قارشى، الأمر الذي جعل من الممكن القيام بتنظيم تسيير القطارات الكهربائية فائقة
السرعة "أفروسياب" من طشقند إلى قارشى. إلي جانب ذلك يوجد فى أوزبكستان
أكثر من عشرين ممراً دوليا للنقل، اثنان منها يتمثلان فى الطرق الدولية الرئيسة
للسيارات التى تربط أوروبا الغربية مع بلدان شرق آسيا، كما تم إقامة المجمع الأحدث
لصيانة الطائرات المصنعة فى الغرب، وإعادة تأهيل المطارات، وتحسين نظم الملاحة فوق
كامل أراضى أوزبكستان، والتى جرى الاعتراف بها باعتبارها واحدة من أفضل نظم
المراقبة للملاحة الجوية فى بلدان رابطة الدول المستقلة (7).
نجحت أوزبكستان فى تهيئة الظروف لجذب رأس
المال الأجنبى، من خلال مجموعة واسعة من التسهيلات والمزايا والامتيازات والضمانات،
وكما أصبح قطاع الخدمات يمثل أكثر فروع الاقتصاد التى تتمتع بالحيوية، ففى أوائل
التسعينات، بلغ نصيب قطاع الخدمات فى الاقتصاد حوالى 33 ٪، وقد ارتفعت في الراهن
لتبلغ 54.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالى، إلي جانب ظهور أنواع جديدة وحديثة من الخدمات،
مثل تقنية المعلومات الرقمية والاتصالات، وخدمات شبكات الهاتف المحمول، وخدمات
برمجة الكمبيوتر، والاستشارات والخدمات القانونية، والخدمات العقارية والوساطة
المالية، والعلاج الخاص والتأمين على السيارات، والأنواع الجديدة من الخدمات
المالية، والخدمات المصرفية الإلكترونية، وغيرها.
تم اعتماد برنامج الإعداد القومى واسع النطاق
لإعداد الكوادر في عام 1997، والذى تأسس بهدف إعادة الهيكلة الجذرية للنظام
التعليمى القائم، وضمان التعليم المستمر، وربط النظام التعليمى بالتحولات الجارية
فى المجتمع، ومتطلبات الاقتصاد ذى التنمية المطردة فى الأفراد المؤهلين تأهيلا
عالياً، وتطبق أوزبكستان نظام التعليم العام المجانى الإلزامي لمدة اثنتى عشر
عاماً، فقد تم بناء أكثر من 1600 من الكليات المهنية الجديدة والمدارس الأكاديمية،
المجهزة بوسائل التعليم الحديثة والمختبرات وأجهزة الحاسب الآلى والمعدات الصناعية.
وبفضل السياسة التي تهدف إلى رفع المستوي
الصحي وتوفير الرعاية للأمومة والطفولة، فقد تراجع معدلات وفيات الأطفال والأمهات
بشكل كبير، حيث انخفض إجمالى معدلات وفيات الأطفال الرضع من 34.6 % فى عام 1990،
إلى 10.8 % فى عام 2014، وانخفض معدل وفيات الأمهات من 3.65 إلي 19.1 لكل مائة ألف
حالة ولادة، كما ارتفعت النفقات السنوية لموازنة الدولة فى تلبية الاحتياجات
الاجتماعية، بما فى ذلك الإجراءات الخاصة بتعزيز الضمانات المالية للمؤسسات
الاجتماعية، وازدادت من 31.5٪ فى عام 1990 إلى 59٪ طبقا لإحصاءات عام 2015، كما
أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالشباب، حيث تم تشييد وتجديد أكثر من 270 مدارسة
موسيقية وفنية للأطفال، و523 منشأة رياضية، ويشارك أكثر من 2 مليون طفل ، منهم 840
ألف فتاة ، فى مختلف أنواع الألعاب الرياضية (8).
وقد عكست المؤشرات الاجتماعية في قطاعات الصحة
والتعليم والتربية البدنية والرياضية ، وقطاع الخدمات الاجتماعية ، والبنية التحتية
في قطاعات الاسكان والمرافق، المستوي الاقتصادي بشكل مباشر، الأمر الذي يدل علي
مدي نجاح النموذج الأوزبكي للتنمية في تحقيق الأهداف المرجوة منه في التطور
الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
آفاق
العلاقات الدولية لأوزبكستان
عندما نالت أوزبكستان استقلالها عام 1991، لم
يكن لها أي رصيد من العلاقات الدولية الخارجية، وقد بدأت في نسج علاقاتها الخارجية،
وكانت تلك العلاقات تتطلب من الدولة الوليدة تقديم مسوغات وشهادات قدرتها علي نسج
علاقات قائمة علي تحقيق المصالح المتبادلة، فقد كانت البلاد لا تمتلك رصيداً من
الثقة لدي العالم الخارجي، كما أن اقتصادها في ظل الاتحاد السوفيتي السابق يتميز
بالاقتصاد الأحادى المتطور، الذى سيطر عليه احتكار زراعة القطن، وتسليمه إلي الحكومة
المركزية فى صورة مواد خام. فكان الشعب يزرع القطن بسواعده ولا يعلم مدي قيمته
الفعلية.
بدأت أوزبكستان منذ الاستقلال فى إقامة روابط
التعاون الاقتصادى المستقل مع مختلف دول العالم، وقد تم تحديد أولوية تلك الشراكة
لقضايا التنمية، والتى تمثل الجانب الهام فى السياسة الخارجية للبلاد، ونتيجة لذلك،
فقد ارتفعت مكانة أوزبكستان التى تتمتع بالإمكانات الطبيعية والعلمية الكبيرة، والقدرات
القوية لتصدير منتجاتها، وقد صارت أوزبكستان عضوا فى تلك الهيئات المرموقة مثل
الأمم المتحدة، والبنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومؤسسة التمويل الدولية،
والوكالة الدولية متعددة الجوانب لضمانات الاستثمار، ومنظمة الأغذية والزراعة
التابعة للأمم المتحدة، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ،
ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ومنظمة التعليم والعلوم والثقافة "اليونسكو"،
ومنظمة العمل الدولية، والمنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، ورابطة الدول المستقلة،
ومنظمة شنغهاى للتعاون، ومنظمة التعاون الإسلامى، وبنك التنمية الآسيوى، والبنك
الإسلامى للتنمية، وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى (9).
أصبحت أوزبكستان عضوا كامل العضوية في الأمم
المتحدة في الثاني من مارس 1992، وقد استطاعت في وقت قصير تعزيز علاقات التعاون مع
المنظمة الدولية، والهيئات التابعة لها كما عملت علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية في
إطار منظمة شنغهاى للتعاون، الأمر الذي جعل أوزبكستان تنال التقدير من قبل قادة
منظمة شنغهاي للتعاون خلال قمتهم الخامسة عشر، والتى عقدت في طشقند يومي 24، 25
يونيو 2016، من خلال عدد من الآليات، أهمها: مجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء في
منظمة شنغهاى للتعاون، ومجلس الأعمال، واتحاد البنوك، وكان إعلان طشقند الذى تم
توقيعه فى 24 يونيو 2016، والذي تناول آفاق التعاون فى المجالات التجارية
والاستثمارية، والنقل والاتصالات من ثمار علاقات أوزبكستان الاقتصادية مع العالم
الخارجي.
أدركت أوزبكستان بأن إقامة الروابط الوطيدة مع
المؤسسات المالية الدولية، يلعب دوراً هاماً فى النهوض بالقدرات الاستثمارية
للبلاد، وتحديث السوق المالية، ولذلك سارعت أوزبكستان للعضوية فى بنك التنمية
الآسيوى منذ أغسطس 1995، وتم افتتاح مكتبا تمثيليا للبنك فى أوزبكستان عام 1997،
حيث تعتبر أوزبكستان المساهم الخامس عشر الأكبر بين الأعضاء الإقليميين لبنك
التنمية الآسيوي، وخلال هذه الفترة الماضية (10).
كان بناء سياسة خارجية مستقلة من أكبر
التحديات التي واجهتها أوزبكستان بعد الاستقلال، فقد كانت أوزبكستان ومؤسساتها
محرومة من إمكانية إقامة علاقات خارجية مباشرة ومستقلة، ولم يكن للبلاد أي دور في
العلاقات التجارية الخارجية التي توفر العملات الصعبة للبلاد، ولم يكن يسمح لها
بالاضطلاع على الجهات التي كانت تذهب إليها الثروات والموارد الطبيعية ومشتقاتها،
ولذلك نالت أوزبكستان استقلالها ولم تكن تملك أي مؤسسة للسياسة الخارجية، كما لم يكن
لها جهازها الدبلوماسي الكافي، إضافة لندرة المتخصصين بالعلاقات الاقتصادية
الخارجية، في ظروف لم يكن لديها أي معهد لإعداد مثل هذه الكوادر.
ولذلك عملت القيادة في طشقند منذ الأيام
الأولي للاستقلال علي البدء من نقطة الصفر لتعزيز شخصية أوزبكستان على الساحة
الدولية، وإثبات وجودها كعضو كامل الأهلية أمام المجتمع الدولي، في رأس زاوية
الأفضليات للسياسة الخارجية الأوزبكية، وفي تحديد اتجاهات المبادئ الأساسية وذلك
علي النحو التالي:
أولاً: الأخذ في الحسبان المصالح
العليا المشتركة، وأفضلية المصالح القومية والحكومية، وعدم الرغبة في الدخول تحت
هيمنة أو تأثير أي دولة عظمى.
ثانياً:
إعطاء الأفضلية للقيم الإنسانية في العلاقات بين الأفراد والدول، فرغبة أوزبكستان
الدخول إلي الساحة الدولية من أجل تعزيز السلام والأمن، ومن أجل تسوية الخلافات
بالطرق السلمية، وجعل منطقة آسيا الوسطي منطقة خالية من الأسلحة النووية، وعدم
المشاركة في العدوان، أو الدخول في اتحادات أوأحلاف عسكرية، مع احترام أوزبكستان
لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، وحقوق الإنسان، وعدم الاعتداء، والامتناع عن
استخدام القوة والتهديد بالقوة لحل الخلافات.
ثالثاً:
السياسة الخارجية لأوزبكستان قائمة على مبادئ المساواة والمصالح المشتركة، وعدم
التدخل بالشئون الداخلية للدول الأخرى، والمساواة مع الآخرين.
رابعاً:
إتباع مبدأ الانفتاح في السياسة الخارجية، بغض النظر عن الإيديولوجية، والمساهمة
في إقامة علاقات خارجية واسعة مع كل الدول المحبة للسلام.
خامساً:
أوزبكستان المستقلة الفتية، التي أقامت نظاماً قومياً قانونياً، يعترف بأفضلية
مواثيق القانون الدولي داخل الدولة، دون أن تفقد الملامح الخاصة بها، خلال
انخراطها في المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت فأوزبكستان تحترم القوانين الأعراف
الدولية.
سادساً:
أوزبكستان تتمسك بإقامة علاقات خارجية ثنائية وجماعية، انطلاقاً من مبدأ الاحترام
المتبادل، وتعميق التعاون ضمن المنظمات الدولية (11).
لقد استطاع إسلام كريموف كأول رئيس
لجمهورية أوزبكستان الحديثة، يعيد تأسيس دولة عصرية مستقلة، حيث عمل إلي جانب
النهضة الاقتصادية التي حققها في البلاد أن ينشئ مؤسسات ديمقراطية ونظام سياسي متطور
يراعي التوازن بين السلطات السياسية والقضائية والتشريعية، إلي جانب أنه حافظ علي
الهوية الأوزبكية، حيث تم ترميم أضرحة العلماء الذين أسهموا بقدر وافر في
الحضارتين الإنسانية والإسلامية، إلي جانب تطوير المعالم الأثرية والتاريخية التي
تعد ذاكرة للأمة ومركز اعتزازا وفخر لشعب أوزبكستان، ومن ثم فقد استطاع الرئيس
الراحل إسلام كريموف أن يؤسس لدولة عصرية وتعزيز أردانها ودعائمها القوية،
دولة تراعي القيم الدينية والتقاليد القومية لشعب أوزبكستان، الي يفخر ببلاده
الفتية الآن التي تسير بخطي ثابتة نحو التطور والازدهار.
___________________
المصادر:
(1) أوزبكستان ومنابع الحضارة الإسلامية - أحمد
عبده طرابيك - دار النبلاء للابداع الثقافي - الطبعة الأولي 2017 - القاهرة.
(2) التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان
- لطف الدين خوجاييف - ندوة "أوزبكستان : 23 عاماً علي الاستقلال"
- 4 سبتمبر 2014 - سفارة أوزبكستان - القاهرة.
(3) أوزبكستان متعددة القوميات: النواحي
التاريخية والديموغرافية - عطا ميرزاييف، جينتشكه ف، مرتزاييفا ر
- دار أبو علي بن سينا - طشقند 1998.
(4) إحياء تراث أوزبكستان بين الأمس واليوم - د
. محمد البخاري - مجلة الفيصل - العدد 318 - ذو الحجة / فبراير 2003 - الرياض.
(5) مكتسبات أوزبكستان بعد الاستقلال - بختيار
عبد الصادق - ندوة " 26 عاماً علي استقلال أوزبكستان " - 7 سبتمبر 2017
- سفارة أوزبكستان - القاهرة.
(6) أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات
الاقتصادية - الرئيس إسلام كريموف طشقند - 1995 .
(7) التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان
- لطف الدين خوجاييف - ندوة "أوزبكستان : 23 عاماً علي الاستقلال"
- 4 سبتمبر 2014 - سفارة أوزبكستان - القاهرة.
(8) مكتسبات أوزبكستان بعد الاستقلال - بختيار
عبد الصادق - ندوة "26 عاماً علي استقلال أوزبكستان" - 7 سبتمبر
2017 - سفارة أوزبكستان - القاهرة.
(9) المشرق العربي وأوزبكستان: شراكه على طريق
التقدم والمصلحة المتبادلة - سرفار جان غفوروف - مجلة الدبلوماسي الدولي
الأسبوعية المتخصصة - العدد 19 - السنة الثانية - يناير 2001 - القاهرة.
(10) من أجل تعاون سياسي واقتصادي أعمق بين
أوزبكستان والدول العربية - د. سرور جان غفوروف صحيفة الاتحاد - 29 يناير
2001 - أبو ظبي.
(11) أوزبكستان والمجتمع الدولي - أحمد
عبده طرابيك - مؤتمر " أوزبكستان: رؤية نحو المستقبل " - جامعة القاهرة
- 15 ديسمبر 2013 - القاهرة.